( بقلم :د.علي ثويني )
في إتصال هاتفي عاجل مع أهلنا في مناطق قرية الحرية و النبي شيت المتاخمة لمنطقة السلمان باك،حيث يتعرض الأهالي في تلك اللحظة الى هجوم إرهابي سلفي شرس موجه بقوة عسكرية مسلحة من القرى المجاورة، مما أضطرهم بعد أن أستنفذوا كل خيارات الإستغاثة والإتفاق في التسليم، الى الدفاع عن أرواحهم بما أوتوا من أسلحة خفيفة .ولم يصلهم حتى الآن أي إمداد للحماية من الشرطة أو الجيش العراقي. وبما ان منطقتهم تقع على طرف ما يحسب من ضمن حماية القوات الأمريكية ، فأن الجيش تحجج بعدم منازعته الأمريكان في "مناطقهم"،و الدفاع عن العراقيين في تلك المناطق . ومن المعلوم أن الأمريكان لم يحركوا ساكنا وتركوا مايقارب الخمسين عائلة شيعية تتعرض لهجوم آللاف من عتاة المجرمين المدججين بالسلاح المتطور الذي تركته لهم سلطة البعث من أجل تلك المآرب التي رسمت وخططت لها. وقد أضطرهم الأمر الى توجيه نداءات إستغاثة لأخوانهم في الصويرة والدبوني والكوت ووصل الصدى حتى العمارة، فوردتهم جموع المتطوعين ،ولاسيما من أصحاب النخوة، الذي شان عليهم الأمر، فتجمع حوالي خمسمئة مقاتل وراء سواتر ترابية لصد هجوم منظم وبالمداف الهاون والأسلحة المتطورة. وقد نجحوا أخيرا في صد الهجوم وتسنى لهم إخراج الأطفال والنساء منها بشق الأنفس، وقدموا الكثير من الضحايا.لقد تعرضت الكثير من التجمعات والبيوت الطرفية الى هجومات من هؤلاء خلال السنوات الماضية، وتم خلالها قتل الرجال والأطفال وسبي النساء،ونقلهن لأماكن مجهولة، وهذا ما أثار الرعب في نفوس الناس في تلك المنطقة، وأمسى القتال يكتسي صفة الدفاع عن العرض و الأرض ،لذا فضل الكثيرون الموت والدفاع عن حماهم وعدم الخضوع والإستسلام.والمنطقة الجنوبية لبغداد تشكل جزء من الطوق(الطائفي) المتكون من 33 قرية وتجمع حضري "سني" مطعم بنسب سكانية متفاوته و بفسيفساء "شيعي"، يمتد طوقه من الفلوجة حتى المحمودية واليوسفية واللطيفية والمدائن عبورا للنهر حتى الرستمية، دائرا حول بغداد حتى الشماعية و الجديدة والطارمية والمشاهدة،ثم خان ضاري والفلوجة. وقد كان قد أعد لهذه الخطة الأمنية" الطائفية" بعناية وتكتم خلال الحقب(القومية) الماضية.و يشكل هذا الطوق الخناق على عنق بغداد،هدف بعيد المدى رسم بدقة قبيل وإبان خطط أرشد العمري في نهاية الأربعينات وتصاعد في الخمسينات،ولاسيما بعد أن تبوأ العمري رئاسة الوزارة عام 1954. والهدف من ذلك التخطيط هو إسقاط العاصمة عسكريا وأمنيا في حالات الطوارئ والإنقلابات والإحتلالات والحروب الأهلية .وقد تكرس الأمر تباعا في الستينات بعدما أيقنت سلطة الأخوان عارف بأن "الشيعة" سيشكلون غالبية ضاربة في بغداد بعد التوسعات الشرقية والشمالية وإنشاء أحياء الثورة والشعلة ومدينة الحرية والغربية كما الشرطة و البياع والعامل ثم أبو تشير، التي خلخلت النصاب "الطائفي" المطلوب للعاصمة. وكان أواخر ذلك الطوق قد تجسد في قرية الوحدة التي أنشأها عبدالسلام عارف،ثم أكمل البعثيين القرى والتجمعات الحضرية بحجة حملات(العمل الشعبي) في السيعينات.و اليوم تقطن تلك القرى والمدائن المتاخمة لبغداد الكبرى جموع من "الشيعة" في وسط غالبية " سنية"، وجه لهم التهديد بالويل والثبور وخيروا بين ثلاثة حلول ،أما الفناء التام ، أو الرحيل وترك البيوت دون رجعة لتكون "موحدة" طائفيا، أو الإنخراط في حركة الإرهاب مشترطين تغيير المذهب وإعتناق "السلفية" الوهابية . وإجبر القادرون على حمل السلاح على محاربة الجيش والشرطة العراقية والخضوع لسطوة عصابات الخطف والإبتزاز، والمشاركة في قطع الطريق الى الفرات الأوسط أو الكوت والجنوب العراقي. وهذا ما جعل الكثيرين يدفعون حياتهم ثمنا للإمتعاض والرفض. و رضخ البعض ذاعنين خوفا، فأنخرطوا في عصابتهم التي تعيث في حدود بغداد الكبرى فسادا وقتلا.أهالي قرية (نبي شيت) يناشدون شرفاء العراق الآن للتدخل السريع وإنقاذ جموع الناس المحاصرين والمعرضين للفناء التام، بعدما عجزت الدولة عن توفير الأمان والحماية لهم.وأنشغل المحتل في حماية نفسه وتنفيذ خططه التي تنأى عن حماية الآهلين،كما هي سنن الإحتلالات في دساتير الدنيا. فباسمنا جميعا نوجه النداء الى من يستطيع تقديم يد الإنقاذ لهم .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha