احمد عبد الرحمن
صحيح ما يقوله الكثير من السياسيين العراقيين من ان الحفاظ على امن البلاد وصيانته يعد مسؤولية جماعية وتضامنية، تقع على عاتق الجميع، كل من موقعه، ووفق امكانياته وقدراته، بدءا من اكبر مسؤول تنفيذي في الدولة، انتهاء بأبسط مواطن عراقي.وصحيح ما يقوله الكثير من السياسيين العراقيين، وكذلك غير السياسيين، من ان امن الوطن يبدأ من امن المواطن، والعكس صحيح، بمعنى ان اي حديث عن امن الوطن لاقيمة له اذا كان امن المواطن مفقودا، ولاقيمة ولاجدوى من الحديث عن امن المواطن اذا كان امن الوطن في مهب الريح.هذه العلاقة الترابطية التكاملية، يمكن ان نجد لها مصاديق ومعطيات عديدة في الانظمة والمجتمعات الديمقراطية، التي تحتكم الى الدساتير والقوانين، وتعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة، والمشاركة السياسية الواسعة، وتوفر مساحة واسعة من حرية التعبير عن الرأي، وتغيب وتضمحل عنها النزعات والتوجهات العدوانية والارهابية، تحت اي عنوان من العناوين.ولكن هذه المسؤولية الجماعية التضامنية، لايمكن بأي حال من الاحوال ان تلقى على عاتق الجميع بنفس القدر من المستوى، اي انه حينما تحل كارثة ببلد ما، مثل تلك التي حلت بالعراق يوم الثلاثاء الماضي او قبله يوم الاحد وقبله الاربعاء، من غير المنطقي ان يلقى اللوم ويحمل المسؤولية المواطن العادي مثلما يفترض ان يتحملها من هم في موقع السلطة واتخاذ القرار، كرئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الامن الوطني، والقادة الامنيين والعسكريين، الذين يشغلون مناصب ومواقع تنفيذية مهمة وحيوية وحساسة.ان التعرض لكوارث وعمليات ارهابية كبرى تتسبب بأزهاق ارواح مئات الناس الابرياء، وبسفك الكثير من الدماء ، وتدمير وتخريب مقدار كبير من الممتلكات العامة والخاصة، يحتم ان تشخص مواضع القصور والتقصير والضعف والخلل، وان يشخص المسؤول عما جرى، وان تحدد سياقات ومعالجات عملية وواقعية، بعيدا عن الاستغراق في التنظيرات والتحليلات التي لم يعد المواطن العادي يود سماعها، او بعبارة اخرى مل سماعها وتكرارها بعد وقوع كل كارثة.ومازال ملايين العراقيين ينتظرون اجوبة وتوضيحات وتفسيرات مقنعة ومقبولة ازاء ماحصل من كوارث، ومازالوا ينتظرون اجراءات ومعالجات حاسمة، تتجاوز نقل المسؤول او القائد الفلاني من هذا الموقع الى ذاك، وتتعدى جلسات لمجلس النواب العراقي، تتم فيها استضافة كبار القادة والمسؤولين، وتبدأ وتنتهي بخطب رنانة وسجالات ونقاشات عقيمة، دون ان يسمعوا من اي كان حتى ولو كلمة واحدة يقول فيها انني قصرت او انني اخطأت.وبعد ان استضاف مجلس النواب الموقر يوم الخميس الماضي السيد رئيس الوزراء، من المقرر ان يستضيف هذا اليوم وزيري الدفاع والداخلية والامن الوطني وقادة امنيين اخرين، ولاشك ان عدم الخروج بنتائج واضحة ومقنعة للرأي العام، سينعكس سلبا على مجمل الوضع السياسي والامني العراقي، ومن غير المستبعد ان يدخل الجميع في متاهات هم والبلد في غنى عنها.
https://telegram.me/buratha