محمود الربيعي
" تقويم المعوجين "لو كان الحسين طالب دنيا لأستسلم ليزيد وقَبِلَ البيعة، وكفى بالإمام الحسين عليه السلام أنه لما حوصر ومُنِعَ من إختيار العودة أنه أختار خيار الشجعان ولم يَخْتَرْ خيارَ الذُل بعد أن ثبت له أن خيار الأدعياء الذين طلبوا منه الحضور كان ضعيفا وفي المستوى الأدنى.. وأتضح له أن خيارهم كان خيار الجبناء وخيار أهل الخذلان وللأسف فهي الصفة الغالبة بين الناس وعلى مدى العصور. نعم يكفي الإمام الحسين عليه السلام موقفه النادر، وهو ألإمام المُسَدد إذ لايمكن أن يعطي بيده إعطاء الذليل ولايقر لهم إقرار العبيد ،وهو الذي قد تفهم الشجاعة عن جده وأبيه وأمه وأخيه.والحياة معنى ورسالة خلود ماخَلُدَ الحق، وهل هناك خلود أخلد من الحق العالي في عالم المعاني والرسالات الخالدة ومنها رسالة إبراهيم ومحمد وعلي والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام وأتم التسليم.إن كل مواقف الحسين عليه السلام في ذلك اليوم المشهود لها معاني ورسائل في عالم الجهاد والأستشهاد منذ قطع حجه وتحرك بإتجاه العراق للقضاء على مصادر الظلم والفساد، ومنذ تلك اللحظة التي أختار فيها الشهادة على الحياة وهو يعلم علم اليقين بأنه ناعي نفسه ليوم موعود صدقه فيه جده بعد أن نَعِيَه في حياته ونَعِيَه بعده أمير المؤمنين يوم مر بالعراق وعَبَرَ مدينة كربلاء.نعم لقد نهاه الأنبياء والملائكة قبل ولادته، كما نعاه أهل السماء وكل شرفاء أهل الأرض، وبكته السماء حتى أحمرت آفاقها منذ ذلك الحين ولمّا تزل. لقد أظهر الإمام الحسين عليه السلام كل الأخلاق والمعاني الفاضلة يوم الطف في الوقت الذي أنعدمت فيه القيم والأخلاق في الجانب الآخر من معسكر يزيد، وكان خلق الإمام الحسين عليه السلام مع أصحابه وأهله ورفاق دربه رساله الى الإنسانية والإنسان في يوم تصحرت فيه المثل والمبادئ والقيم والأعراف في معسكر يزيد وأصحاب الشمال أصحاب السموم وظل من يحموم لابارد ولاكريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم، أولئك الذين كذبوا بيوم الدين فلن تنفعهم شفاعة الشافعين.يوم الطف وقف الإمام الحسين عليه السلام وقفة معان سامية وهو يرعى الصغير ويواسي أصحابه ويُصَّبِر أهله ويناجي ربه وينعى نفسه ويرسل رسائله ويبشر من يخاف وعيد.سلام الى أبي الأحرار، سلام الى أبي الشجعان، سلام الى أبي المعاني وصاحب الرسالة، سلام الى الشفيع المرتجى.وهاهو الإمام الحسين عليه السلام تزحف نحو قبره الملايين من كل بلدان العالم لزيارته التي تعدل مائة حجة تزوره فيها الملائكة لتشم ريح الشهيد وسيد الشهداء الذي لايتقاسمه هذا الشرف أحد من الخلق مهما عَظُم، إذ هو سيد الشهداء، وسيد شباب أهل الجنة مع السادة من أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.فطوبى للزائرين وطوبى لمن نحوه ساعياً لزيارة قبره، وهل يحسب أحداً أن الإمام الحسين عليه السلام قد مات، كلا ثم كلا فافمام الحسين عليه السلام حي يرزق بعد أن وهب كل ماكان له من رزق، وبعد أن فقد كل مايملك إلا الكلمة التي حافظ عليها ولم ينسها، إذ حافظ على العهد الذي بينه وبين الله ولم ينكل ولم يخذل.
وحافظ على الصلوات في ذلك اليوم العصيب الذي لايمكن لأحد ان يحافظ على ثباته، فالحسين كان كله رسالة، وكله معاني.. ولتفخر ولتهنئ البشرية كلها على مثله ولتنتصر للحق، في كل وقت، وفي كل بقاع العالم، وسيعود الحسين عليه السلام بيننا بمعانيه يوم يطلع فجر الإسلام من جديد، يوم يُعٍزُ الله الإسلام وأهله، ويذل النفاق وأهله، يوم يتحقق في اليوم الموعود،يوم ظهور قائم آل محمد عليه السلام ليملأها قسطاً وعدلاُ بعدما ملئت ظلما وجورا، ذلك اليوم الذي تنتظره البشرية جمعاء وهو يوم الخلاص، يوم إقامة دولة العدل الكامل ويقام فيها حكم الله." اللهم إنا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا فيها كرامة الدنيا والاخرة".
https://telegram.me/buratha