المقالات

علي بين مسيحي منصف وسلفي مجحف

877 10:47:00 2009-12-11

احمد البديري

كان تاريخ الإسلام ولا يزال أسيرا لتسلط الحاكمين وسطوة كهنة المعابد المتزلفين ووعاظ السلاطين ولذلك نجد إن من الطريف اجتماع الحكام ووعاظهم على الكيد لعلي (عليه السلام) ومحاولة طمس اسمه وذكراه من تاريخ ومسيرة الرسالة الإسلامية ، ودأب آل أمية طوال سبعين عام على شتم علي (عليه السلام) من على منابرهم وتفننوا في صنع الأحاديث المفتراة على النبي والتي تدين أمير المؤمنين من خلال شراء ذمم بعض من يدعى بصحابة الرسول ولم يقصر هؤلاء من اجل دراهم ودنانير السلطة أن يبتدعوا ألاف الأحاديث التي ملئت صحاح أئمة العامة في تسقيط علي وذمه ورفع ذكر أعدائه ومدحهم على لسان النبي زورا وبهتانا .

ومن النماذج على ذلك البهتان والجرأة على الله ورسوله ( صلى الله عليه واله) ذلك الحديث الذي وضعه سمرة بن جندب بطلب من سيده معاوية مقابل أن يتنعم بهدية معاوية النقدية والبالغة (400) ألف درهم ، وادعى ابن جندب أن قوله تعالى { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو ألد الخصام ، وإذا تولى في الأرض سعى ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل}نزلت في علي (عليه السلام) وأن آية { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله}نزلت بحق معاوية ؟! ومن جملة افتراءاتهم وأكاذيبهم وتضليلهم ما ادعوه برواية زورت عن النبي ( صلى الله عليه واله) بأن حكيم بن حزام ولدته أمه في الكعبة لمحو المنزلة التي ذهب بها علي (عليه السلام) دون سائر العالمين بولادته الشريفة في بطن الكعبة في حادثة انشقاق جدار الكعبة لفاطمة ، واليوم يحاول الوهابيون أن يخفوا أثار تلك الفتحة إلا أن كل محاولاتهم بأت بفضل الله بالفشل والخيبة لأن ذلك الشك يتجدد في كل مرة يخفون آثاره فيها .

ومن وسائل تعتيمهم الأخرى لشخص أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وسيرته وأثاره أن لمسجد الكوفة باب يسمى باب الثعبان منه انساب الثعبان ليهمس في أذن أمير المؤمنين وهو يخطب بالمسلمين في المسجد ثم عاد أدراجه وسط ذهول المسلمين الحاضرين ولما بلغ الخبر معاوية لم يرق له حتى دخل إلى الكوفة بعد صلح لإمام الحسن (عليه السلام) فقام بربط فيل في ذلك الباب فشاع بين الناس انه باب الفيل ونسي اسمه الأول .

ومن هذا نستنتج أن ليس من الغريب أن تتعرض واقعة الغدير إلى حملة من التشكيك والإنكار بوقائعها وتفاصيلها أو حتى إلغائها تماما من ذاكرة الإسلام بنفي حصولها وهو ما اجتمعت عليه واتفقت كلمة علماء الدولار على شن حملة افتراء على علي (عليه السلام) وتكذيب بيعة الغدير أو التلاعب بخطاب النبي الكريم ( صلى الله عليه واله) وفق ما تشتهيه أنفسهم الأمارة بالسوء وتمليه عليهم السلاطين والحكام مقابل حفنة من الدولارات أو قصور يتمتعون فيها بما حرم الله من المتع ، وهكذا يبيع هؤلاء الوعاظ الفاسقين أخرتهم بدنيا غيرهم كما فعلا أسلافهم في الحقب والدول السابقة .

ولذلك جاء جواب الخليل الفراهيدي عندما سئل عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فأجاب بحسرة ولوعة ( ما ذا أقول في رجل كتم أوليائه فضائله خوفا وأخفى أعدائه فضائله حسدا وحقدا ، وظهر ما بين ذلك ما ملأ الخافقين ).. وأين علماء الوهابيين من تصريح إمام الحنابلة الذي ينتسبون له مذهبيا بزعمهم عندما سأل عن علي أمير المؤمنين فأجاب ( ما جاء لأحد من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب ) فمن أين ورث هؤلاء حقدهم وبغضهم لإمام الحق وما هو سر حقدهم المكنون في صدورهم ولماذا يورثوه أبنائهم ؟

ولماذا يشن الوهابيون السلفيون ومن يسير بنهجهم المنحرف عدوانهم على علي (عليه السلام) وشيعته وهل عجزهم في نجاح موجة السموم المبثوثة في فضائياتهم الفاسدة وكتب ضلالاتهم المنحرفة والتي توزع ملايين النسخ منها كل عام إلى حجاج بيت الله الحرام والى مدن الإسلام في الشرق والغرب والجنوب والشمال والتي جرت لهم سخط المسلمين المعتدلين ولعناتهم هي السبب في تغيير مخططاتهم ومنهجيتهم التكفيرية لشيعة أمير المؤمنين والتحول إلى لغة العنف والتدمير وإلحاق اكبر مقدار من القتل بحق الأبرياء من أتباع أهل البيت والتدمير لمراقدهم المقدسة ومساجدهم وحسينياتهم وبتحريض ومباركة علماء السوء والضلالة ، ففي العراق ولبنان واليمن وباكستان على وجه الخصوص تعرض الموالون لمحمد وال محمد لمختلف صنوف الإرهاب التكفيري الأعمى من جنود الشيطان الوهابيين وتسبب مفخخيهم المجانين الموعودين بالعشاء مع النبي في شهادة الآلاف من أتباع أهل البيت وهدمت الصوامع واندلعت شرارة المواجهات الطائفية بين أبناء الشعب الواحد بسبب أولئك المتحجرين القساة الذي سيلتحقون في سقر مع من سبقهم من الناصبين العداوة لمحمد ( صلى الله عليه واله) وذريته الطاهرة .

وعندما المقارنة بين موقف يهود الإسلام الناصبين وبين المسيحيين المنصفين تجاه أمير المؤمنين سوف نجد الفارق الكبير في مذهب الوهابيين السقيم وفكر المسيحيين المنصفين السليم ، فهذا جورج جرداق يكتشف بعد متابعته لسيرة علي انه صوت العدالة الإنسانية ويتحدث عن علي (عليه السلام) بهذا الحديث ألاستبصاري «وفي شخصية ابن أبى طالب تجسيم لأقصى ما عرفه الفكر العربي والحسّ العربي من ثورية الحياة وخيرية الوجود ووحدة المعرفة الإنسانية وفي شخصيته أعمق ما عرفته الشخصية العربية من روح الثورة العارمة على الطغيان والاستبداد بأشكالها جميعا وأعمق ما عرفته من روح الفداء في سبيل الإنسان» ويقول في مقطع آخر «وفي شخصية ابن أبى طالب تحدٍ كثير هو تحدي المحبة للبغضاء والبساطة للتعقيد والثورة للجمود والإنسان للتاجر والصدق للنفاق والحياة للموت».

ويقول أيضا "هلّا أعرت دنياك أذنا وقلبا وعقلا فتلقي إلى كيانك جميعا بخبر عبقري حملت منه في وجدانها قصة الضمير العملاق يعلو ويعلو حتى لتهون عليه الدنيا وتهون الحياة ويهون البنون والأقربون والمال والسلطان ورؤية الشمس المشرقة الغاربة.. وحتى يندفع بصاحبه ارتفاعا فما هو من الآدميين إلا بمقدار ما يسمون بمقياس الضمير والوجدان.» وهذا الأديب الكبير المسيحي الأخر جبران خليل جبران عشق عليا وانبهر بسيرته الزاكية حيث يرى جبران أن عليا أول عربي بعث في مسامع الدنيا أغاني هذه الروح الشاملة حتى لكأنّ قلبه ينهل منها فتعيها شفتاه أناشيد سماويةً تلو أناشيد فإذا هو مع الواقفين على قمة الدنيا يرون ويحدثون بما يرون ويقولون فإذا حديثهم وحي وإذا قولهم نجومُ سماء.. ويرى جبران أنه نبي شأنه شأن جميع الأنبياء الذين يستشعرون الغربة بين الأهل والوحدة بين الناس والوحشة في الوطن إذ يأتون إلى قوم ليس بقومهم في زمن ليس بزمنهم وطالما كان جبران يردد اسم علي بن أبى طالب في مجالسه الخاصة والعامة وحين يخلو إلى نفسه وطالما كان يقول.. عظماء الدنيا ثلاثة «المسيح ومحمد وعلي».. ومن جبران إلى الكاتب والشاعر المسيحي ميخائيل نعيمة حيث يقول «إن الإمام علي سيد العرب على الإطلاق في كل فكر وكل خلق وكل بيان بعد الرسول أن عليا لمن عمالقة الفكر والروح والبيان في كل زمان ومكان».

أما بولس سلامة وهو مسيحي أيضا ومن كبار الشعراء العرب الذي اهتز لبيعة الغدير وبيعتها الكبرى فغمره الشوق إلى وقائعها فعاشها في ساحة خياله الشعري ولتتفتق رؤياه بملحمة الغدير الشعرية ولا يخفي افتخاره بأن يكون شيعيا مادام التشيع يعني الانتماء لعلي (عليه السلام) وانظر إليه وهو يقول في مقدمة ملحمته (أما إذا كان التشيع حباً لعلي وأهل البيت الطيبين الأكرمين، وثورة على الظلم وتوجعاً لما حل بالحسين وما نزل بأولاده من النكبات في مطاوي التاريخ فإنني شيعي) ثم ينطلق بملحمته مصرحا بهذا الاعتقاد الواثق الصادق :

هو فخر التاريخ لا فخر شعب = يدّعيـــه ويصــطفـــيـــه وليّــــا لا تقـــل شيعــــة هـــواة علـي = إن في كل منصف شيعيا أتأسى بــــالأكـــرميـــن خصـــالاً = لم يسيغوا في العمر شُرباً مريـاً جلجل الحــق في المسيحي حتى = عـــدّ مــــن فـــرط حبــــه علـويّا أنا من يعشــق البطولـة والإلهام = والعدل والخلاق الرضيّـــا ثم يعرج على الغدير فيقول :

بث    طه    مقالة   في    عليلا   مجاز  ولا  غموض   ولبسفأتاه    المهنئون    عيون     العيدك   العيد  يا  علي   فأيصـتنطق  البيد  ناثرات على  الصـ واضحا   كالنهار   دون    ستوريستحث      الإفهام       للتفسيرـقوم    يبدون    أية    التوقيرـمت  حسودا  وطامس   للبدورـحراء رشيا من كل زهر نضير

ثم يعترف بولس بأن ما يسطره من كلمات ليست إلا الحق الذي أجراه وانطقه الله تعالى على لسانه:

يا   اله  الكون  أشفق   علياأولني  أجر عامل في  صعيدمصدر  الحق  لم  أقل   غيرأنت   أنعمتني  مديح   علي لا  تمتني  في  العذاب  شقياالخير  ، يبغي ثوابك  الابدياالحق أنت أجريته على شفتيافهمي   غيدق   البيان   عليا ثم يرجم ذلك الشاعر المسيحي المنصف أعداء عليا وحساده ومبغضيه من المتحجرين الناصبين التكفيريين بالحقيقة التي حضرت هذا المسيحي وغابت عن حقد وحسد عن أذهان أعداء علي ومعاديه المتسترين بجلباب الإسلام ... يقول سلامة عن أمير المؤمنين :

هو فخر التاريخ لا فخر شعبلا تقل شيعة هواة شيعة  عليإنما   الشمس  للنواظر   عيد يدعيه     ويصطفيه      ولياأن  في  كل  منصف   شيعياكل طرف يرى الشعاع  السنيا

ويختتم شاعرنا ألغديري ملحمته :

يا سماء اشهدي ويا ارض قري   واخشعــي، إنني ذكرت  عليّا

ولا اعرف كيف استعصى على المعادين لعلي (عليه السلام) من الناصبين فهم واكتشاف إمامة علي وولايته وهم يدًعون الإسلام والالتزام بالكتاب والسنة ، بينما نجد هذه الثلة من الأدباء والمفكرين المسيحيين يصلوا إلى هذه الحقائق مع انتمائهم لغير دين علي (عليه السلام) فضلا عن الانتماء إلى خطه الصادق . فهنيئا لم عرف الحق ونصر أهله وتعسا لمن صدق عليهم قوله تعالى {أُولئِكَ الذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُم وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي حسين علي
2009-12-12
ندعو من الله سبحانه وتعالى ان يرزق هؤلاء الكتاب المنصفين وغيرهم ممن عرفوا مكانة الامام علي وآل البيت عليهم السلام، خير أجر العارفين بحق محمد وآل محمد... وان يبارك فيهم ويكثر من امثالهم ليعلم العالم عظمة الاسلام ولو على لسان غير المسلمين... ولتنمحي الصورة الكريهة المتمثلة في جرائم ابن لادين وكبيرهم الذي علمهم السحر والقابع في دهاليز الرياض العفنة
نور العراق
2009-12-11
الله ... الله ... الله ... عاشت ايدك يا أحمد البديري .. والله لقد أبكيتني فرحا" .. أعزّك الله وأدعوه من كل قلبي أن يحفظك اكراما" لحبك الكبير لامامنا في الدنيا والآخرة ان شاء الله سيد الوصيين ومولى المتقين وامير المؤمنين مولاي علي عليه السلام .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك