محمود الربيعي
مجزرة كربلاء.. جريمة بكل أبعادها الإنسانية والمجتمعية.. لقد شاءت الظروف أن ترتكب هذه المجزرة على يد عصابة جاهلة، مارقة عن الإسلام، ومتعصبة، إنتقامية، طاغوتية، جبروتية هي من قمة عشاق الوثنية، والمال، والثروة، والسلطة، والخمر، والنساء.لقد عمدت تلك العصابة إلى إنتزاع الحق الشرعي من يد المؤهلين لقيادة الأمة الذين يريدون للأمة ان تجتنب مخاطر الشرك والظلم والضلال، و تلك القيادة الشرعية وطبق الموازين الشرعية هي الإمتداد الطبيعي للنبوة والرسالة في دولة إسلامية ناشئة خطط لها الخالق العظيم معالم طريقها بحكمة وإحكام بعد أن أنقطعت النبوة وختمت الرسالات.وكان الأجدر بهذه الجماعة المجرمة أن تفخر بأن نبيها جاء من أمتها ولأجلها، لكن تلك المجموعة الطاغية وبسبب نزعتها العدوانية سددت ضربتها ورماحها وسيوفها الغادرة الى صدور قوم مؤمنين، وكان هدف هذه الفئة الباغية تقلد الحكم والسلطة في دنيا خداعة غَرور ماأسرع زوال نعيمها.وهؤلاء المجرمون في معركة الطف هم أنفسهم من نفس الشجرة التي عزمت من قبل على الإنتقام من رسول الله صاحب الرسالة (محمد صلى الله عليه وآله وسلم)، وأما آباء مجرموا الطف فهم أنفسهم قد حاربوا رسول الله، وقاتلوه ونصبوا له العداوة، ويومها كانوا قدخسروا أعزاء لهم من بني أمية في تلك المعارك.وفي معركة الطف يريد الأبناء من هذه الشجرة الملعونة في القرآن الإنتقام لآبائهم بقتل الإمام الحسين عليه السلام وخاصَةَ أهله وأصحابه عن طريق القيام بأفعال جاهلية قل نظيرها في التاريخ يبغون من وراء ها القضاء على الدين الجديد والتخلص من قادته الشرعيين.لقد شاءت الإرادة الإلهية في عالم الإمتحان أن يَرى الإمام الحسين عليه السلام ولده الرضيع مذبوحاً بسهام الأشرار الذين تَنَكّروا لكل المبادئ الإنسانية والقيم والأعراف المجتمعية.فبربكم هل سمعتم أن أمة إرتدت على إمامها، وأسرة نبيها بهذه الطريقة البشعة الغريبة! لقد كانت هذه الجريمة سابقة خطيرة حيث لم يشهد التاريخ لها مثيلاً وبهذه الأبعاد والمقاييس.. فهي جريمة مهدت لجرائم، وفتحت الباب أمام المجرمين في كل عصر أن يعيدوا مثلها في كل مكان من دون ورع أوخوف من الله وبعد أن أتخذوا سنة يزيد سُنَةً لهم، وتنكروا لسُنَةِ الله ورسوله.لقد فعل هؤلاء المتمردون مالم تفعله أية أمة بنبيها ولم يرعوا إلاّ ولاذمة، ولاحرمة لرسول الله، ولا للمبادئ، ولا للأعراف، ولا ولا ولا...، فأنتهكوا بذلك حرمة الإسلام، وحرمات رسول الله.. وهل هناك جريمة أعظم من هذه الجريمة التي سُبِيَتْ فيها نساء أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة! وهل هناك جريمة أكبر من سبي ذريته الطاهرة ليبقى ذلك العار يلاحق تلك الأمة وقد نسي ذلك الأمر الكثير من الغافلين؟ولقد أظهر الأشرار في كربلاء قمة تمردهم على القيم والأعراف الإنسانية ومنعوا الماء عن الإمام الحسين وأطفال الحسين ونساء الحسين وأصحاب الحسين وكل من كان مع الحسين من الأخوة والأبناء، وكان نصيب الطفل الرضيع ذلك السهم الذي رماه به حرملة الملعون والذي مزق الطفل من الوريد الى الوريد، ليحرم عبدالله الرضيع من الماء، وليؤلم قلب الإمام الشريف. فياأيها الصبر هل تسمعني؟ وهل سمعت عن صبر أصبرٌ وأكبر من صبر الحسين عليه السلام! وهو يرى بعينه كيف يقتل أبناءه، وإخوته، وكيف تُسبى نساءه، وتُباد أسرته.. فبأي دين وعرف كل الذي جرى على أرض كربلاء، وبأي دين، وأي عرف هذا الذي حدث؟لعن الله أمة قتلت الحسين، ولعن الله أمة ظلمت الحسين، ولعن الله أمة أسرجت وألجمت وتهيأت وتنقبت وتوعدت لقتاله، نبرأ الى الله منهم ومن أفعالهم وأعمالهم وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم العن العصابة التي قتلت الإمام الحسين وقتلت أصحاب الحسين وسَبَتْ أهل بيت رسول الله، اللهم العنهم جميعاً، اللهم العنهم جميعاً.. والعن كل من رضي بفعلهم وقولهم وسعى الى إحياء أفعالهم.. اللهم عجل بفنائهم.. اللهم عجل بإصلاح الأرض من الفساد، وأملئها قسطا وعدلاً بعدما ملئت ظلما وجورا، وأشف صدور قوم مؤمنين.اللهم ظهر الفساد في البر والبحر، وأنتشر الظلم في كل مكان.. وعبادك وخلقك ينتظرون إذنك لتطهير هذه الأرض من جبابرتها وطغاتها ومفسديها، فأظهر اللهم كلمتك فإن كلمتك هي العليا، وأجعل كلمة المجرمين في أسفل سافلين فإنها هي السفلى.. أنك قادر على ماتشاء، إنك على كل شئ قدير.
https://telegram.me/buratha