سعد الركابي
ليس غريبا ان تكون للديمقراطية وخاصة في مراحلها المبكرة هفوات وثغرات بعضها كبير والاخر مقبول ..لكن الغريب هو ان تستمر عجلة الزمن بالدوران دون مراجعة وتصحيح .. فالافق يتغير ويتجدد كل ما حولنا في حركة مضطردة للاحداث التي خلعت عنها رداء الانية وضيق الافق الى مدى ارحب واشمل واكثر عمقا ومسؤولية .. لم يعد الحال في العراق كما هو قبل اربعة اعوام ..فابار الطائفية نضبت ولم تعد تثري الجيوب وتملا صناديق الاقتراع ..ولم يعد لكاتم الصوت وادوات التفخيخ والاغتيال تلك الرهبة بعد ان انسحبت الى خانة الهزيمة النهائية .. بل ماعاد الشارع بتلك السذاجة التي اتاحت للبعض ان يخيفه وللاخر ان يستغفله .. لقد تجاوز المجتمع محنه والامه وصار في فترة نقاهته يبحث عن الافضل والاكمل والاكثر قبولا في كل شيء ..مفردات السياسة ..برامج التلفاز ..اشكال الملابس ..موديلات السيارات ..بل حتى في نظرته للاخر .. الاخر الذي كنا نخشاه فنلوذ بمن نراه الاقرب الينا ..والاقروبن اولى بصناديق الاقتراع !! دلالات ذلك واضحة ولا تحتاج الى مصاديق وادلة كثيرة تفسر كيف ان الشارع صار يعي ادوات المرحلة وما تستلزمه للعبور نحو شطان الامان .. حتمية التغيير صارت واضحة وان بدت انها ليست في شكل انقلاب عارم يحيل الحياة الى لوحة راقصة .. فالانقلاب الكامل ضار احيانا لانه يربك الحسابات وقد يوقعنا في فخ الصدمة ..
لقد اصبح واضحا ان اهتمامات الناخب صارت هي التي تستقطب المتنافسين بعد ان كانت الاوضاع على العمس تماما في المرحلة السابقة .. وهذا اول دليل ناصع على تعافينا من علل المرحلة السابقة وتراكمات العقود الماضية .. لقد صارت الكتل والاحزاب تعيد تحالفاتها وتصوغ اهدافها بحثا عن ارضائء للقاعدة الشعبية بعد ان صار مايريده الشارع هو مركز الاهتمام وليس ماتريده الاحزاب .. سياسيوا المرحلة الراهنة هضموا التجربة وفهموا ان الانتخابات لا تعني ( تجديد العهد والولاء للقيادات ) بل ان نختار الاصلح بينها في ضوء ما تطرحه من شعارات تهمنا ...
ربما نحن مقبلون على تغييرات حقيقية في الخريطة السياسية بعد ان اصبح الاجماع شبه مؤكد على اعتماد الية القائمة المفتوحة ..وبعد ان تغيرت الكثير من المفاهيم التي كانت تجمعنا هنا وتفرق غيرنا هناك .. حتما هناك وجوه جديدة سيلمع نورها وستختفي عن ساحة الحدث وجوه اخرى طالما كانت تظن انها الاكثر حظوة من غيرها ... سنكون اقرب الى مجلس نوابنا المقبل وحكومتنا التي ستنتج عنه وسنغدو اكثر شعورا بالمسؤولية تجاه التجربة برمتها لاننا اخترنا راسمي خطوطها باسمائهم لا بصفاتهم وانتماءاتهم
https://telegram.me/buratha