كريم حسين
لا شك ان قراءة التأريخ لم يكن ترفاً ذهنياً نستمتع بسرد حكاياته المثيرة كما نقرأ الف ليلة وليلة وليس التأريخ فرصة لاستعراض عضلات اجدادنا والفخر بمواقفهم وشجاعتهم وليس التأريخ وسيلة للبحث عن الذات المتقزمة والمنهزمة والتفاخر بالاجداد في زمن عز الناصر والاعضاد.التأريخ يعني قراءة لاستلهام الحاضر واستشراف المستقبل وفق مسارات الماضي والاعتبار الاكبر هو استيعاب دروس المعبرة والمؤثرة لكي لا تتكرر تفاصيلها وندفع الثمن مرتين.ففي سيرة الرسول الاكرم واهل بيته الاطهار الكثير من العبر والدروس البليغة التي نحتاج اليها في كل مخاضاتنا الحاضرة لكي نقلل الخسائر قدر الامكان.ولابد من الوقفة الطويلة بلا توقف والمراجعة المتأنية بلا تراجع امام مفاصل ومشاهد مهمة في حركة التأريخ البليغة التي نستلهم منها الدروس وليس مهماً ان نستفيد من دروس الحاضر وندفع ثمنها بل المهم ان نستشرف المستقبل وفق رؤية الماضي ونظرة الحاضر لكي نكون قادرين على تجاوز الاخطاء وان كنا في الغالب نحاول ننسى دروس الماضي او نتناساها مكابرة وطمعاً وعناداً.لا نريد الاشارة الى الدرس الكبير من واقعة كربلاء وشهادة الامام الحسين ربما لا يقدر على ذلك الكثيرون وربما يتساقط في هذا الاختبار اغلبنا لعدم قدرتنا على دخول الاختبار الصعب الذي مر به اصحاب الحسين عليه السلام وقد مرت علينا تجربة مماثلة مع الفارق بين شخوصها وعصمة عناصرها ففي الوقت كان الشهيد السيد محمد باقر الصدر يستغيث في ارض العراق اختفي قوم وتخاذل اخرون وبقينا في الساحة غرباء حائرين ضاقت بنا الارض بما رحبت ولم تسعنا بيوت اهلنا واصحابنا خشية الابادة في حال التستر علينا او الاخفاء.بل والاخطر من ذلك الكثير من رفاق الدرب والمحنة حاول تخطئتنا وتوبيخنا باننا القينا انفسنا الى التهلكة او الدخول في المنازلة غير المتكافئة بينما نحن لم نمتلك أي خيار للمواجهة بل وقع علينا الارهاب والاعتقال والمطاردة في واحدة من اخطر مراحل العراق بشاعة وقمعاً.وحينها ادركنا حقيقة وقناعة خطيرة وهي ان جميع من كان يخاطب الامام الحسين بقوله "يا ليتنا كنا معكم" سقط في اول لحظة الاختبار واصبح يبحث عن التبريرات لطاعة الطاغية صدام والسير بركبه فتارة تقية واخرى ولا تلقوا بايديكم للتهلكة وثالثة حماية النفس والعيال والاطفال.لا نريد ان نتذكر تلك الحقبة المؤلمة بكل افاقها بنظامها ورجالها وظروفها وتخاذل الناس عن نصرتنا وايواءنا ولكننا فوجئنا بعد سقوط النظام بالابطال والمعارضين داخل العراق واكثر من مليون مفصول سياسي لا ندري كيف تم فصلهم ومتى وفي وزارة الصناعة وحده 85 الف مفصول سياسي في عهد الطاغية صدام بينما ملاكاتها في تلك الفترة لا يتجاوز 42 الف شخص.وحتى البعثيون تحولوا الى ابرياء لم تتلطخ ايديهم بدمائنا ولا محابرهم بالتقارير علينا واصبحوا معارضين كلهم دون ان ندري بل ومظلومون.ولكن لا ندري من الذي ابقى النظام حتى التاسع من نيسان سنة 2003 وهل كانت ملائكة من السماء تحميه وتدافع عنه مازال البعثيون كانوا متورطين ومعارضين لحزبهم فمن كان يطوق بيوتنا ويراقبها ومن كان يعتقلنا ويحاربنا هل كان هناك جنود مجهولون لا نراهم حافظوا على بقاء النظام؟المهم ما نريد التذكير به معركة احد وكيف انشغل المقاتلون المسلمون بجمع الغنائم واستثمار هزيمة قريش رغم وصية الرسول الاكرم (ص) وتأكيداته لعدم النزول من سفح الجبل وحماية ظهور المسلمين ولكن بريق الغنائم اغرى المدافعون عن الجبل ودفعهم لينسوا او يتناسوا وصية نبيهم وقائدهم ثم وقعت الكارثة وكان الثمن باهضاً فقدنا حمزة عم النبي والمدافع الشجاع عن رسالته ونبوته.واليوم يتكرر المشهد الماضوي وبطريقة الغنائم التي يتهالك عليها اخوة المحنة والسلاح والمعاناة ويتنافس هؤلاء اصحاب التأريخ والجهاد والمواقف على مناصب ومواقع ليفسحوا المجال لاعدائنا من الدخول الى اوساطنا وتوجيه ضربة موجعة للعملية السياسية والمعادلة الجديدة في العراق.نأمل ان يعي المالكي وانصاره وعناصر حزبه خطورة الانشغال بالغنائم والمناصب وحطام الدنيا فان اعداءنا يخططون بذكاء لاستئصالنا وابادتنا ونهاية مشروعنا الذي دفعنا من اجله الثمن الغالي والشهداء والمراجع العظام كالشهيدين الصدرين وشهيد المحراب والالاف من طلائع الحركة الاسلامية.لا تنشغلوا بغنائم هي ليست بعيدة عنكم بل هي بين ايديكم ولكن لا تسمحوا لاعداء العراق من ازلام النظام السابق من التغلغل والتسلل الى صفوفكم ولو فعلتم ذلك فان لعنة الاجيال والتأريخ والشهداء ستلاحقكم ولن تشفع حينذ الغنائم والمناصب والمواقع.
https://telegram.me/buratha