كريم الوائلي
قراءة ردود افعال الحكومة والكتل السياسية والبرلمانية على جريمة الثلاثاء قد تشيء بالكثير من الدلالات التي تميط اللثام عن جزء من خلفيات الجريمة ، وبعيدا عن البكاء على الاطلال يستوجب الظرف الحرج الذي يمر به العراق الاشارة بالبنان الى خطورة المرحلة وجدية التحديات المحدقة بالعملية السياسية واطرافها الفاعلة التي تحمل الوزر الاكبر وربما هي بعينها الرأس المطلوب . وتتباين ردود الافعال بتباين الرؤى السياسية وطريقة التعاطي مع مجمل العملية السياسية ومدى اخلاص هذه الطرف او ذاك للعراق الجديد ، غير انها تشكل مؤشرات تمدنا بالكثير من المسكوت عنه وترفع الغشاوة الاخيرة عن المشهد السياسي العراق الذي دخل المنعطف الحاد مع قرب اجراء الانتخابات النيابية العامة .
انهالت اكثرية التهم والملامة على الاجهزة الامنية المختلفة واتخذت انواع واشكال متباينة منها ان الاجهزة الامنية لم تستثمر الخروقات السابقة ، والكثير من المسؤولين والمواطنين ذهبوا الى ابعد من ذلك بكثير، حيث شككوا في صحة التحقيقات في خروقات الاربعاء والاحد الداميان ، وان المتهمين الذين تم عرضهم على وسائل الاعلام هوضرب من التلفيق ، وبرروا شكوكهم بتسترالمسؤولين على نتائج التحقيقات السابقة والصمت الذي غالبا ما يطبق بعد العمليات الاجرامية الامر الذي يثير غضب ذوي الشهداء والضحايا الذين من حقهم تماما ان يعرفوا قتلة ابناءهم وما آلت إليها التحقيقات ، وعلى الرغم من ان المسؤولين الامنيين اكدوا ضلوع البعثيين والتكفيريين في الجريمة ، إلا ان ذوي الضحايا يتفهمون ذلك ويعرفون الجنات ولا داع ان تعلن الاجهزة الامنية في كل مرة انها اكتشفت البنسلين ، انما الذي يريده الناس ، تحديدا ، هوانهاء مسلسل الايام الدامية ، والقصاص من القتلة ، وتخليص البلاد من تلك الشراذم الخطيرة التي توحي للناس انهم اشباح لا تستطيع الاجهزة الامنية كشفهم وتحديد امكنتهم على الرغم من الاعداد الكبيرة لرجال الامن والاجهزة الامنية التي تزتنزف الخزينة العراقية ، ويصر المواطنون على الكشف عن الاعداد الهائلة للمتهمين بالاعمال الاجرامية التي يعلن عنها يوميا في وسائل الاعلام والتي وصلت اعدادهم الى عشرات الآلاف اعتمادا على ما يعلنه المسؤوليين الامنييين يوميا وتحديد مصيرهم ، وعلى ذلك فمن الطبيعي جدا ان يسحب الناس ثقتهم بالاجهزة الامنية ويعلنون سخطهم وقلقهم فالمواطن لا تعنيه ماهية التدابير الفنية لاجهزة الامن بقدر ما تعنيه النتائج التي يتوخاها والتي توفر له الحياة الآمنة وذلك لشعوره ان التصدي للمسؤولية هو وظيفة رسمية بموجب ((عقد)) بين الدولة والمواطنين بميزانية مالية من المال العام .
وذهب العديد من المسؤولين والمواطنين على حد سواء ، بل ورئيس الوزراء ايضا بالتلميح وبالمباشر احيانا وحسب ما افادة التقارير الاعلامية والتسريبات والتلميحات الى ان من اسباب سوء اداء الاجهزة الامنية تدخل الكتل النيابية في المناقلة الامنية وتجاوز مهامها التشريعية الى مهام تنفيذية ، وكذلك التدخل الامريكي المباشر وكان التركيز على رغبة رئيس الوزراء ، التي لم تتحقق ، في اعفاء وزير الداخلية من منصبه وهذه رغبة الكثير من الكتل الفاعلة في مجلس النواب وكذلك المواطنين الذين اغضبهم ظهور وزير الداخلية وهو يعلن صراحة انه يترأس حزبا سياسيا مشاركا في الانتخابات القادمة ، وهذا ، بأتفاق الآراء يعد مخالفة دستورية صريحة ولكن مسكوت عنها حتى وصل الامر بوزير الداخلية ان يعلن من وسائل الاعلام مواصفات رئيس الوزراء القادم في العراق وتشيء تلك التصريحات وكما فسرته وسائل الاعلام والمراقبين ان الوزير يشير الى نفسه ، ومن الطبيعي ان يعرب المواطن عن سخطه على الداخلية واجهزتها أزاء مثل هذا الطموح المشروع لكل مواطن عراقي شريطة ان يكون في سياقة القانوني وليس على حساب التكليف الوظيفي الذي يكلف المواطنين ارواحهم وممتلكاتهم .
ويرجع عدد من المواطنين والمسؤولين الى ان من اسباب التردي الامني نقض قانون الانتخابات الذي منح القوى الارهابية فرصة ذهبية في استهداف المواطنين والوقت اللازم لتفعيل الجانب اللوجستي في عملهم ، فيما اشار آخرون الى ان فوضى الصلاحيات بين اطراف الاجهزة الامنية من حهة وبين القيادة العامة للقوات المسلحة من جهة اخرى كانت سببا في ارباك الخطط الامنية وهذا ما كشف عنه وزير الداخلية عندما عرض على وسائل الاعلام وثيقة صادرة من وزارته الى القيادة العامة ينذرها بوجود السيارات المفخخة ومعرفة اسماء الانتحارين وجنسياتهم ، ولا علم لنا بالاسباب التي منعت وزير داخلية مهمته حفظ الامن الداخلي التصدي للارهابيين .
وركز الكثير من الذين تعنيهم مصالح الناس وحفظ امنهم وفي مقدمتهم السيد رئيس الوزراء على اصرار دول في المنطقة بتحطيم العراق وابادة مواطنيه وتعويق نظامه السياسي وتعد هذه المسألة من اخطر التحديات التي تذهل المواطنين الذين يتسائلون عن الدور الاخلاقي للدول التي اسهمت بتحرير العراق من الدكتاتورية والملزمة بحفظ العراق من التدخل الاجنبي بشؤونه وتهديد امنه لحين استكمال بنيته الدفاعية التي دمرتها القوات المتعددة الجنسيات ، والحكومة هي المعنية في المقام الاول بتفسير هذه المعضلة وابعادها الخطيرة ومن حق المواطنين ان يتمتعوا بحق المواطنة اسوة بغيرهم من مواطني الدول المستقلة والحريصة على صيانة سيادتها وكرامة مواطنيها . واظهر المواطنون والمراقبون واائمة الجمعة في الجوامع والحسينيات والمراقد المطهرة ووسائل الاعلام حنقهم الشديد على استخدام اجهزة غير فاعلة في فحص الاسلحة ومواد التفجير واذا كان من يدعي العكس فأن البلية اشد واخطر ، ومن غير المعقول والمقنع ان تعجز الاقمار الصناعية التي تلتقط الصور من على بعد اربعة امتار في الارض من تحديد مصدر السيارات المفخخة واستمكان مواقعها بدرجة كبيرة من الدقة كما يعلم الجميع ، وما يدهش المواطن ويثير استغرابه ان يحجم الامريكان عن تقديم شرائط الصور او امتناع الحكومة عن مطالبة الجانب الامريكي بتطبيق اهم ما متفق عليه في الاتفاقية الامنية بين البلدين الصديقين وفي هذا الكم الهائل من التعقيدات والتجاذبات والمهاترات السياسية يجد المواطن نفسه حائرا بين جحيم التفجيرات التي اثارة توجسه وخوفه من كل مكان يقصدة ومتابعة مصالحه ويين تنصل الحكومة من مسؤولياتها وتفاقم الجدل وتبادل التهم بين الاطراف المشاركة في تحمل المسؤولية ، وفي خضم كل ذلك يبرز سؤال كبير وكبير جدا عن ماهية المفاصل التي تربط هذه الشبكة من التعقيدات والمتاهات . ؟
https://telegram.me/buratha