( بقلم : عدنان آل ردام / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
منذ التاسع من نيسان 2003 وحتى أوائل العام 2004 وبالرغم من الفراغ الامني والسياسي والدستوري الا ان الاوضاع بكل اتجاهاتها الخدمية والامنية تكاد تكون افضل حالا عما هي عليه الان.. ربما ان السبب في ذلك يعود الى البعث نفسه الذي كان يرى في التغيير وما احيط به من تصورات وأفكار وآراء قد اجبر البعث على الانكفاء بل والبحث عن أي قناة تكفل له الهروب بجلده من العراق.
لسنا متأسفين على منهج التسامح الذي اظهرته الدولة الجديدة ولسنا بنفس الوقت من المتحفظين على قانون اجتثاث البعث لكننا ايضا لسنا ممن يضع البعثيين كلهم في خندق واحد يتساوى فيه ممن وجد اسمه مندرج في قوائم البعث وقلبه وروحه يحلقان في سماء المشروع المناهض للبعث كما اظهر مئات الألوف من البعثيين مواقفا مشرفة ابان الانتفاضة الشعبانية بل ان بعضهم تصدى لقيادة الانتفاضة ضمن محيطه الجغرافي وبالتالي اصبح واحدا من سكان القبور الجماعية بعد ان انكفأت الانتفاضة واستعاد البعث زمام المبادرة اثر الاستدارات الاقليمية والدولية التي حصلت آنذاك.
كيفما نتجه لا يمكننا ان نشطب على ملايين الناس لأنهم اصبحوا بعثيين تحت سوط القهر والحرمان والملاحقة، لكن هناك فرقا كبيرا بين بعثي لم يجد طريقا لتأمين قوت عائلته وستر عرضه وشرفه الا بتوقيع استمارة الانتماء الى البعث وبين بعثي آخر لا يملك من الطرق الا طريق قهر الناس واذلالهم وتصفيتهم فيما اذا لم يدخلوا دائرة حزبه.
ذلك الذي حصل لن يتحمل مسؤوليته البعث لوحده اذ ان البعث لم يستطع بيوم وليلة ان يفرض نفوذه وسيطرته على الذات العراقية، وربما يتذكر العراقيون مشاهد عديدة من السيناريوهات البعثية التي مكنت ذلك الحزب المتآمر من الامساك بمقاليد الامور عبر الفترة الواقعة بين تموز 68 – وتموز 79، ويفترض بنا خصوصا في الوسط والجنوب ان نستحضر كل دسائس البعث ومؤامراته وقدرته على ابتكار المشاهد المرعبة عندما نريد ان نخطو أي خطوة باتجاه بناء العراق الجديد، ويفترض أيضا ان نحترس اكثر من نتائج تلك المؤامرات الكارثية التي جلبها البعث طوال اربعة عقود، بعد ان اجتمعت عوامل عديدة ومتعددة لتحقيق معادلة التغيير التي ربما لن تتحقق فيما اذا حصل متغير ما.
في هذا المفصل الحساس والخطير نقول ان ضحايا البعث باتوا اليوم يشرعنون لعودة البعث في أكثر مرافق الدولة خطورة وحساسية فأولئك هم يملئون قيادات الفرق والالوية والافواج والمخابرات والاستخبارات وقوى الامن الداخلي وهنالك من المسؤولين خصوصا في محافظاتنا الجنوبية ممن اتيحت امامهم الظروف ليتسنموا مناصب ومواقع قيادية باتوا يمثلون دلالين ودعاة لعودة هؤلاء مقابل اثمان (حقيرة) وتسعيرات مختلفة تبدأ مما يطلق عليه بالعشرة اوراق الى الثلاثين ورقة وقد باتت الناس تعيش حالة الصدمة وبعضهم يرى ان ملازم المخابرات السابق في زمن صدام هو نفسه الان مديرا للاستخبارات في القضاء او المحافظة الفلانية وهناك بعض المعلومات التي تقول ان في محافظة واحدة اعيد خمسة عشر ضابطا مخابراتيا مشمولين بقرار الاجتثاث بتسعيرة العشرين ورقة وهم اليوم باتوا يعيدون تنظيم اضابير الذين كانوا في يوم من الأيام ينتمون الى قوى المعارضة وحاليا يعيشون في وطنهم.
سؤال واحد نوجهه الى من يهمه الامر خصوصا (أهل القرار) بتلك المحافظات والوزارات المرتبطين بها "من أعاد هؤلاء؟! ولماذا؟! وما هي النتائج؟!".ولسنا بحاجة الى الإجابة.
https://telegram.me/buratha