عباس العزاوي
قبل ايام غادرتنا الى جوار ربها سيدة طاعنة في السن تجاوزت عامها السبعين او اكثر بقليل غادرتنا بعد عذابات طويله رافقتها وولداها الناجيان من قوانين جمهورية الرصاص عذابات استغرقت ثلاثة عقود من القهر والحسرة والالم لقد امتهنت هذه المرأة العراقية الجنوبيه الحزن والدموع ولم يغادرها السواد حتى وافاها الاجل في اول ايام عيد الاضحى وان كانت تُبدي لنا صلابة كبيرة كنا ننحني امامها باحترام ونستنكرها حيانا اخرى لانها لم تعد هذه الصفات مألوفة في وقتنا الراهن كانت تردد وباستمرار على مصير اولادها الثلاثة المعدومين بزمن النظام الهالك باللهجه العاميه ((همه رادوها وطلبو الشهادة..... هنيالهم)).وبقيت صابرة وواقفه كالجبل الشامخ وكانها اسعد الناس على وجه البسيطه الا في خلواتها طبعا فان للام حديث اخر لايفقهه الاخرون ونحيب يستنزف الدموع عنوة من سامعيه. وقد سمعت انهاعند سماعها بسقوط القائد الجرذ بيد القوات الامريكيه ردت بكل عفوية وطيبة اهلنا في مدينة الثورة وبلهجتها الجنوبية العذبه ((( شتريدون منه خليه ايروح لوليداته... خطيه ))) بعد كل هذا كان ردها جميلاً ولطيفاً ويحمل من الانسانيه الشئ الكثير.....غادرتنا وهي لاتعرف ان العراق الجديد كان يجب ان يكرمها وآلاف العجائز العراقية المظلومة وان لها حقوق كبيرة في اعناقنا جميعا والعراق... رحلت عنا بعد ان عجز العراق بامواله وملياراته ونفطه وخيراته ان يوفر لها سرير واحد في احد مستشفيات بغداد او حتى في مدينة الثورة........ اليس غريبا ان يقول الطبيب المعالج لولدها ليس لدينا سرير لامك خذها تموت في مكان اخر .... اليس هناك سرير واحد يأوي هذا الجسد النحيل والمنحني من ثقل السنين..؟. اليس غريبا ان تفقد ابنائها فداء لوطنِ يعجز عن احتمالها بضعة ايام.وهذا مايدعونا نتحسر من الالم مما يجري في العراق وكيف يبقى الفقراء جياعاَ ويبقى الايتام مشردين في بلاد النفط والخيرات يبحثون في النفايات عن فتات الخبز وتعجز مستشفياتنا عن احتضان امهات الشهداء والمناضلين.ان هذه المرأة الصالحه ماهي الا واحدة من مئات العراقيات المظلومات اللواتي لم ينصفهم العراق.....لك كل الدموع ياأمنا الحبيبة وليرحمك الله برحمته
https://telegram.me/buratha