( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
المتتبع الى اتجاهات البوصلة السياسية العراقية بإمكانه ان يلحظ عدم إمكانية وجود اتجاه محدد تؤشر عليه ابرة البوصلة، وبالتأكيد ان لهذه الظاهرة أسبابها الآنية والمتوسطة والبعيدة. وفي هذه الزاوية لسنا راغبين في سرد الأسباب وخلفياتها، وعدم الرغبة هذه لا علاقة لها بالمزاج النفسي للراصد، انما علاقتها تكاد تكون مباشرة بتحديد الهدف في هذه الزاوية وبالتالي لحصر الاتجاه وفق البوصلة الخاصة بهذه الزاوية كي لا نقع بذات الإشكالية التي نريد التأشير عليها.
من خلال الرصد المستمر للطقس اليومي السياسي بات المراقب يستطيع ان يحدد اتجاهات ثلاثة عدا الاتجاه القائم للعملية السياسية العراقية. وهنا لابد ان نشير الى ان الاتجاه الحالي هو اتجاه جديد يدشنه العراق لاول مرة منذ الإطاحة بنظام صدام ، وهذا الاتجاه قائم بالدرجة الاساس على اسس ديمقراطية دستورية أسست مطلع العام 2005 وخلاصة هذا الاتجاه انه يمثل تجربة قائمة على التعددية السياسية والعرقية والاثنية ورغم ان البعض يسمي هذا النوع من التجارب بالمحاصصة، الا ان المحاصصة ابعد ما تكون عن هذا الاتجاه. اما لماذا يكاد يكون مصطلح المحاصصة هو الأقرب لتفسير هذا الاتجاه فان ذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالطبيعة الديموغرافية للعراق.
فالشمال العراقي معروف بانتمائه القومي الكردي وتركيبته الجغرافية الجبلية.. ووسط وشمال غرب العراق معروف بانتمائه الاثني الطائفي الإسلامي السني وطبيعته الجغرافية الصحراوية التي تقترب اشكالها مع الطبيعة القائمة في الشمال الشرقي الكردي كلما أدلفنا يميناً.
اما وسط العراق وتحديداً من العاصمة بغداد ونزولاً الى البصرة وعلى امتداد حوضي دجلة والفرات فان السهول الرسوبية هي اللون الطاغي على الجغرافية هناك ولا يشابه هذا اللون الا الوحدة البشرية التي تنتمي عرقياً الى القومية العربية وطائفياً الى المذهب الإسلامي الشيعي.
هذه الحقائق شكلت على مدى اكثر من عشرة قرون مشكلة العراق الأساسية، واذا كنا نرى صعوبة ما في الوقت الحاضر لتجاوز اشكاليات وتمخضات اشكاليات الماضي فان المنطق يقول عندما يكون عمر أي اشكال او اشكالية خمس سنوات او عشر افضل بمئات المرات ان تبقى تلك الاشكالية قائمة لقرون.
من هذا الواقع يستشرف المتابع السياسي للحدث العراقي سيناريوهات سياسية قد تطفو على الساحة لاحقاً وليس بالضرورة ان تنجح ولكن بما اننا دخلنا في دائرة الدراما السياسية واحتمالاتها الممكنة فان اولئك المراقبين يرون بان العراق ممكن ان يشهد متغيرات في الوضع الراهن يطلق عليها بـ(حكومة الانقاذ الوطني) بيد ان هنالك من يعتقد بامكانية عودة الانقلابات العسكرية طالما المؤسسة العسكرية عادت بهذه السرعة ووفق آليات مستعجلة معظمها قائم على نفس الضوابط والأسس التي كانت تدار مؤسستنا العسكرية السابقة وفقها، وهناك من يذهب الى تدويل القضية العراقية اكثر مما هي عليه الآن عبر استصدار قرارات دولية أخرى خاصة بالعراق قد تطور المتعددة الجنسيات الى عناوين اخرى. وللموضوع صلة سنأتي عليه في نافذة أخرى.
https://telegram.me/buratha