بقلم: قاسم العجرش
يقول علماء السياسة ـ بعد أن أصبحت السياسة علما ـ ، أن لا صداقات دائمة في السياسة بل هناك مصالح دائمة، وقريبا من هذا المفهوم تشكلت أصطفافات القوى السياسية في العراق كما خيل لبعض، غير أن الأمر لم يكن على هذا النحو بالضبط، فلفترة ليست بالقصيرة حبس أنصار ألائتلاف الوطني العراقي أنفاسهم بشيء من الغصة وهم يسمعون أنباء وتصريحات تصدر عن مسؤولين في ائتلافهم تفيد بوجود حوارات مع رئيس القائمة العراقية الدكتور أياد علاوي، وبعض تلك التصريحات مضت إلى حد الإعلان عن أتفاق وشيك بين علاوي وقيادة الائتلاف الوطني العراقي للنزول إلى الانتخابات النيابية المقبلة بقائمة واحدة، متجاوزين مواقف علاوي الداعية إلى قبول رسمي لمشاركة البعثيين في العملية السياسية... وبالمقابل كان هناك مثل هذا الوضع يحدث على ضفة ائتلاف دولة القانون، فقد سمع أنصاره عن اتصالات ولقاءات جرت بين صالح المطلك وتشكيله السياسي المثير للجدل وبين ائتلاف دولة القانون، فيما كان قد حصل أتفاق نهائي لضم تشكيل الدكتور محمود المشهداني رئيس مجلس النواب السابق الذي أخرجه لسانه من رئاسة البرلمان، إلى ائتلاف دولة القانون، لكن يبدو أن نفس اللسان لم يسمح باستمرار تحالف المشهداني مع ائتلاف دولة القانون، فخرج المشهداني بلا وداع من الائتلاف قبيل إعلانه بقليل.. وفي ناحية ثالثة كانت هناك حوارات بين (حكماء) من ائتلاف دولة القانون و(مثلهم) من الائتلاف الوطني العراقي، لم يمنع استمرارها صخب الصقور في كلا الائتلافين الذين كانوا يعبئون نحو مزيد من الابتعاد والاختلاف بين الائتلافين الشقيقين، إلى حد أوصلوا الاختلافات غير الجوهرية الى أن تتحول الى خلافات يصعب تجاوزها.. غير أن حساب البيدر ليس مثل حساب الحقل، فقد لبس كل الساسة العباءة التي تناسب مقاسهم بالضبط، وكانت النتيجة في النهاية أنه لم يكن بالإمكان للائتلاف الوطني العراقي تجاوز عقدة البعث التي تحكم مسيرة علاوي السياسية، كما لم يتمكن ائتلاف دولة القانون من استيعاب فكرة أن يجمعه سقف واحد مع صالح المطلك وهو الذي يتهم القوى الإسلامية العراقية المجاهدة ومنها حزب الدعوة ـ القوة الرئيسية في ائتلاف دولة القانون ـ بأنها قوى (صفوية) ناهيك عن ترديده الفج لأسطوانة العمالة لإيران، كما لم يكن بالإمكان قبول الأطروحات الشاذة وغير المنضبطة للمشهداني خصوصا بعد أن اتضحت صورة تشكيله السياسي في أنه تجمع لسياسيين أغلبهم خرج من عباءة نظام صدام وفي مقدمتهم (نديم الجابري) الذي تنقل في أكثر من حزب سياسي منذ سقوط نظام صدام الذي كان أحد المنتمين الى حزبه بامتياز! ماذا توحي هذه الصورة؟ هذه الصورة تشي باختصار شديد الى أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأن ما قيل أن السياسة مصالح دائمة ليس دقيقا، بل أن هناك مبادئ دائمة، ويا غريب رد لأهلك ، وما يجمع الائتلافين الشقيقين (دولة القانون) و(الوطني العراقي) أكبر من أن يفرقهما، مثلما ما أتضح من أن ما يجمع القوى المناهضة لعملية بناء العراق الجديد على أسس من العدالة وتكافوء الفرص والوقوف على نقطة شروع واحدة، يجعلها تعلن اصطفافها العلني بلا وجل كما حصل حينما تشكلت ما أطلق عليها مؤخرا بـ (الحركة الوطنية العراقية)، والتي جمعت علاوي والمطلك
https://telegram.me/buratha