بقلم أ. د.عادل زاير ألكعبي
ان الخطاب الاسلامي يقدم اليوم الفكر العراقي الحي، والسياسي الوطني بطريقة ظالمة وكأننا في صف دراسي ملئ بالكسالى لا يعرف المعلم (الشعب) من يستحق النجاح.
ان الاعلام في اغلبه في الداخل والخارج فضلا عن شبكات المعلومات الدولية لا يعرف السياسي العراقي الا من خلال كشف العيوب وصب اللعنات على هذا البلد مع توقيت يتيح للعدو اظهار الدولة او المسؤول بأنه وراء الجرائم الدموية المتواصلة ضد الجميع من دون استثناء لأن المسؤول هي فرد من الشعب العراقي واختفت هذه الايام من الساحة الفكرية العقول المحاصرة والمغيبة بسبب الارهاب او عدم وضوح الرؤية ومع ذلك لم يسلم الصامتون لانهم يحبون العراق.
والآن نقول السؤال: كيف نرد على ذلك؟ ينبغي على المسؤول وعلى السياسي ان يعزز دور الخطاب الإعلامي في بناء مؤسسات الدولة العراقية على وفق منهجية مستقلة تعتمد على قوانين تعرف الناس بحقوقهم وواجباتهم قبل الدعاية الانتخابية!
ان الناس في العراق يريدون أمنا مقترنا بمستوى مقبول من العيش الرغيد كي لا ينظروا الى مؤسسة الدولة كأنها قاعدة عسكرية عليهم اقتحامها ومصادرة ما فيها عند حدوث اول ازمة فالحل هو ان نجعل الانسان العراقي صاحب الجنسية الواحدة هو روح المؤسسة الرسمية ومحركها،وليس دمه الزاكي الذي يراق لغايات غير سامية في حلبة الصراع المظلم للمخابرات العالمية والاعلامية.
ان من يسعى الى تقلد المنصب الرسمي ان يكون سياسيا ووطنيا في آن واحد حتى يردم الفجوات بينه وبين الشعب وان لا تظهر الرموز الوطنية والسياسية المتقلدين للمناصب او الساعين اليها كمن يريد ان يحتكر كل شيء لنفسه، بل نراه يغتصب من حقوقهم ليضع في جيبه! لا بد للجمع ان يلتقوا عند المصب الواحد الذي يحكمه قانون لا يخل بالنظام السياسي ويحفظ هيبة الوطن وكرامة الانسان ومن دون ذلك نضطر في كل مرة الى مراقبة ما تم بناؤه ينهار عند اول أزمة وتضع مآزق الثقة ولا تستطع تعويض الخسائر.
كيف نبني الدولة العراقية الحديثة؟
ان الشعوب العريقة تكتسب اصالتها من المخاضات الفكرية التي تمر بها عبر مراحل زمنية مختلفة، وما يبدو في ظاهر الأمر انه انحطاط او تراجع، فهذا لا يعدو الا أمرا طبيعيا في عالم الانسانية، لأن الشعوب لا تموت الا في دستور الله الاعظم.
ان تجديد الفكر الانساني وتعزيز الاثر الحضاري للشعوب يتطلب تقبل الصدمات التي تحدثها الازمات المترتبة على سوء التطبيق للفكر في مرحلة زمنية معينة تنعكس آثارها السلبية على المجتمع عامة.
اننا هنا لا نبحث عن ترميم فكري، ولا ندعو الى هدم اعراف، بل ندعو الى قراءة واعية ناضجة يرتفع بها الفكر الحر غير المقيد بالغايات الخارجية الى قبول حقيقة الانتماء الوجداني الى بلد اسمه (العراق) اولا والى خصوصية الفكر ثانيا، وان نجعل حب العراق منطلقا للبناء الحقيقي ثالث، وندعو الى مشاركة الجميع في هذا البناء رابعا من دوره استثناءات، الا من كفر بحب العراق وعبد إلها آخر على ارضه!
ومن ذلك ان الاطياف والقناديل الملونة في فضاء العراق هي زينة خلقها الله وعلينا ان نقبل بها، اما على المستوى السياسي فهي زينة يملّها الناظر عند وصول اول ركب جديد وأن ما يمر به العراق اليوم من ازمات في ظاهرها صراعات سياسية، او اطماع فردية ا و عرقية بغية الحصول على منافع آنية او مستديمة مع وجود الرموز الوطنية الساعية الى الخير بقلوب بيضاء ليس فيها مرض الجنسية الثانية او الخوف من الجيران حسدا او مراقبة، انما هو تعبير عن نضوج الفكر الحي الراعي الى غيرة حقيقية على معنى الانتماء الوطني.
وتعبير عن عدم وضوح الرؤية الفكرية لما يجري في العراق، ومن عرف آثر السكوت! لأن المسميات السياسية والاجتماعية اريد لها ان تبقى في اطار ما وضع لها من مخططات إقليمية او دولية، غايتها المشتركة ان لا يحب العراقي عراقه ومع ذلك لا يمكننا ان نجزم بالقول ان العراقيين اليوم بلا وطنية تجمعهم، وإلا فما بال الدماء التي تسيل يوميا تمس كل عراقي بغض النظر عن قنديله او شعاره، فالدم العراقي متساو في نظر الارض الصادقة التي سقاها بغزارة!
مفهوم الشراكة في بناء الدولة العراقية
ان لحظات الانطلاق نحو البناء على اسس فكرية متينة تستلزم وجود التفاوت في الفهم والخطوات وهنا علينا ونحن نبني الدولة العصرية الحديثة علينا نتعلم من دجلة والفرات، فهما في تباعدهما يرسمان حقيقة ازلية في البعد الجغرافي هي لا بد من الالتقاء في نقطة المصب الواحد على الرغم من تنوع التضاريس وتعدد الفروع، فلا يوحد في العالم نهران عظيمان يلتقيان في وطن واحد غيرهما فهما مخلصان للعراق ما داما فيه.
فالاخلاص للوطن هو المنطلق في منهجية بناء مؤسسات الدولة العراقية الحديثة التي تحتاج في ديمومتها الى تشريع قوانين تضمن صحة البناء، والتدرج فيه على اساس تلبية متطلبات الشعب الاساسية على مستوى الخدمات مثلا حتى لا تقع في ازمات، تؤخر مسيرة البناء، لأن النجاح الذي تحققه المؤسسة الرسمية في اطار شعبي يكتسب سمات الديمومة ويعطي للمسؤول وضوحا في رؤية الانجاز وصولا الى الغاية الاسمى وإن كان بسبب هذا الامر في بعض مواضعه قلقا لاصحاب الفكر المظلم والحاسدين الذين ينادون بموات الفكر الانساني، على ان الدولة لا تستطيع ان تقدم ضمانات كاملة لحماية الفكر الحر في مرحلة البناء، ولكن على من يقود الدولة ان يدافع عن البناء المتحقق من خلال تغذية الفكر السياسي بالفكر الحي الحر الحب للوطن ووضع الامور في نصابها ليلتقي الجميع تحت خيمة واحدة تسمى العراق .
https://telegram.me/buratha