حسن الهاشمي
إنّ لفعل المعاصي والتمادي في ارتكابها آثارًا موبقة وعواقب وخيمة، خصوصًا مع الإصرار عليها والتجاهر بها وشيوعها بين الناس من غير رادع، وهذا واقع خطير قد يغفل عنه الكثير من الناس، ولو كانوا على بيّنة منه، لتراجع الكثير منهم، وتاب إلى ربّه توبة نصوحًا، ولو وقفوا على أن كثرة المعاصي وانتشارها، من أكبر أسباب ظهور الأمراض الغريبة المستعصية ومظاهر الفقر وفقدان الأمن وشيوع الجريمة، لهبّ كثير من الناس للوقوف في وجه مرتكبيها والمروّجين لها.وذكر العلماء الأعلام إن المعاصي والذنوب لها آثار دنيوية وخيمة علاوة على العذاب الأخروي نذكر منها: هلاك الأمم والمجتمعات وظهور الأمراض المستعصية والأوبئة الفتّاكة وكثرة موت الفجأة وسلب النعمة ومنع استجابة الدعاء واستثقال العبادة وسلب الأمان من الأوطان ونزع البركة من الأشياء والفقر وقطع الارزاق...ونحن نعيش في بلد المقدسات ينبغي أن نكون من السباقين في عمل الخير والابتعاد عن كل ما يجلب غضب الله سبحانه لكي نحافظ على موجبات الرحمة والبركة التي تأتي بالطاعة والمغفرة لا بالمعصية والذنوب، وإن ما يحز في النفوس ويؤرقها ما نراه في بعض الأحياء من إقامة حفلات زفاف صاخبة يستقدمون فيها الفرق الموسيقية ويتجاهر المغفلون في شرب الخمور وارتكاب المعاصي والذنوب، ما يعد انتهاكا صارخا لقدسية المكان ومعتقدات الأهالي الذين يقعون ضحية سماع الأغاني النكراء بمكبرات الصوت وإلى منتصف الليل وما تسببه تلك الحفلات من مشاحنات ومهاترات بين بعض الشباب الطائش الذين يفقدون عقولهم إثر تناولهم الكحول لحد الثمالة وفقدان العقل والتعدي على الآخرين وما يصاحبه من كلمات مقززة ونابية يخجل المرء من سماعها لاسيما أن تلك الحفلات الماحقة غالبا ما تقام في أحياء شعبية مكتظة بعوائل فيها عادة شيخ كبير وطفل صغير وعوائل محترمة ونساء عفيفات.
ونحن إضافة إلى توجيه دعوة صادقة لأولئك الذين يرتكبونها بالكف عنها تجنيبا لما يترتب عليها من غضب وعقاب إلهي إذ كيف يعقل بالمسلم أن يبدأ أسمى ارتباط نفسي وروحي واجتماعي بالمعاصي والذنوب ما يؤثر سلبا على ذريته وعلاقاته الإجتماعية؟! كذلك نأمل من مجالس المحافظات الموقرة بإصدار قانون يحظر من إقامة هكذا حفلات في الأحياء الشعبية ولاسيما في المدن المقدسة صونا لها من التعدي والإنتهاك، وهي مسؤولية دينية ووطنية تكمن في المحافظة على الأخلاق والآداب العامة التي تميز الإنسان المثالي المتدين عن الإنسان المتسافل المتحلل، فالأول منبع الخير والبركة والرحمة الإلهية وأن خيره سيعم المجتمع بأسره، أما الثاني فهو سرطان ينهش جسد الأمة ويعطل فيه منابع الخير والهداية والتقدم وأن شره ربما يشمل جميع من حوله للإستهانة بعمله وعدم بذل الجهد في تركه المنكر الذي يقترفه... ولانتشار مجالس اللهو والفجور دور كبير فيما يعيشه العالم الإسلامي اليوم من الحروب الطاحنة والعمليات الإرهابية المنظمة وغير المنظمة التي تنال الناس قتلاً وسلبًا وخطفًا وتهجيرًا وتنكيلاً، ولكي ننأى بأنفسنا عن رياح الذنوب المسمومة لابد من الرجوع إلى الذات ومحاسبتها وترويضها على التقوى وعمل الخيرات قبل أن نحاسب.
https://telegram.me/buratha