نبيل الحيدرى
ضرب الإمام الحسين(ع) مثالا رائعا فى القيم والمبادئ والإنسانية والعزة والكرامة التى تحتاجها الأمة فى إصلاح واقعها وقيمها الأخلاقية. قال الإمام الحسين(ع) (ما خرجت أشرا ولابطرا ولاظالما ولا مفسدا ولكن خرجت لطلب الإصلاح فى أمة جدى رسول الله) على خطى الأنبياء كما ذكر القرآن الكريم (إن أريد إلا الإصلاح). إصلاح الجانب الإجتماعى والسياسى والإقتصادى والفكرى والأخلاقى... لذلك صار الحسين رمزا للمصلح الذى يريد أصلاح الواقع. وقد اقتدى به واستلهم من نهجه العظماء عبر التاريخ. والتاريخ يكرر نفسه من خلال المواقف والمبادئ.
رفض الحسين بيعة يزيد لكونه ظالما فاسدا واعطى صفات الحاكم العادل (الحاكم بالكتاب القائم بالقسط) و(مثلى لايبايع مثله) واعتبر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبا شرعيا (أريد أن آمر بالمعروف وأنه عن المنكر). مبدءان عظيمان يحققان خير الأمة وعزتها (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وبدونه تكون الأمة ذليلة. فقد رفض الإمام الحسين الظلم والسلطة الظالمة داعيا الى المساواة والعدالة ولم يؤثر أرحامه بمكاسب دنيوية ولم يحفظهم فى بيوتهم بل قدمهم قرابين للشهادة كأخيه العباس وابنه على الأكبر وابن أخيه القاسم، رافضا الفاسدين من أرحامه، منطلقا من قول الله (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)، وعلى نهج والده أمير المؤمنين(ع) الذى حمى حديدة لأخيه عقيل لأنه أراد شيئا بسيطا من بيت المال رغم حاجته.الشهادة أمنية للحسين(ع) فى رفض الظلم ومقارعته (إنى لاأرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا شقاءا وبرما) (من لحق بى فقد استشهد، ومن لم يلحق لم يدرك الفتح) (كأنى بأوصالى تقطها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء)
الحسين يقف مع الفقير والمظلوم والمستضعف فقد وضع خده على جون،تطبيقا لوصية والده الأمير(ع) له ولأخيه (كونا للظالم خصما وللمظلوم عونا). وقد خطب الأمير(ع) خطبة الجهاد العظيمة وهو يرى امرأة ينتزع حجلها ولايدافع عنها أحد (وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والاخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعاثها ما تمنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلا منهم كلم ولا اريق له دم فلو أن امرء ا مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما بل كان عندي به جديرا)،لذلك لا يرى على(ع) جواز السكوت على مظلومية المرأة البسيطة وعدم نصرتها، فكيف حالك ياعلى لو رأيت الآلاف من النساء تسرق أموالهن وحقوقهن ممن يدعى الدين والإيمان والإنتساب إليك ليحولها الى جيبه ومتعلقيه...حقوق ملايين الأرامل والأيتام والفقراء والمهجرين والمشردين تذهب الى حفنة من الإنتهازيين والمتسلقين والعملاء.
إذا سرق شخصا رجلا نسميه سارقا وقد يحكم بقطع يده منعا من تكرار السرقة، فكيف بمن يسرق قوت الملايين من الفقراء والمحتاجين والأرامل واليتامى، ليؤسس القصور والفنادق والمؤسسات والعقارات. هذه أموال ملطخة بالدماء لو كانوا يعقلون. وكيف برجل الدين القيادى الداعية وهو يستحوذ على المليارات والجامعة العراقية ليحولها لملك خاص بمبلغ زهيد يمنع المالكى النزاهة من محاسبته بحجة اسمها جامعة الإمام الصادق(ع) وتنتسب الى التشيع. وهل يقبل الإمام الصادق(ع) بذلك؟ كلا والله برئ من السرقات وحاميها. وقد قال الإمام على(ع) (أيها الناس أنا رجل منكم لى ما لكم وعلى ما عليكم. وإن كل مال أعطى من مال الله فهو مردود الى بيت المال ولو تزوج به النساء وملك به وفرق فى البلدان، لرددته الى بيت المال فإن الحق لايبطله شئ وفى العدل سعة) (لو أعطيت الأقاليم السبع بماتحت أفلاكها على أن أعصى الله فى نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت) (لعل فى الحجاز أو اليمامة من لاعهد له بالشبع ولا طمع له بالقرص) وقال الحجاز أو اليمامة لأنها أبعد مكان فى خلافته ولايمكن وجود فقر فى العراق فقد واسى على نفسه مع أفقر الناس. وقد رأى الإمام على(ع) مسيحيا يستجدى' فتعجب وأخذه الى بيت المال ليغنيه.
وقال فى أول خلافته (جئتكم الى الحكم برحلى وراحلتى فإن رحلت عنكم بأكثر من ذلك فأنا خائن للإسلام والمسلمين) (ما رأيت نعمة موفورة إلا والى جنبها حق مضيع) (ما جاع فقير إلا بما متع به غنى) بعض الأحزاب الدينية الحاكمة اليوم فى العراق التى حرمها الشهيد الصدر وطلب من تلاميذه الخروج منها. كان البعض يلقب الشهيد الصدر ب (السطل) إهانة وحقدا وهاهو يتاجر بدمه فى المنابر.
خرجت قيادات من بعض الأحزاب وصعدت أخرى همها الصعود لتتسلق فى القيادة وأولادهم منعمون فى دول الرخاء واليوم فى مناصب متميزة قى السلطة رغم عدم الكفاءة وتزوير الشهادة بينما المستضعفون يقدمون قرابين وضحايا والكفاءات النزيهة تهمل وتطرد. هوة واسعة بين بعض القيادات التى لم تعرف فى حياتها المحنة والتضحية لاهى ولا أولادها، وبين القاعدة الطويلة المحرومة والمضحية فى قوافل من الشهداء والمعوقين. اليوم قيادات تتاجر بالدماء وبالشهداء، قد ضربت رقما قياسيا فى الفساد والظلم والطاغوتية والجبروتية فى فترة قصيرة مستخفة بكل القيم والمبادئ والعدالة والفقراء وقوافل الشهداء، وحتى الإسلام والشعائر الإسلامية والشعائر الحسينية والتى طالما حاربتها واستهزأت بها.
كيف يتعامل البعض مع خصومهم السياسيين؟ لماذا لم يصادق على قانون الأحزاب وتمويلها وحركتها؟! ألم يحط البعض أنفسهم بالفاسدين الإنتهازيين المطبلين لهم والمستعدين لكل الأعمال القذرة فى تصفية خصومهم واتهامهم بالبعثية وغيرها. من أخطر المنكرات هو التحريف للدين وقيمه وتأسيس البدع وقلب الحقائق والأخلاق وجعل المنكر معروفا والمعروف منكرا وتبرير الظلم والفساد والذلة. وهذا ما حذر منه النبى الكريم(ص).
هل صار البعض وأولادهم وأرحامهم غير الكفوئين ولا النزيهين بالشهادات المزوة والفساد يستأثرون بالمال العام ليمتلكوا القصور والصفقات والعقارات مع السفرات وكل الإمتيازات من بيت المال على حساب الشعب المحروم من أبسط الحقوق والمسلوب ماله وبلده. فلماذا حمى الأمير(ع) الحديدة لأخيه؟ ولماذا قدم الحسين(ع) أبناءه للشهادة؟كربلاء رمز لكل الأحرار والأبطال والمظلومين وتبقى حرة وضاءة فى التاريخ .. إنها لكل البشرية..تعلم منها الثائرون، يقول غاندى(تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر).
إنتخابات محافظة كربلاء رفضت حزب الدعوة الذى كان يحكمها، رغم استغلال الحزب للدولة ومؤسساتها ودفع الأموال الضخمة وتسقيط الآخرين والمتاجرة بالأمن والدماء خصوصا باسم دولة القانون والتعاقد مع شركات إعلامية بملايين دولارات الدولة، والعمالة والتحالفات المشبوهة والرشوات واستغلال الصحوات والعشائر والتزوير والتخويف والإغراء ووسائل كثيرة غير مهذبة...كما فعل فى انتخابات المحافظات؟ لكنها لم تنفع مع كربلاء لأن كربلاء أعظم مما تتصور!!!
والسؤال المهم هل تتكرر ظاهرة كربلاء، ويكون العراق كله كربلاء فى الإنتخابات القادمة ليرفض الحزب الحاكم وقائد الضرورة الذى يتاجر بالدين والشهداء فى امبراطوريات على حساب الشعب المحروم حيث يحاول إذلاله عند مطالبته بأبسط حقوقه؟ يبقى العراق والعراقى عزيزا كريما رغم كل الآهات والآلام وقوافل الشهداء والمحرومين.ما يحتاجه العراق هو قيم الإمام الحسين(ع) ومبادئه ضد الظالمين والفاسدين لتحقيق العدالة والمساواة والرخاء والخير والأمان والمحبة. الحسين(ع) رمز الكرامة والعزة رافضا الذلة بكل أنواعها (هيهات منا الذلة) (والله لاأعطيكم بيدى إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد) فلتكن الإنتخابات المصيرية القادمة كريمة عزيزة شريفة حتى يذهب الشعب لينتخب الكريم العزيز الشريف المخلص للشعب والوطن والكفوء النزيه الذى يرجع الحقوق لأهلها ويتشرف بخدمة المواطنين حيث يعيش المواطن بكرامة وعزة واحترام.
https://telegram.me/buratha