قلم : سامي جواد كاظم
كثيرا ما يتردد على مسامعنا ان اهل الكوفة هم الذين كتبوا للحسين عليه السلام يحثوه على القدوم اليهم ومن ثم غدروا به من غير التعرض الى تفاصيل اخرى حقيقة لم اسمع خطيب منبر واحد تطرق اليها في حين انها حقائق ترسم صورة حقيقية عن حركة الحسين عليه السلام التي بدأت ثورة وانتهت واقعة وكما ان هذه التفاصيل تزيل وترد كثير من الشكوك والشبهات التي يثيرها ضعاف النفوس على حركة الحسين العظيمة .وصل بنا المطاف ان الحسين عليه السلام في مكة ونتج عن ذلك عزل والي المدينة من قبل يزيد لانه لم يتمكن من الحسين وجعلها بامرة والي مكة عمرو بن سعيد بن العاص وهذا يثبت للملآ نوايا يزيد الحاقدة على الحسين عليه السلام وانه يروم قتله سواء ان نهض ضده ام لا .وكما اسلفت كانت للحسين عليه السلام مراسلات ولقاءات مع اهل العراق وكثيرا ما كان المنافقون يحثون معاوية على عزل الحسين عليه السلام عن اهل العراق لانهم شيعته ، الحسين عليه السلام في مكة وطبقا للظروف التي يعيشها بدأ التفكير الجدي للقيام بثورة لان يزيد لا يستحق ان يقود امة وكل الرذائل تجمعت فيه ، والقائد لابد له من تكوين قاعدة قبل الاعلان عن الثورة وهاهو الحسين عليه السلام يبدأ ذلك وبدأ بالمراسلة مع شيعته .ففي الوقت الذي كانت فيه الكوفة تغلي ضد الطغاة الامويين راسل الحسين عليه السلام اهل البصرة فكتب نسخة خماسية الى رؤوساء اهل البصرة الخمسة وهم مالك بن مسمع البكري والاحنف بن قيس والمنذر بن الجارود ومسعود بن عمرو وقيس بن الهيثم ، اربعة منهم كانت مواقفهم مشرفة باستثناء المنذر الذي كانت بنته زوجة ابن زياد حيث سلم رسول الحسين عليه السلام الى ابن زياد فصلبه في ليلة رحيله الى الكوفة، ولابد هنا الاشارة الى موقف مسعود بن عمرو المشرف والرائع والذي خطب خطاب في قومه يدل على اصالته وموقفه الرائع في نصرة الحسين عليه السلام ، وذكر البعض منهم الذين خذلوا امير المؤمنين عليه السلام في معركة الجمل وحثهم على غسل هذا الخذلان بنصرة ابنه .ففي الوقت الذي بعث الحسين عليه السلام رسالته الخماسية الى البصرة جاءته مكاتيب الكوفة تحثه على القدوم اليهم للبيعة واستلام زمام الامور وانه الامام المفترض الطاعة ، وجاءت كتب الكوفة مرفقة بكتاب سليمان بن الصرد بطل ثورة التوابين وهنا اؤكد على اسم اول من راسله هو سليمان بن الصرد وهذا الرجل وعشيرته لم يخذلوا الحسين عليه السلام ولم يقفوا مع يزيد بل انهم كانوا بين سجين ومحاصر .فقد حبس ابن زياد سليمان بن الصرد ومعه اربعة الاف وخمسمائة من الذين كاتبوا الحسين عليه السلام حسب كتاب تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي وهو من المصادر السلفية وهذا الخبر يرد على من قال ان كل الذين كاتبوا الحسين عليه السلام وقفوا مع يزيد في جيش عمر بن سعد الذي سماه الامام علي عليه السلام صخلة بن سعد بن الوقاص الذي يعتبر احد العشرة المبشرين بالجنة !!!!!.لما جاء هاني وسعيد الى الحسين بكتب القوم سالهم من علم بهذه الكتب فقيل له جماعة منهم حجار بن ابجر وشبث بن ربعي ، وحجار هذا نصراني كان يبغي قتل علي عليه السلام وشبث هذا خبيث حيث خان الامانة . بالرغم من ذلك فقد بعث الحسين عليه السلام ابن عمه مسلم عليه السلام الى الكوفة ليستطلعها وبرفقته كتابه لاهل الكوفة الذين راسلوه يطلب منهم مبايعة ابن عمه مسلم لحين قدومه .لاحظوا تصرفات الحسين عليه السلام في هذه الظروف التي تجري بسرعة ولكنه يتصرف بتاني فقد ارسل ابن عمه ليتاكد قبل تلبية طلبهم من غير تاني واستخارة ، وهذا التصرف هو حجر يلقم فم من يتأول على الحسين عليه السلام ويقول انه رمى بنفسه الى التهلكة ،ولما وصل مسلم الكوفة وعلموا بمقدمه توافدوا عليه بالبيعة زرافات وبعد ما راى ذلك مسلم بعث للحسين عليه السلام يخبره بحال القوم ويحثه على القدوم ، جاء في كتابه ( اما بعد فان الرائد لا يكذب اهله وان جميع اهل الكوفة معك وقد بايعني ثمانية عشر الفا فعجل الاقبال ...) بعد كل هذا ومع الرؤية التي راها الحسين عليه السلام في منامه حيث جده يامره بامر وهو ماض اليه بدأت رحلته نحو الكوفة على ان يلتحق به اهل البصرة حالما يصل الكوفة ويرسل لهم ، ولما عزم الرحيل جمع عياله ومن اراد الرحيل من اصحابه معه ، ولو تجردنا من العلم اللدني الذي يتمتع به الحسين عليه السلام واطلاق الشبهات عنه بانه لماذا اصطحب عياله وهو يعلم بمقتله ؟ هنا جاء اصطحاب عياله للمكوث في الكوفة وقيادة الامة كما قادها ابوه من نفس المكان حيث ان الامر منتهي اليه بعد ما بايعوا مسلم عليه السلام واما قول القائل للحسين عليه السلام بانك ستقتل فاجابه بان الله شاء ان يراهم سبايا أي عياله ، فالقائل من اين علم بانه سيقتل فان قبل قول رسول الله (ص) اذن تكملة نفس القول بان عياله سيسبون .هنا تكمن عظمة الحسين عليه السلام بين الالتزام بالواجب الالهي وعدم اعطاء الحجة للغير بان القوم دعوه فخذلهم وبين علمه بالمصير الذي ينتظره ان ساءت الظروف وان كان البقاء في مكة هو الاسوء من وجهين الاول لان يزيد بدأ يرسل العيون والمنافقين للنيل من الحسين عليه السلام ، والثاني هو عدم نصرة من طلب منه نصرة دين الله عز وجل وهو حجة على الارض يعطي الحجة لكل من ينحرف عن الاسلام ، والذي يتمسك بدينه يكون عرضة للقتل والتنكيل من قبل ابن زياد بتهمة مراسلة الحسين عليه السلام لقلب نظام الحكم كما يفعل حكام العرب اليوم.وماذا جرى في طريق الشهادة الى الكوفة سنتحدث عنه في مجلسنا القادم واخر دعوانا امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ، اللهم صل على محمد وال محمد
https://telegram.me/buratha