كامل محمد الاحمد
كثير الكلام في العالم العربي عن حرية التعبير عن الرأي، ومختلف انواع الحريات، والغريب ان الجزء الاكبر من ذلك الكلام ينطلق من الانظمة السياسية الماسكة بزمام الامور والتي تتسم بأنها ذات نزعات استبدادية شمولية تسلطية، وانها لاتستطيع تقبل حقيقة مشاركة الاخر لها في السلطة والقرار السياسي.ان الحديث عن حرية التعبير في ظل الانظمة الاستبدادية الديكتاتورية هو ضحك على الذقون بكل معنى الكلمة. ماذا يمكن ان ينتظر المرء من اشخاص مستبدين يبقون متربعين على عروش السلطة لايتزحزحون منها الا عبر الموت او الاغتيال او الانقلاب؟.
وهؤلاء المستبدين ينفقون اموالا طائلة على انشاء القنوات التلفزيونية الفضائية وفتح الصحف والمجلات تأسيس مراكز الابحاث والدراسات، ومنظمات المجتمع المدني، لكنهم لايسمحون لاي واحدة من تلك المؤسسات الكثيرة والكبيرة ان توجه كلمة نقد صغيرة وعابرة لهم.
وهدفهم من وراء كل ذلك تلميع صورهم المسخة والقاتمة، وتضليل الرأي العام، والتغطية على ممارساتهم وسلوكياتهم السلبية، ونشر قيم الرذيلة والانحلال والتفسخ الخلقي في المجتمع، في الوقت الذي يحاولون فيه اظهار انفسهم بالمحافظين والصائنين للقيم الدينية والاعراف الاجتماعية. فعلى سبيل المثال لا للحصر فأن الجهة التي تمول وترعى قناة تلفزيونية مثل روتانا تبث كل ما يتنافى مع الدين والاخلاق والاعراف، نراها في ذات الوقت تمول وترعى قنوات تلفزيونية تختص بنشر الثقافة الدينية، في ازدواجية فاضحة وتناقض يعكس خللا في البناء السيكولوجي للاشخاص، وهوة واسعة جدا بين الفعل والقول. لم تحتمل الجهة التي ترعى حزمة قنوات روتانا بكل ابتذالها وضحالتها وجود قناة مثل العالم تطرح رؤى وتوجهات لاتلتقي مع رؤاها وتوجهاتها السياسية والعقائدية، لذلك عمدت الى حجب بثها عبر الاقمار الصطناعية التي تتحكم بها وتسيطر عليها. يبدو انها نسيت ان الحقيقة لاتحجب بغربال، وانه لايصح في نهاية المطاف الا الصحيح.
https://telegram.me/buratha