ابو ميثم الثوري
خمس انفجارات هزت العاصمة بغداد يوم الثلاثاء الماضي وبوقت متقارب ومناطق متعددة بعد اقل من خمسين ساعة من تصويب مجلس النواب على قانون الانتخابات بصيغته المعدلة الجديدة.احصائيات ضحايا التفجيرات الارهابية حتى كتابة هذا المقال بلغت 650 شهيداً وجريحاً حالات بعض الجرحى خطيرة.لا نريد في هذا السياق الخوض في سياسة التأنيب والقاء اللوم وجلد الذات كما لا نريد استغلال هذا الاختراق الامني لاغراض تصفوية حزبوية وانتخابية لاننا نعتقد انه لا مجال لاستغلال دماء الابرياء لاغراض انتخابية او تصعيدية لاثبات افشال الاخرين الذين كانوا حتى وقت قريب يتباهون ببعض التحسن الامني وتوظيفه لاغراض انتخابية ايضاً.ومن الجدير بالتذكير اننا نرفض استغلال التحسن الامني الملحوظ لاغراض انتخابية وحسابات استقطابية حزبية كما نرفض في ذات الوقت استغلال التردي والانهيار الامني لنفس الاغراض فالملف الامني لا يمكن تسييسه او توظيفه لاغراض تعبوية انتخابية سلباً او ايجاباً فان حكم الامثال فيما يجوز ولا يجوز واحد لا يقبل التجزئة والاستثناء.تفجيرات الثلاثاء الدامي تؤشر على خلل كبير في الملف الامني وخطورة الاخفاق والاختراق الحاصلين في اهم ملف في البلاد.كنا نؤكد باستمرار ومازلنا وسنظل نؤكد على خطوة استغلال التردي الامني لاغراض انتخابية واستقطابية وسياسية من اجل تجريد هذا الملف من كل المؤثرات السياسية والاجتماعية والمناطقية لكي يكون المجرم والارهابي مداناً مهما كان انتماؤه السياسي والمذهبي والديني والمناطقي. وتأكيدنا الدائم على خطورة تسييس الامن واستغلال الاخفاق والاختراق الامني لحسابات حزبية وتصفيات خاصة واضعاف بعض القوى السياسية لا يعني بالضرورة غض النظر عن محاسبة المقصرين واقالة المسؤولين الامنيين الذين لم يقدموا اداءً مقبولاً او عذراً مقنعاً على هذا التردي الكبير في الامن وفشلهم في ايجاد العلاجات الفورية للاخطاء الماضية والاستفادة منها في ضبط الامن ومنع الخرق.ومن هنا فان استغلال الملف الامني في حال التحسن والتطور الملحوظ في الاداء الامني سيكون استغلالاً مرفوضاً في الوقت ذاته.فاذا كان تسيس الامن واستغلال التردي لاسباب سياسية مرفوضاً فان المرفوض ايضاً استغلال التحسن الامني لاسباب حزبية وانتخابية مازال سبب هذا التحسن هو الجيش والشرطة والاستخبارات وليس حزباً معيناً او ائتلافاً محدداً.ثمة قاعدة فقهية مختصرة " من له الغنم فعليه الغرم" تؤيد ما نريد تأكيده في هذا السياق فان الذي يستغل التطور الامني الملحوظ لحسابات حزبية واستقطابية وانتخابية فعليه ان يتحمل مسؤولية هذا التردي الحاصل في الملف الامني.ولابد من الاشارة العابرة الى قضية تبدو مهمة وهي ان تشخيص الخلل واستجواب المسؤولين الامنين والسعي لعدم تكرار الايام الدامية القادمة والحفاظ على ارواح الابرياء لا يصب بالضرورة ضد احد او يعني تصفية حسابات سياسية وحزبية بل العكس ان التساهل في هذه القضية خيانة للامانة وتفريط بارواح العراقيين.ومن المفيدة الاشارة العابرة الى قضية جديرة بالاهتمام والانتباه وهي ان نجاح الارهابيين في تنسيق ضرباتهم الاجرامية يستهدف العملية السياسية وبناتها ولا يستثني احداً من المشاركين في العملية السياسية وحتى المناطق المستهدفة ليست من لون واحد كما كان يحصل سابقاً فالعقوبة الارهابية طالت الجميع بعد ان غادر الجميع ظاهرة الاصطفاف الطائفي.فمن الخطأ الفادح ان يتصور بعض السياسيين ان محاولة تشخيص الخلل ومواطن الاخفاق ومواضع الاختراق تصب ضد طيف سياسي محدد او تشكيل حزبي معين لان محاولة اعادة الوضع الامني الى المربع الاول يضرنا جميعاً دونما استثناء واستهداف الملف الامني يستبطن بالضرورة ضرب العملية السياسية واثبات فشل القيادة العراقية الجديدة ادارة الملف الامني والسياسي على حد سواء.لا نريد في هذا السياق تشخيص الاختراق والاخفاق الحاصلين في الملف الامني فاننا والحمد لله صرنا خبراء في تشخيص الخلل والتردي واصبحنا منظرين في كشف الاسباب بل ما نريد التأكيد عليه في هذا السياق هو وضع العلاجات الجدية والفورية لحفظ دماء ابناء شعبنا الابرياء الذين كانوا ومازالوا يدفعون ثمن التغيير الديمقراطي في العراق ولن يحصدوا من هذه التجربة سوى استحقاقاتها السلبية وتداعياتها المأساوية.استهداف العاصمة بغداد في الاربعاء الدامي في آب الماضي والاحد الدامي والثلاثاء الحالي الدامي لا يحتاج بالضرورة الى معرفة الجهات الفاعلة والمنفذة خاصة ان معرفتها لا يزيدنا امناً والمطلوب الحلول الفاعلة والعاجلة لكي لا يتكرر يوم دام اخر من ايامنا الدموية والحلول لا تتحقق عن طريق التبرير والتظير غير الجديين بل بالحضور الميداني الامني والتنسيق المشترك بين الاجهزة الامنية والوزارات المعنية بالامن (الدفاع والداخلية والامن الوطني) وتأكيد دور المخابرات العراقية ومعرفة ما اذا كانت تعمل لحساب العراق او للاجندة الخارجية واقالة واستقالة المسؤولين الامنيين ليست كافية وان كانت ضرورية لانها لم تحقق الامن الفعلي واذا كانت استقالة هؤلاء او اقالتهم تؤدي بدائل افضل وخيارات اشمل.المطلوب الوقفة الجادة والحريصة على بحث اسباب الخروقات الامنية ووضع العلاجات الفورية واستنفار قوانا الامنية بكل تشكيلاتها واعادة النظر في العمل الاستخباري وتطهير كل الاجهزة الامنية من ازلام النظام السابق واعادة النظر بخطة فرض القانون وقيادة عمليات بغداد ومحاسبة المقصرين والمتسامحين وفاءً لهذا الشعب المضحي والجريح والمنكوب.
https://telegram.me/buratha