المقالات

القراءة المقلوبة للاداء الدبلوماسي والسياسي في العراق الجديد

923 20:01:00 2009-11-10

كريم حسين

ثمة مفارقات وثنائيات أفرزتها العملية السياسية في العراق وكشفت عن تناقضات وارباكات في الفهم العام للواقع العراقي الجديد.ويبدو ان الفهم النخبوي السياسي في العراق مازال يتركز على البعد الطائفي رغم مغادرة الوعي العراقي الشعبي مؤثرات الشد الطائفي التي عانى من كوارثها شعبنا قبل اكثر من ثلاث سنوات.وما يثيره بعض السياسيين من كراهية للروح الطائفية وانقاذ البلاد والعباد من احتقاناتها والتباكي على الوطنية اصبح سلعة للمزايدات التي كذبها الاداء الجديد لهؤلاء السياسيين.فالعتب العراقي على الاشقاء والاصدقاء بالتردد او التراجع في دعم العراق سياسياً ودبلوماسياً تحول فجأة الى غضب لكل محاولة اقليمية للتقارب من العراق ومجرد تبدأ مبادرة اقليمية لفتح سفارة او زيارة لمسؤول رفيع للعراق تتكهرب الاجواء السياسية في العراق وتنطلق حرب الاتهامات وقراءة النوايا وما تخفي الصدور.لسنا في سياق الدفاع عن احد ولسنا هنا لمحاكمة الاخرين ولكن لابد ان نسلط الاضواء على حقائق ومستجدات الواقع العراقي الجديد لكي تتضح الرؤية والمواقف والتصورات.العراق لا يمكن ان يعيش منفرداً او مغرداً عن السرب العربي والاسلامي مهما كانت طبيعة التجربة السياسية الجديدة التي تبلورت في نظام الحكم الجديد في البلاد ولايمكن ان ينأى بعيداً عن محيطه العربي كما لا يمكن الغاؤه او شطبه عن المعادلة الشرق اوسطية لايمكن ان نتصور عراقاً بدون محيطه العربي والاسلامي ولا يمكن ان نتفهم محيطاً عربياً او اسلامياً لا يستوعب العراق.فالعراق الجديد أثبت بانه ينأى بنفسه بعيداً عن سياسة المحاور الدولية القائمة كبديل قهري للحرب الباردة اثناء القطبية الثنائية التي كانت تقود العالم قبل تفكك الاتحاد السوفياتي وتشظيه الى شظايا غير متآخية.وقد حرص العراق بان يكون ساحة سلام ووئام لجميع اشقائه واصدقائه واكد في دستوره بانه لم ولن يكون مصدر تهديد للاخرين ولم يحتضن اية منظمة ارهابية تنوي الشر لجيراننا.والعراق يرحب بكل جهد عربي او اسلامي او دولي لدعمه سياسياً ودبلوماسياً او اقتصادياً للخروج من ازمته الراهنة وهو كان ومازال يناشد كل القوة الخيرة في العالم الى فتح سفارتها ومد جسور التعاون والثقة مع العراق الجديد.وامتنعت دول شقيقة واخرى صديقة من الانفتاح مع العراق حتى على مستوى فتح سفارة او قنصلية ولم تصغ الى دعوات ونداءات العراق الجديد بضرروة الانتفاح الايجابي مع العراق واذا صغت الى صيحاتنا فتغلق اذانها او ترفد لنا فتاوى التفخيخ والعنف الطائفي عبر الانتحاريين ومجانين الاحزمة الناسفة.والمؤسف ان سياقات التعاطي مع الشأن العراقي اتخذت مسارات مقلوبة ومغلوطة فبدلاً من ادانة الغائب وتأنيبه وشكر الحاضر وتكريمه كسياق طبيعي في مسيرة العقلاء في الدنيا فليس من الصحيح ان يحاسب المدير موظفه الحاضر ويكرم الاخر الغائب ولكن في العراق اصبح الامر بالعكس والمقلوب فيدان الحاضر ويكافىء الغائب.والامتعاض والاعتراض اللذان ابداهما بعض السياسيين حول زيارة الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الاسلامي في ايران يعكس طائفية الوعي السياسي لهؤلاء والتعاطي مع الملف الاقليمي بازدواجية مقيتة.لا ننكر بان لايران مصالح في المنطقة وعلاقات واسعة مع دولها وهذا ليس مرفوضاً على مستوى العلاقات الدولية ولا نستغرب بان تكون لايران منظومة من العلاقات مع دول الجوار بل الاستغراب هو الا تكون لايران مصالح او علاقات مع المنطقة.وهذا الامر ينطبق على الجميع واذا غاب طرف فعليه ان يتحمل ضريبة غيابه لا ان يحمل الاخرين تداعيات هذا الغياب فان الكون لا يتحمل او يحتمل الفراغ فمن يحضر في الميدان السياسي والدبلوماسي والابواب العراقية مشرعة لكل من يريد التواصل فليس ثمة حظر على احد من جيراننا الاشقاء والاصدقاء.فماهي اسباب هذا اللغط السياسي والصراخ الطائفي والهستيرياً الانتخابية لزيارة الدكتور لاريجابي وهل تجاوزت الخطوط الحمر التي وضعها الدستور العراقي؟والاكثر غرابة ان بعض المولعين بنظرية المؤامرة من مثيري الشغب السياسي في العراق الجديد وصفوا هذه الزيارة بانها جاءت لحل ملفات عراقية داخلية او تقريب او توحيد الائتلاف الوطني العراقي مع ائتلاف دولة القانون.ولو فرضنا - جدلاً- بانها جاءت من اجل هذا الغرض التقريبي وحلحلة بعض الملفات للانتخابات القادمة وفرض المحال ليس بمحال كما يقال فهل من العقل والحكمة واللياقة ان يقوم لاريجاني بزيارة رسمية معلنة من اجل هذا الغرض وهل تحقيق هذه الاهداف يحتاج الى زيارة كبيرة بهذا الحجم لا تفارقها كاميرات الفضائيات في كل برامجها وتفاصيلها.وهل انعدمت كل الخيارات الكفيلة بالتواصل حتى تكون بهذه الطريقة المكشوفة والواضحة وتحت الاضواء وهل هذه الهجمة المغرضة للتشويش على هذه الزيارة محاولة للتغطية على مليارات الدولارات التي رصدت للحملة الانتخابية القادمة والتأثير على وعي الناخب وطبيعة الانتخابات وكياناتها.كان من المفترض واللائق سياسياً واخلاقياً ان يبادر الدكتور اياد السامرائي رئيس مجلس النواب بالرد على اتهامات واراجيف او اصدار توضيح لخلفيات زيارة الدكتور لاريجاني وغلق الابواب امام المتصيدين بالماء العكر والمستغلين مواقفهم الخاطئة لاغراض انتخابية فليس من الصحيح السكوت عن هذه التخرصات والتصريحات البائسة التي تفوح منها رائحة الحملات الانتخابية المبكرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك