( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
على أثر الصدمة العنيفة التي تلقيناها الاسبوع الماضي والتي أدهشت كل المراقبين السياسيين ما نطق به قاضي المحكمة الجنائية التي تحاكم الدكتاتور صدام وستة من أزلامه بقضية الانفال سيئة الصيت بعد مداخلة جرت مع أحد المشتكين والتي حاول من خلالها صدام أن يدفع عن نفسه تهمة الدكتاتورية الامر الذي اذعن له القاضي العامري واكد من على شاشة التلفزيون وأمام ملايين المشاهدين بالقول(انك لست دكتاتوراً)، موجهاً الخطاب للطاغية والدكتاتور المنبوذ.
لا نريد أن نشكك بنزاهة المحكمة ولكننا نرى أن ما تفوه به السيد القاضي يعد خرقاً واضحاً لحياديته هو وليس لحيادية المحكمة، بل فسر هذا القول على انه انحياز كامل الى جانب المتهم وهذا ما يوقع المحكمة في دائرة الشك والريبة من القادم، وكنا قبل ان يعقد قاضي التحقيق السيد رائد جوحي مؤتمره الصحفي بعد استراحة المحكمة والتي لم تعاود انعقادها في الجلسة السابعة نظن بأن السيد العامري كان يتهكم بالدكتاتور أو يستهزئ برده هذه الصفة، إلا ان القاضي السيد جوحي نأى بنفسه لاكثر من ست مرات عندما سئل عما قاله العامري وتهرب بشكل واضح عن الاجابة ربما بقناعة أن القاضي كان يقصد ما قال، حيث لم يصدر الى الآن أي توضيح من قاضي المحكمة حول هذا الكلام الذي جرح مشاعر العراقيين .
الذين قرأوا التأريخ جيداً، واطلعوا على تقارير المخابرات الدولية حول جرائم التي ارتكبت في راواندا وفي رومانيا وفي الشيشان وفي دار فور وغيرها اكدوا على ان هذه الجرائم على سعتها ووحشيتها لم ترتق الى مستوى جرائم صدام وأجهزته الامنية بحق العراقيين حيث وصفوه بأنه ليس دكتاتوراً فقط بل انه اسوأ طاغية في التاريخ، فلا هتلر ولا شاوشسكو ولا حتى سربروس قد استطاع أن يرتقي جرمياً لما وصله هذا الدكتاتور، فهولاء لا يشكلون سوى اقزام امام هذا المجرم.
نحن لا نريد ان نمس عواطف السيد القاضي ولا معتقداته فكتاب الله سبحانه وتعالى أمامه وفق رأسه الاية الكريمة{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل}.لكن المؤسف ان يدعي بأنه يوزن كلماته بدقة قبل ان يتفوه بها خوفاً من تفسيرها خطأ، فهل وزن كلامه هذا وأمامه آلاف الوثائق الجرمية التي تدين الدكتاتور وخاصة ما يتعلق بإبادة الجنس البشري؟!
نحن إعلاميون ولسنا فقهاء قانون أو شريعة لا ننقل الا ما نسمعه وما نراه بكل حيادية ودقة وشفافية وصدق وأمانة لذلك سوف انقل لك اخي القارئ ما قاله أحد المثقفين المعروفين: (إن الذي لا يعتقد بأن صدام دكتاتوراً فهو أحمق وغبي)، الى غيرها من النعوت القاسية جداً التي سمعناها هنا وهناك والتي نربأبأنفسنا ان نعيدها، فهل يا ترى هؤلاء لم يعيشوا جرائم صدام الشاملة والتي وصفها العلامة الشهيد السيد مهدي الحكيم(رض)بأن صدام لم يكن عادلاً إلا في مسألة واحدة حيث وزع ظلمه على العراقيين بالتساوي .
نحن ندعوا مخلصين هيئة المحكمة الجنائية المحترمة أن تلتزم الحيادية وأن لا تقع تحت تأثير أي مؤثر إلا مؤثر العدالة التي نتطلع لها جميعاً، فالعراقيون ينتظرون اليوم الذي يصدر به الحكم العادل لينال المجرمون الجزاء الذي يستحقون.
https://telegram.me/buratha