المقالات

دا سيدنا الحسين ولولاه ما كانش فيه إسلام

1144 00:35:00 2009-12-22

بقلم: فيصل الدويسان

دا سيدنا الحسين ولولاه ما كانش فيه إسلام

 

 

إن اصطحاب الحسين عليه السلام لأولاده ونسائه ورجال أهل بيته وأصحابه القليلين ليستشهد على أرض كربلاء كان لإرشاد الناس إلى الإسلام المحمدي الأصيل. في عام 1991م ذهبت لزيارة القاهرة بقصد الدراسة وقررت بمجرد وصولي أن أزور سيدنا الحسين كما يفعل أبناء مصر الذين تقضى لهم الحاجات في ذلك المشهد الشريف، فدخلت تحت قبته المباركة فإذا أنا برجل فارع الطول يرتدي لباس أهل الصعيد يمسك بالحاجز الحديدي للمقام ويصرخ بكل داخله: «دا سيدنا الحسين ولولاه ما كانش فيه اسلام» فاستنكرت كلامه حينئذ وقلت في نفسي ما هذا الغلو؟ الاسلام باق سواء بالحسين أو بدونه، وبقي وجه هذا الرجل وكلامه قرابة 17 سنة في ذهني لا يغيب أبدا.. حاولت أن أفهم المقصود..

 قد يكون الرجل صادقا.. قد يكون كاذبا.. قد يكون مخبولا، لكن ما الذي يجعله بكل قوة وثقة يصيح في وجه الناس بأن الإسلام هو الحسين والحسين هو الإسلام؟ كنت أتساءل على مدى سنوات هل ما يقوله هذا الشخص - الذي لم تمح صورته الأيامُ من بالي- هو الحق؟ وأن الحسين هو الذي أبقى لنا الاسلام باستشهاده؟ وأي اسلام سيبقى لنا لو لم يقم الحسين بثورته في وجه الظلم؟ بعد البحث والدراسة والاستقصاء للتأكد من كلام هذا اللائذ بقبر رأس الحسين في القاهرة وصلت إلى حقيقة مفادها:

 أن الاسلام قد صار اسلامين منذ زمن الحسين..

 إسلام أهل البيت،

واسلام السلطة السياسية.

 فالحسين كان يقدم الأدلة العقلية والنقلية في وجه الجيش الممثل للدولة على أحقية نهضته.. والسلطة السياسية ممثلة بالخليفة معاوية الذي أصدر أمره بولاية عهده لابنه يزيد وأيده الوزراء والأمراء وعلماء الدين التابعون للدولة قدموا كذلك أدلة عقلية ونقلية يبررون مواقفهم تجاه تطويق سبط رسول الله وآل بيته وأصحابه وأطفالهم لمخالفتهم أمر الخليفة السابق معاوية واللاحق يزيد،ففي الواقع معاوية ويزيد هما من يخلفان رسول الله صلى الله عليه وآله وليس حفيده الحسين. فهما يمثلان الشرعية والحسين خارج عن طاعتهما..

 لذا يأمر قائد جيش السلطة عمرو بن سعد بن أبي وقاص جنده بالركوب لقتال سبط آخر نبي على وجه الأرض بقوله: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري، لم يفت علماء السلطة بأن الخارج على الخليفة يجب أن يقتل كائنا من كان، وأن الأحاديث النبوية الشريفة تأمر بذلك وبعبارة واضحة «كائنا من كان» يعني حتى لو كان الحسين.. وأن الخليفة الشرعي برأي الأمة هو معاوية بن أبي سفيان قد أوصى لابنه يزيد من بعده

 فلماذا يعترض الحسين سيد شباب أهل الجنة على معاوية وعلى يزيد اللذين بايعهما الصحابة والتابعون؟.. لماذا شذ الحسين عن الجميع ومعه أيضا بعض الصحابة والتابعين؟

 بلغ بي المنطق العقلي بحصر المسألة في أربعة احتمالات: الأول أن يكون الحسين على حق وأن يكون معاوية وابنه يزيد على باطل وهذا يستلزم بطلان قرار الخليفة معاوية وبطلان حكم يزيد بل وكل الخلفاء بعدهما الذين أخذوا الخلافة غصبا ووراثة دون شورى،

 ألم يقرر مؤتمر السقيفة أن تكون الخلافة شورى، فما حدا مما بدا

!! بدأت ثورة الحسين منذ اعتراضه على مبدأ مبايعة يزيد في المدينة المنورة وأن يزيدا غير كفؤ لقيادة الدولة، وليست كما يصور بعضهم أنها جاءت استجابة لإغراء رسائل أهل الكوفة،

 ثم أين ذهب اتفاق صلح الحسن مع معاوية بأن تؤول الخلافة بعد معاوية إلى الحسن أو أخيه الحسين.

 والاحتمال الثاني أن يكون الحسين على باطل وأن يكون معاوية وابنه يزيد على حق. وهذا مما لا يستقر في قلب مؤمن موحّد ولم يقل هذا إلا قلة من الأمة هم النواصب المعادون لأهل البيت حتى يومنا هذا، ولقد سمعت تسجيلا صوتيا لمواطن خليجي يذكر أنه لو كان مكان شمر بن ذي الجوشن لفعل ذات الأمر ولقتل الحسين بيديه تطبيقا للحديث النبوي «من أتاكم وأمركم جميعاً يريد أن يشق عصا له ويفرق جماعتكم فاقتلوه كائناً من كان» رواه مسلم فقتل الحسين جاء تطبيقا للحديث الصحيح وكما ذكر القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه الذي سمّاه العواصم من القواصم أن الحسـين لم يقتل إلاّ بسـيف جدّه

 وأذكر أن هذا الكتاب قد أوصاني أصدقائي من السلفيين بقراءته عام 1982م فقرأته فأيقنت أن مؤلفه لم يذق طعم الإيمان قط لذا فإني أتمنى أن يتبرأ السلفيون منه حتى لا يتهمهم أحد بأنهم نواصب.

 أما الاحتمال الثالث فهو أن يكون الحسين على حق وأن يكون معاوية وابنه يزيد على حق.. وكلهم مجتهدون مأجورون فقد رجع الخليفة معاوية عن وعده للحسن لأنه اجتهد ورأى أن ابنه أفضل من الحسين للخلافة وتوقع أنه على يد ابنه يزيد سيزيد الخير وستهدأ الفتن لكن الأمة بكت الحسين وبكت واقعة الحرة وبكت قصف الكعبة بالمنجنيق بسبب اجتهاده،

 ولكن لم يخبرنا القرآن عن جبهتين من قبلنا في الأمم السابقة تواجهتا بالسيف وكلتاهما حق.

 والاحتمال الرابع: أن يكون الحسين على باطل وأن يكون معاوية وابنه يزيد على باطل. ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان كلتا الجبهتين طامعة في الدنيا لا الآخرة..

 فأما الحسين فيكفينا في بيان أنه هو الإسلام والإسلام هو ما جاء في صحيح الترمذي:قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط». والراوي هنا: يعلي بن مرة صحيح – المحدث هو الألباني والمصدر: صحيح الجامع وقد قال تعالى: {وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا} (النساء 163)، وقال: {وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى} (البقرة 136). وتأمل قوله تعالى: {وأوحينا}.. {ما أُنزل}.. لنتيقن أن الأسباط هم الأنبياء مِن ولد يعقوب الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة حسب التفسير الميسر الذي أصدره مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله يعتبر الحسين سبطا من الأسباط أي نبيا من أنبياء بني اسرائيل الذين جاهدوا في الله وقتلهم بنو اسرائيل رفضا للحق فضلا عن نسب نفس النبي الشريفة إليه « وأنا من حسين».. فقد وصلت إلى حقيقة ساطعة وهي أن اصطحاب الحسين عليه السلام لأولاده ونسائه ورجال أهل بيته وأصحابه القليلين ليستشهد على أرض كربلاء كان لإرشاد الناس إلى الإسلام المحمدي الأصيل، عبر التدبر في الاحتمالات الأربعة السابقة، وأيقنت أن قول هذا الشخص من ابناء الصعيد البسيط أصدق من علماء السلطة وأذكى من «أبو الثوابت» الذي يضيق ذرعا عندما نبكي «السبط».. سبط آخر بنت نبي في الدنيا كلها، ولأن دا سيدنا الحسين ولولاه ما كانش فيه اسلام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
صباالعمر
2009-12-22
هذا هو تظليل التاريخ بعينه هذا الرجل وأمثاله هم من ظللهم تاريخ معاوية وأبنه يزيد عليه اللعنه كم مسلم مثل هذا لايزالون يعيشون اوهامأ تاريخية اللسان يعجز احيانأ عن القول لكن هوس التناقضات التي يعيشه البعض من المسلمين وهم الكثر والذين استطاع التاريخ الفاسد ان يلفهم ويظللهم لايمكن ان يدوم وستبقى رايات أئمة اهل البيت مرفوعة لتكشف زيف وزور التاريخ
Talal Almuawie
2009-12-22
Thank you Brother Faisal for your excelent topic Jazak allah on behaf Alhussien wal AlHussien
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك