نبيل الحيدرى
ليس كل علم علما فما يحسبه البعض علما، قد يحمل جهلا مركبا فيجهل بجهله ويتوهم علمه (رب عالم قتله جهله). فللعلم الدينى شروطه:أساس عالم الدين هو خوف الله وخشيته وروحانيته الى درجة قوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، والحديث (إذا نظرت الى العالم تذكرت الله لورعه وتقواه)وضرورة مطابقة أقواله أفعاله، قال تعالى (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون)، وفى الحديث النبوى (العالم من شهدت بصحة أقواله أعماله). فالأسلام طلب منا أن نقارن أقواله بأعماله وسلوكه، لمعرفة صدقه ومصداقيته. فما أكثر من يتاجر بالدين، كما حذرنا الرسول فى آخر الأزمنة. رأينا البعض ممن يتحدث عن التقوى والزهد، لكنه أحرص الناس على الدنيا والتكالب عليها من المال والجاه والنساء.من آفات العلم هو العجب (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، فقد كان بعض رجال الدين يتحدث عن كل الأمور بجهل رغم عدم معرفته وعدم اختصاصه. وكتب بعضهم (بما لامزيد عليه) توهما منه أن لايأتى أحد بعده فيمكنه أن يضيف على البحث شيئا. الحقيقة سعة العلم وآفاقه، قال تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، وقال الإمام السجاد(ع) (أنا الجهول فى علمى فكيف لاأكون جهولا فى جهلى)، وقال إفلاطون (علمت أننى لاأعلم شيئا) وقال نيوتن (إن علمى بالكون أقل من علم طفل يلعب بالحصى جنب الشاطئ). وكلما تواضع العالم رفعه الله وحاول تطوير نفسه، أما إذا ظن أنه العالم الذى لايغيب عنه شئ فسيتخلف ولن يسع للتعلم والإستزادة، خاطب الله نبيه (وقل رب زدنى علما)، وفى الحديث (من ظن أنه قد علم فقد جهل). كما أن من سماته التواضع، وقد كان رسول الله من تواضعه أن يجلس آخر المجلس ولم يتميز عن غيره بالمكان ولا اللباس ولاغيرها، ولايعرفه الغريب فيسأل عنه: (أيكم محمد؟)من صفات رجل الدين المهمة رفض الظلم الذى يتحول الى ظلمات يوم القيامة، قال الإمام على(ع) (أخذ الله على العلماء أن لايقاروا على كظة ظالم ولاسغب مظلوم). قصة رائعة توضح البون الشاسع فى المبادئ والأخلاق بين من هدفه الدنيا ومن هدفه الآخرة، حيث بعث الخليفة أبو جعفر المنصور الدوانيقى الى الإمام الصادق(ع) قائلا (هلا تغشانا وتزورنا كما يزورنا غيرك)، قال الإمام (ليس عندى من الدنيا ما أخافك عليه، وليس عندك من الآخرة ما أرجوك فيه) فقد كان الإمام زاهدا فيما يملكه من حطام الدنيا. فسأله المنصور (تصحبنا لتنصحنا)، فأجابه الإمام (من أراد الآخرة لايصحبك، ومن أراد الدنيا لاينصحك)، وهى نصيحة قيمة لرجل الدين بين الرسالية والإنتهازية. ومن وصايا الإمام الصادق(ع) (كونوا لنا زينا ولاتكونوا علينا شينا) من خلال السلوك والإلتزام والأخلاق والخدمة (خيركم من نفع الناس) بل طالب الإسلام بالإيثار (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). وقد كان الأئمة يحملون على ظهورهم المساعدات لتفقد المحتاجين ويوزعونها على بيوتهم دون معرفتهم، كما يسافرون مع الغرباء ليقوموا بخدمتهم طوال السفر كما يعملون أشد الأعمال وأصعبها نيلا فى رضا الله تعالى وخدمة المحتاجين.ينبغى أن يكون رجل الدين على درجة من التقوى والإيمان والزهد وتطليق الدنيا، ولنا فى الأنبياء والأئمة والأولياء أمثلة رائعة. منها الإمام على(ع) الزاهد الذى اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصين لايقدر على أكلها حتى قنبر،كما يشرح فى نهج البلاغة زهد الأنبياء:(ولقد كان لكم في رسول الله الاسوة، إذ قبضت عنه أطرافها ووطئت لغيره أكنافها ، وفطم عن رضاعها ، وزوى عن زخارفها . وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله حيث يقول : (رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) ، والله ما سأله إلا خبزا يأكله ، لانه كان يأكل بقلة الارض ، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه ، لهزاله وتشذب لحمه . وإن شئت ثلثت بداود صاحب المزامير ، وقارئ أهل الجنة فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده ، ويقول لجلسائه : أيكم يكفيني بيعها ! ويأكل قرص الشعير من ثمنها . وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام ، فلقد كان يتوسد الحجر ، ويلبس الخش ، ويأكل الجشب ، وكان إدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر وظلالة في الشتاء مشارق الارض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الارض للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يذله ، دابته رجلاه ، وخادمه يداه) نعم كان يعمل جميع الأنبياء من كد يمينهم وعرق جبينهم. كان آدم مزارعا، ونوح نجارا صنع السفينة، وإدريس خياطا، وإبراهيم بزازا تاجرا بالقماش، وداود حدادا، وزكريا نجارا، وإسحق ويعقوب وشعيب وموسى عليهم السلام مزارعين، ولقمان خياطا، والنبى محمد(ص) راعيا للغنم ثم تاجرا بأموال خديجة. كذلك كان الإمام على مزارعا، وأبو بكر وعثمان وطلحة بزازين، وعمر دلالا...لم يكونوا يأخذون حقوق الناس بلا تعب وكد ليشتروا القصور والبيوت العظيمة والحياة المرفهة من أموال المحرومين وبيت المال. كيف تحرف الدين وانحرف الكثير من رجاله؟ بل كيف لايستفيد بعض العلماء من علمهم؟ لأن العلم يحتاج الى أمور تصونه، منها التقوى والورع، وإلا صار وبالا عليه، كما قال الله تعالى فى علماء الأمم السابقة (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) وقصة العالم بلعم بن باعورة فى القرآن واضحة (واتل عليهم نبأ الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد الى الأرض واتبع هواه، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث). لأنهم كانوا يحملون العلم بلا تقوى. وقد قال النبى(ص) (من ازداد علما ولم يزدد تقوى، لم يزدد من الله إلا بعدا) (يشكو أهل جهنم من نتن رائحة عالم السوء فى قعر جهنم). قال الشاعر: لو كان فى العلم دون التقى شرف لكان أشرف خلق الله إبليسخصوصا عندما يدخل بعض رجال الدين فى دنيا الحكم والسلطة ليتحول بعضهم الى وعاظ السلاطين والطاغوت متناسين كل القيم الإسلامية من الزهد والتواضع وخدمة الناس...هكذا تغير السلطة نفوسا كثيرة. هنالك منهم من غيرته السلطة وقلبته رأسا على عقب فالداعية صاحب العمامة الوردية فى الدانمارك سابقا واليوم فى البرلمان مثال صارخ على هذا الإنقلاب.ومنهم من كان يتظاهر بالتقوى ويعظ بها، ولكن له سوابق كثيرة خلافها، وتنطبق عليه كثير من المواصفات أعلاه من الجهل المركب وحب المال والسلطة والجاه والغرور والتكبر والظلم والطغيان والفساد وعدم التقوى والورع كالشيخ عبد.ح.ر. مستشار المالكى للحوزة والحاكم فى مكتبه، اليوم يمتلك الشركات والفنادق والمليارات من أموال العراق فى دولة الفرهود، وحصل فى اجتماع الحزب الأخيرعلى رقم 11 ويلقبه الدعاة بمعاوية وقد سرق أيام الإنتفاضة عام1991 الملايين والجوازات الى أرومية ثم قم... كذلك رجل دين آخر قيادى فى الدعوة ومستشار رئيس الوزراء الثقافى وقد تجاسر وتطاول مرارا على مقامات الأئمة كعلى(ع) وخلافته، والحسين(ع) وشعائره، والحسن(ع) وصلحه، والأنبياء(ع) وعصمتهم، والزهراء(س) ومظلوميتها ...
وصلت به الجسارة هذه المرة أن يتجرأ على مقام الإمام الصادق(ع)، فقد استحوذ على جامعة كبيرة (جامعة البكر سابقا) فى مساحة 18000 متر مربع وفى منطقة من أغلى مناطق بغداد العاصمة. ليسرق الجامعة الكبيرة وهى ملك عام ويتجاسر بتسمية السرقة الحرام باسم الإمام الصادق(ع). (إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد فكونوا أحرارا فى دنياكم)عجبا والله، فإذا كنت لاتؤمن بالله ربا ولا بالإسلام دينا ولا محمد نبيا، فلماذا لم تسمها باسمك الشخصى أو باسم رئيسك الحزبى، دون الجسارة والتجاوز والتطاول وسوء الأدب الذى اعتدت عليه، على مقامات الأئمة حيث باسمهم تحكمون اليوم وأنتم أعدى أعدائهم. الإمام الصادق(ع) رمز للخير والصدق والحق والتقوى والحب والمساواة والعدالة والإخلاص والقيم والمبادئ لا السرقة والظلم والإختلاس. يدعى أولا أنها تابعة للحوزة العلمية وللمرجعية العليا كذبا وزورا. والمرجعية تنفى ذلك بوضوح فيتضح أن المرجعية لاعلاقة لها بالجامعة من قريب أو بعيد
. حقا فقد اعتاد الدعاة وقياداتهم على الكذب على المذهب والأئمة والمرجعية ولهم باع طويل وتاريخ كبير فى وسوريا ولبنان وإيران ولندن وغيرها. وبحماية دولة الفرهود يستولى على الجامعة لأن رئيسه يمنع النزاهة عن المحاسبة، رغم وصول الملف إليهم، ويهددهم مدعيا حماية المذهب الجعفرى. هل التجاسر على الإمام الصادق(ع) والعياذ بالله حماية للمذهب؟! هل تكون حماية المذهب بسرقة أموال الشعب والدولة الى جيوبكم الخاصة ومصالحكم الشخصية؟ّ هل حماية المذهب بتجييع وحرمان أبنائه لتسرقوا المليارات من حقوقهم؟! هل اختصرتم المذهب كله ليدور مدار مصالحكم الشخصية الأنانية فقط ويبقى الشعب محروما جائعا؟! هل لكم قرآن غير قرأننا ونبى غير نبينا ومذهب غير مذهبنا؟؟!!ننصح السراق من السيدين والشيخين قيادة الدعوة فى الوسط والجنوب بخلع عمامة رسول الله وإرجاع أملاك الشعب التى سرقوها إليه، فالإمام الصادق(ع) برئ من الظالمين والسارقين والفاسدين الذين استحوذوا على أموال الشعب وقوته وممتلكاته.والسؤال الذى يطرحه المواطن اليوم هو، هل تحول المتجاسر الفاسد الى خير الله طلفاح جديد، والأرحام الى عدى وقصى، والحاشية الى عبد حمود وعزة أبو الثلج، وحزب الدعوة الى حزب البعث الذى يقلدونه، والرئيس الى قائد الضرورة؟فلينتظروا إذن المحكمة الإلهية ومحاكمات الشعب وإرجاع حقوق الشعب اليه فلن تنفعكم كل وسائلكم فى الدفاع عن الفاسدين والمفسدين وتهريبهم خارج البلاد. ولكم 11 عضوا فقط فى البرلمان، وبيتكم ضعيف (إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) ولم يتحالف معكم أحد حتى من كان معكم فى انتخابات المحافظات بالأمس القريب، وقد غدرتم بمن تحالفتم معه، فالغدر سجيتكم والكذب طريقكم، ولكن حبل الكذب قصير ولايحيق المكر السئ إلا بأهله. قال الله تعالى(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون) (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا فى الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (ألا لعنة الله على الظالمين)(ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد. وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد)
https://telegram.me/buratha