جمال البغدادي
إن التخطيط السليم للمعركة يتوقف إلى حد كبير على معرفة نوايا العدو وأسراره، وإن الاستخبارات هي التي تمد القائد بالأسس التي يبني عليها قراراته. ولأهمية الاستخبارات العسكرية وشمولها نجد أن أعمال وأنشطة الاستخبارات العسكرية موجودة مع الإنسان منذ القدم ولكنها أصبحت في هذه الأيام أكثر استخداما وأهمية. ان ألاستخبارات، هي المعرفة والعلم بالمعلومات التي يجب أن تتوافر لدى كبار المسئولين من المدنيين والعسكريين، حتى يمكنهم العمل لتأمين سلامة الأمن القومي. وورد في (قاموس المصطلحات الأمريكية) أن الاستخبارات: نتيجة جمع وتقييم وتحليل وإيضاح وتفسير كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات عن أي نواحي دولة أجنبية، أو لمناطق العمليات، التي تكون لازمة لزوماً مباشراً للتخطيط . وكثيراً ما ترجع أهمية الأجهزة الاستخبارية إلى حاجة الدولة أو القائد إلى معرفة ما يخبئه له عدوه ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الأجهزة الاستخبارية الحديثة تمثل خط الدفاع الأول في العصر الحديث. إنها تؤكد من نفسها أنها العنصر الأساسي في المحافظة على السلم والهدوء لأنها هي التي تُمِدّ حكومتها بالمعرفة المسبقة عن نوايا العدو وعن استعداداته.
ومنذ بداية القرن العشرين صار للأجهزة الاستخبارية شان هام وكبير، لا سيما بعد تطور الوسائل الاستخباراتية إلى حد استعمال التصوير الجوي والآلات الإلكترونية فضلاً عن استخدام الأقمار الاصطناعية التي تدور حالياً في الأجواء ناقلة كل حركة وكل همس. إن الأجهزة الاستخبارية هي التي تكشف عورة الأعداء. إن كلمة معلومات تعني مجموعة المعارف المتعلقة بالعدو ومكامنه فهي الأساس الذي تبنى عليه الخطط ولذا تؤكد جميع الأنظمة العسكرية أن علينا ألاّ نثق إلا بالمعلومات الأكيدة وأن نتمسك دائماً بالحذر التام. إن المعرفة تحمل في طياتها القوة، ولذلك يمكن للمعرفة السرية أن تصبح قوة سرية، إن جهازاً سرياً للاستخبارات عنده معلومات من مصادر خفية يمكن له أن يساهم بقسط كبير في عملية رسم السياسة العامة لدولة قوية وآمنة. واليوم حراك المعلومات يأخذ شكلا جديدا، والنتيجة قد تبدو واضحة أحيانا وبصورة مباشرة، أو ضبابية وغير واضحة في أوقات أخرى. فغسيل الدماغ والتأثير على عقول الشباب بالآراء الشاذة والمتطرفة، والذي يؤدي في أغلب الأحيان الى تجنيد صريح وواضح لعناصر غير قليلة لأجل تحقيق غايات عسكرية ودموية لا يمكن إغفالها، إن مستقبل أي أمة أو دولة أحياناً يتوقف على دقة وكمال المعلومات التي تصل إليها الاستخبارات والتي تنير الطريق أمام القرارات العليا للدولة ويمكننا القول بإيجاز إن المعرفة في لغة الاستخبارات تحقق غرضين:الأول: تستعمل لغرض وقائي، أو دفاعي، لأنها تنذرنا مسبقاً بما قد يدبره الارهاب للإضرار بالمصالح الوطنية.
الثاني: أنها تصلح للاستعمال الايجابي لأنها تمهد الطريق لسياستنا الخارجية أو إستراتيجيتنا العظمى.
https://telegram.me/buratha