احمد عبد الرحمن
فرق شاسع وكبير بين منهج تشخيص مواطن ومكان الضعف والقصر والخلل في بنية الدولة، واداء مفاصلها المختلفة، لاجل المعالجة والتقويم والاصلاح، وتصحيح المسارات، وبين منهج التشهير والاضعاف، والتفتيش عن عيوب ونواقص الاخرين لتحقيق المكاسب السياسية على حسابهم بعيدا عن الحسابات الوطنية العام.ان الدولة-أي دولة-مهما كانت قوتها، من الطبيعي ان تعتريها مكامن ضعف وخلل وقصور وتقصير، وهذا الضعف والخلل والقصور والتقصير يحتاج الى من يؤشر عليه، وينبه اليه، ويطرح الحلول والمعالجات الناجعة له، حتى لايستفحل ويتوسع، وبالتالي يهدد البناءات القائمة في الدولة على اسس صحيحة وصائبة.ولاشك ان دولتنا العراقية المعاصرة، التي تأسست على انقاض اكبر منظومة استبدادية ديكتاتورية شهدها العالم في التأريخ الحديث، والتي مازالت في سني عمرها الاولى، واجهت وتواجه الكثير من التحديات والمخاطر، ولم تتخلص من كل السلوكيات والثقافات والسياقات الخاطئة والمنحرفة التي اوجدها ورسخها نظام البعث الصدامي البائد على امتداد عقود من الزمن.وتبرز تلك السلوكيات والثقافات والسياقات الخاطئة والمنحرفة بأشكال وصور ومظاهر متنوعة، وفي مختلف المفاصل والعناوين.ولان مسؤولية معالجة الاخطاء والسلبيات، والمحافظة على الانجازات والمكاسب، وصيانة الدستور، يمثل مسؤولية تضامنية تقع على عاتق جميع العراقيين، فأنه من الخطأ ان يفهم دائما التأشير والتنبيه على مكامن الخطأ على انه يراد اضعاف الدولة والحكومة، والاساءة الى هذه المسؤول او ذاك.هذه الحقيقة، تحدث عنها وتناولها بشيء من الاسهاب والوضوح رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم في المجلس السياسي الثقافي الاسبوعي.وكان امرا مهما للغاية التوقف عند هذا الامر وتسليط الاضواء عليه وتصحيح الفهم له.فحينما نقول-على سبيل المثال-ان اداء الاجهزة الامنية ضعيفا ودون المستوى المطلوب، ارتباطا بمعطيات وحقائق ماثلة على الارض، فهذا لايعني اساءة للمسؤولين، ولاتقليلا واستهانة بالجهود الخيرة والتضحيات الكبيرة التي بذهلا وقدمها منتسبي الاجهزة الامنية والعسكرية في مواجهة الارهاب وتجنيب البلد منزلقات خطيرة.وحينما نقول-على سبيل المثال-ان الواقع الزراعي او الواقع الصناعي في البلاد يعاني من الضعف، فلا نقصد هنا التعريض بالوزير الفلاني او المسؤول الفلاني، بقدر ما نسعى ان عرض واقع الحال، ولفت الانظار الى ذلك الواقع، وصياغة تصورات ورؤى وافكار يمكن ان تساهم في اصلاحه.وهكذا بالنسبة للجوانب الاخرى.وهذا ما نحن بأمس الحاجة اليه، فمن دون المراجعات المستمرة والمتواصلة، ومن دون المكاشفات الواضحة والشفافة، ومن دون تغليب المصالح الوطنية العامة، لايمكن ان تبنى الدولة وتنهض وتزدهر، وتطوي صفحات الماضي المؤلم بكل اخطاءه وسلبياته وكوارثه.
https://telegram.me/buratha