حامد جعفر صوت الحرية
عدت من بغداد خائبا لما رأت عيني وسمعت اذني من اهمال ورشوة وفساد لم يزل ينحر في المجتمع رغم انتفاء الحاجة اليه كما كان ذلك في ايام صدام السوداء . ذهبت الى دائرة كاتب العدل في الكاظمية لاجراء معاملة .. فما كان من الموظفة خلف الشباك الا ان ترسلني عدة مرات لتصوير الجنسية وشهادة الجنسية وتوابعها عند مصور هناك وكان هذا المصور ياخذ اضعافا مضاعفة مما ياخذه اي مصور اخر في شوارع بغداد من اجور..!! وكنت كلما عدت للموظفة تكتشف ان التصوير ليس بالتسلسل المطلوب وتعيدني للمصور ثانية وثالثة ورابعة, حتى كادت تنفد نقودي..!! وفي النهاية اعادت لي كل الصور لانها اكتشفت انها غير ضرورية ... ياسلام ! وفي نهاية المطاف لم احصل على الاوراق المطلوبة الا بدفع رشوة خمسة الاف دينار للموظفة ام فلان في احدى الغرفتين .. وهكذا حصل في دائرة التقاعد رغم تحذير الدولة من الرشوة وكتابة ذلك على لافتات في الدوائر ولكن لاحياة لمن تنادي .ولما هطلت الامطار , وكان العراقيون يدعون الله ان ينزل عليهم من السماء ماء بعد سنين من الجفاف وقطع دول الجوار لماء الجداول والانهار , اذا بشوارع بغداد تتحول الى خلجان ووحول فما تكاد تعود الى بيتك من رحلة في شوارع بغداد ومحلاتها حتى تكون انسانا من طين من راسك الى قدمك .. ورأيت الناس يلقون بكل شيء على كاهل الحكومة .. اما هم فلا يمدون كفا لخدمة انفسهم وكانهم مشلولون و معوقون..!!رأيت المجاري وقد طمرتها مخلفات البناء وحفريات الدولة .. اما بوابات المنهولات الحديدية فقد سرقت وملأت هذه المنهولات بالازبال من ورق واكياس وحديد وبلاستك وكل ما يمكن ان يرميه بشر . والغريب ان هذه المنهولات لاتبعد في كثير من الاحوال الا بضعة انجات من ابواب بعض البيوت..!! رايت الشباب والمراهقين يتسكعون ويدخنون فقلت لنفسي لو كان بعض من هؤلاء جاء بفاس او مسحاة وكرى المجاري امام بيته وبيت جيرانه وجاء اخرون واخرجوا الازبال من المنهولات لجرت مياه الامطار بسلاسة وقلت الوحول والازبال والاطيان , فما بال هؤلاء لايبالون وينتظرون الدولة ان تقوم لهم بكل شيء..!!
اما الزبالة فحدث ولاحرج, فقد رايت تلالا هنا وهناك والذباب يسرح ويمرح عليها ويتمتع بالوانها ووفرة الطعام فيها , ولما رأيت الناس لايبالون ذهبت بنفسي الى احدى تلال الزبالة وقدحت فيها نارا فاشعلتها وارتفعت فيها السنة اللهب فاحرقت الذباب وبيضه وافراخه واضمحلت الروائح الكريهة وتحول تل الزبالة بعد ساعة الى ركام من رماد وتساءلت لماذا لايفعل الناس ذلك كل يوم لازالة هذه الزبالة وضررها , والامر لايكلف مراهقا او شابا ان يفعل ذلك الا ان يشعلها كما يشعل سيجارته ..!؟ ولكن اقول لاحياة لمن تنادي ..واخيرا وانا اغادر العراق من مطار بغداد , كاد ضابط يحمل نجمة واحدة حليق اللحية والشارب ان يمنعني من المغادرة لان اسمي في الجواز العراقي الصادر من سفارة العراق في بلدي الغربي الذي احسن مثواي يختلف عن اسمي في جوازي الغربي ..!! فحدجته بنظرة الم وقت لنفسي: ام هذا الضابط الشاب لم تكن حاملا به ايام كنا نقاسي من حكم البعث وجلاوزته وغيرنا اسماءنا خوفا على عوائلنا ونحن في المنافي , وهذا ما فعله نوري المالكي والوف غيره من المعارضين ..واليوم يتصدى لمثلي ولا يعرف قدري طفل كهذا حمل رتبة ضابط بالرشوة والمحسوبية..!! فتبا لمسؤول يضع مثل هذا الفتى البليد في موقع مهم وخطير.. ولولا تدخل مدير امن المطار لكان هذا الضابط الطفل يمنعني من الرحيل..!!
واخيرا ادعو رجال الدين اولا والمسؤولين وذوي النفوذ ان يحيوا في الناس الهمم والمسؤولية ويرووا لهم قصص الاجيال السالفة وكيف كان الناس ينظفون شوراعهم ويكنسونها ويرشونها كيلا يتطاير التراب مع هبوب الرياح ومرور العربات ..واقول للعراقيين :لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ..
https://telegram.me/buratha