نبيل الحيدرى_أكاديمى
يحاول بعض الحزبيين الدعاة فى طريقتهم الحزبية التقديسية والمثالية ربط الحزب بالمبادئ الإسلامية والشهيد محمد باقر الصدر كمؤسس ومرشد ومتبنى وموصى به الى آخر حياته. ولكن ذلك تمويه على الحقائق وعلاقة الدعوة بالإسلام والصدر فيها مد وجزر. لقد تأسست قبل الدعوة أحزاب ومنظمات سياسية إسلامية منها (منظمة الشباب المسلم) لعز الدين الجزائرى عام 1940 وشعارها (مجتمع مسلم ودولة إسلامية) وقد انشق عنها السيد محمد صالح الحسينى ثم اعتقل ... و(حركة الإخوان المسلمين) عام 1948 ، و(الحزب الجعفرى) عام 1952 ،و(منظمة المسلمين العقائديين) للجزائرى، و(شباب العقيدة والإيمان) عام 1957 للسيد محمد على المرعبى، و(حزب التحرير) وغيرها وقد تأثرت الدعوة بالكثير من هذه الحركات فضلا عن انتساب بعضهم لتلك التنظيمات خصوصا حركة الأخوان وحزب التحرير وهما حركتان سنيتان وليستا شيعيتين لاتحمل عقائد الشيعة.
مؤسس فكرة حزب الدعوة حتى قبل تسميته هو السيد مهدى الحكيم ابن المرجع السيد محسن الحكيم، والذى استشهد فى السودان بعد إقامته فى لندن حيث كان قيادة الدعوة يتهمونه ويحاربونه ويسقطونه حتى شهادته. السيد مهدى الحكيم فاتح السيد طالب الرفاعى بتأسيس حزب لكون الرفاعى سياسيا خصوصا علاقته بالإخوان وحزب التحرير. ثم فوتح ثلاثة أشخاص. وبعدها أريد غطاء شرعى لأن الحوزة العلمية عادة ما تعارض فكرة الأحزاب فتم الحديث مع الشهيد محمد باقر الصدر. الصدر رأى ضرورة مرحلية فقط على أساس آية الشورى فى القرآن وبدونها لايجوز شرعا تأسيس الحزب. فدخل أشخاص وخرج آخرون مما جعل بعض الإجتماعات ثنائية أو ثلاثية فقط. كذلك تحرك الصدر مع مرجعيتى الحكيم والخوئى فضلا عن جماعة العلماء التى كتب أربع افتتاحيات فى مجلتها الأضواء ثم حورب وتركها.
إجتماع تأسيسى للحزب ضم الشهيد الصدر والسيد باقر الحكيم والسيد مهدي الحكيم ومحمد صادق القاموسى ونفر قليل آخر فى تشرين الأول 1957 فى النجف. نعم ضم لاحقا السيد مرتضى العسكرى حيث فاتحه السيد مهدى الحكيم فى الكاظمية وتم الإنضمام للحزب. ثم حصل اجتماع موسع فى كربلاء أواخر 1958. كانت هنالك حركة إصلاحية للشيخ محمد رضا المظفر ومنتدى النشر وتلاميذه كالسيد مهدى الحكيم ومحمد صادق القاموسى عضو الهيئة الإدارية للمنتدى والحاج عبد الصاحب دخيل حيث لها دورها وتأثيرها آنذاك.
كان هدف الشهيد محمد باقرالصدر إقامة حكومة إسلامية لكن بعض الجدد من الدعاة لهم هدف آخر وكان يحسد الصدر ويحاربه فى وقت نشط فيه كثيرا الحزب الشيوعى العراقى وحركة القوميين العرب خصوصا فى الجامعات. لكن المراجع كالسيد الحكيم والسيد الخوئى والشيخ حسين الحلى رفضوا ضرورة المرحلية الحزبية من خلال آية الشورى مما جعل الصدر يقتنع ويخرج من الحزب عام 1960. طلب الصدر من تلاميذه ومريديه مثل مهدى الحكيم وباقر الحكيم الخروج فضلا عن طلب المرجع محسن الحكيم والخوئى ذلك. وقد خرج قبل الصدر جملة شخصيات منهم الحاج محمد صادق القاموسى وآخرون.ثم تحولت القيادة الى السيد مرتضى العسكرى كعالم، والمهندس محمد هادى عبد الله السبيتى (أبى حسن) كسياسى ومشرف ومنظر، وقد كتب أكثر مواضيع نشرتهم (صوت الدعوة)، إضافة للحاج عبد الصاحب دخيل كمسؤول عن اللجان التنظيمية. ثم اعترض الشيخ عبد الهادى الفضلى وآخرون على ضرورة وجود المجتهد والجانب الشرعى فى التنظيم مما أدى الى طرد الشيخ الفضلى والسيد عدنان البكاء والسيد طالب الرفاعى من حزب الدعوة.
كان أحد الإشكالات على الدعاة هو ضعف الجانب العقائدى والدينى والمهم عندهم الجانب السياسى وبمختلف الأساليب. لاإشكال فى أن الدعاة تربوا على فكر الإخوان والتحرير خصوصا كتب حسن البنا وعبد القادر عودة فضلا عن مجلة (المسلمون) و(التنظيم الدولى).
أواخر الستينات اعترض خط الكرادة الشرقية النشط على قيادة الدعوة فكرا وسلوكا، عقائديا ودكتاتوريا لذلك تم طرد وفصل البدرى وآخرين من الدعوة عام 1967. لكنهم استمروا فى المحاضرات فى حسينية آل مباركة ثم التحموا لاحقا مع المنشقين من تنظيم العقائديين لتأسيس (حركة جند الإمام) أى المهدى لاعتقادهم بضعف ايمان حزب الدعوة بالإمام المهدى والعقائد الشيعية. وقد قد صدرت فتوى تحريم الشهيد محمد باقر الصدر الدخول الى الدعوة وأوجب على رجال الدين والعلماء الحزبيين الخروج من حزب الدعوة فقد خرج الكثير وبقى البعض.
إضطر السيد كاظم الحائرى بعد أن كان فقيه الدعوة، الى الخروج منها بعد اصدار الدعوة (قرار الحذف) وهو عدم حاجة حزب الدعوة الى الفقهاء. ثم تكلم الحائرى عن انحرافها واستحكام الإنحراف الذى لايمكن تصحيحه مما اضطره لتأسيس حزب جديد للدعوة. كما اضطر من كان يدافع عن الدعوة ومسؤولها الأول الشيخ محمد مهدى الآصفى الى إعلان خروجه من الدعوة ليتحول الى ممثل لولى الفقيه فى النجف.
إستطاع حزب الدعوة أن يحارب خصومة ومن يخرج منهم كالشهيد عز الدين سليم (عبد الزهرة عثمان وقد حدثنى بذلك شخصيا) بشتى الإتهامات الباطلة ومحاولات التسقيط والإغتيال لمن يكون أفضل منهم أو ينتقدهم وهاهم يكتبون بأسماء مستعارة ليسقطوا كل شريف يعريهم أو ينتقدهم أو يطالب بحقوق الشعب المحروم. لماذا لايمتلكون الشجاعة والصدق ليكتبوا بأسمائهم الحقيقية وصورهم أم يعلمون بعدم صدق ما يكتبونه ولايمتلكون جزءا من شجاعة الكلمة وشرف الموقف الصادق وأمانة المواجهة. وللدعوة تاريخ طويل وواسع فى هذا المجال يحتاج الى كتابة المجلدات. كما لهم القدرة فى تجيير أعمال الآخرين لهم حتى شهداء غيرهم باعتبارهم شهداء الدعوة كالنظام السابق الذى اتهم كل مؤمن وحركى بالأنتساب الى حزب الدعوة. وتجد اليوم كثيرا من صور شهداء الدعوة لاعلاقة لهم بها.
واستطاع بعض المتسلقين والإنتهازيين والعملاء أن يصلوا الى سلم القيادة فى الحزب كما تحول عداء أمريكا الى العمالة، والإسلام والمذهب الى العلمانية والديمقراطية والمصلحية حسب المصلحة وهكذا. وما نراه فى عراق اليوم من امبراطوريات دعوتية لايهمها إلا مصالحها الشخصية لتستحوذ على المليارات فى الداخل والخارج وتحول العراق الى فرهود رغم المسيرة الشهدائية الطويلة لقوافل الشهداء والمضحين والمعاناة الكبيرة.. نعم الإستحواذ على أموال الشعب والدولة وإذا أريد الملاحقة القانونية لفاسد كبير فيمكن تهريبه الى الخارج من قبل رئيس الوزراء لأنه من حزب الدعوة ولاقيمة للشعب وأمواله وفقره واحتياجاته ولا للأسلام ولا مبادئه التى كان يتاجر بها رموزهم وقت المعارضة. فهل يعقل انتخاب حزب الدعوة مرة ثانية وهل العراق ملك الى حزب الدعوة؟. كلا وألف كلا، فالعراقى يرى امبراطوريتهم على الأرض وقد سرقوا البلاد والعباد فضلا عن الخارج. يكفى أن يكون الداعية مستشارا أو وزيرا مالكيا حتى يستحوذ على المليارات والأمتيازات فى فترة قصيرة جدا لامثيل لها فى العالم وإن كان جاهلا بشهادة مزورة والمالكى يحميه.
كمثال بسيط هو أحد قياداتهم ومستشار المالكى الثقافى واستحواذه على الملايين حتى وصل الى الأستحواذ على جامعة عريقة لتتحول الى ملك فردى له بمبلغ بسيط وبخس برعاية المالكى كما استحوذ على دار الإسلام بعد أن كانت حسينية المصطفى فى لندن ووصل الصراع على المال بين قيادات الدعوة الى مرجعهم محمد حسين فضل الله فى لبنان ليوزع الغنيمة.
يقول بعض الدعاة أنها فرصتهم الوحيدة من الدنيا للإستحواذ على أكبر عدد من المال فى وقت قصير كانوا يحلمون بها ويتمنونها ليقينهم بأن الشعب لن ينتخبهم مرة ثانية. وفى تاريخهم سرقات كثيرة لكنها لم تصل الى ما وصلته كنوز العراق اليوم. يقول أحدهم لاوقت للداعى هذه الأيام للمواطن واحتياجاته لأنه مشغول بالعقارات والصفقات فى الخارج والداخل والسفرات وصراعاته السياسية فضلا عن انشغاله بالبنات الصغيرات والليالى الحمراء...
ترى هل يمكن للمالكى أن يستغل الدولة ومؤسساتها ويدفع الأموال الضخمة وتسقيط الآخرين والمتاجرة بالأمن والدماء خصوصا باسم دولة القانون والتعاقد مع شركات إعلامية بملايين دولارات الدولة، والعمالة والتحالفات المشبوهة والرشوات واستغلال الصحوات والعشائر والتزوير والتخويف والإغراء ووسائل كثيرة غير مهذبة...كما فعل فى انتخابات المحافظات؟ لماذا لم يكن صادقا ليسمى قائمته باسم حزب الدعوة وهو الواقع، وياترى كم شخصا سينتخبه آنذاك؟! إنه يعلم يقينا أن الشعب لن ينتخب حزب الدعوة وأمامه تجربة كربلاء.
لماذا ينتخب أهالى كربلاء الحبوبى حيث جرب الناس أداء حزب الدعوة قبل الإنتخابات؟ وها قد تسلط الدعاة على العراق كله فانكشفوا وفضحهم الله ولن تنطلى الشعارات البراقة والشعب ينظر الى الأعمال والأفعال قبل الأقوال والشعارات. الحق أن حركة التاريخ لاترجع الى الوراء فالشعب لن يلدغ مرتين ولن يرحم من سرقه وظلمه ولابد أن يستعيد حقوقه المسروقة بعد أن قرأ الفاتحة على حزب الدعوة الشهيد حيث أن المالكى تخلى عن كل المقدسات ووضعها تحت قدميه بسيرته الى درجة أنه لم ينصف من أوصله للحكم ولا قوافل الشهداء والمحرومين والمقابر الجماعية حتى من قوافل حزب الدعوة الشهيد نفسه بل سبب قوافل جديدة من الشهداء وهجرات كبيرة ومعانات رهيبة من الفقراء والأرامل والأيتام وهمه الوحيد أن يتحول الى قائد الضرورة لفترة جديدة من الظلم والقتل والهجرة والفساد والسرقات.
حدثنى أحدهم ببساطة الشعب وقدرة الدعاة الماكرة وعمالاتهم التى تشفع لهم. فأجبته بوعى الشعب وانكشاف مكرهم وافتضاح فسادهم وعمالتهم وفوقه مكره تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وانتقامه للفقراء ولاتحسبه تعالى غافلا عنهم. الدعوة تعمل فى الظلام والمكر، لكن إرادة الله والعولمة والفضائيات تجعلهم تحت المجهر وقد انكشفت اللعبة وبان الصبح،إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب
https://telegram.me/buratha