حامد كماش آل حسين
المعروف إن الهمسات تكون في زمن الاستبداد ولم نسمع عــــــن همس في زمن الحرية بل جهر القول والرأي هو عنوان زمن الحرية..ولكنني أقول عندما يتكلم الجميع فــــي زمن الحرية بصوت مرتفع وفي وقت واحـــــــد فأن الأمر يصبح بشكل لا يمكن أن يصغي احدهم للآخر فعندها يكون الهمس في هذه الحالة أكثر نفعا من هذا الصياح.... ومنها هذه الهمسات أن دام لها البقاء والتجديد إن شاء الله...
الهمسة الثالثـــــة :
البانوراما الدمـوية..
سألت شقيقي مدرس اللغة العربية عــــــــن الأفعال الأكثر استعمالا في الوقت الحاضر.فقال لي: إن من يتابع الفضائيات الإخبارية العربية والمحلية يلاحظ من دون كثير عناء إن الفعل(قـتل) هــو الأكثر استخداما في حياتنا المعاصرة.والحقيقة إن هذا الفعل سواء كــــــان مبني للمعلوم أو للمجهول هــــو الأكثر استخداما وشيوعا فـــــي حياتنا فما مــن نشرة أخبار تبثها القنوات الفضائية مثل الجزيرة أو العربية أو الحرة والشرقية ........ وحتى بعض الفضائيات المحلية إلا ويكون هـــــــذا الفعل أو أمثاله من قبيل: (أعتقل - اغتيل - لقي مصرعه - فجر - خطف..) مبتدأ النشرة الخبرية ومنتهاها .ولكي تعطي هذه القنوات صورة واضحة لعمل هـذا الفعل وانجازاته وما ينتج عنه وحتى لا يتوهم مـن يسمع بهذا الفعل ولا يعرف عملـــه وبالتالي يعطي له مضمون آخر لان اللغة العربية يوجد فيها الكثير من الأضداد فكان لابد لهذه القنوات وإمعانا فـــــي القسوة والحقد إن ترافق بالضرورة مع هــذا الفعل الذي ينبئ بالجريمة صور ومناظر الدماء علــــــى الشوارع والجدران وأشلاء الجثث المرمية علــــى قارعــــة الطريق وحركة القتيل الأخيرة وهو يبحث عن كمية من الأوكسجين تسعفه لمزيد مـن الحياة.وبذلك تكون البانورامـــا الدموية كاملـــــة وجاهزة يوميا للمشاهد العزيز ولكنه يصادف يومـــــا إن لا تكون هناك مشاهد صورية ولكـــن فعل القتل جاهزفانه لا يحتاج لإظهاره سوى تلفيق خبر أو ادعــاء قتل ولكن أين الصور ؟ والجواب جاهز حيث تظهر لنــــــا الفضائيات بثوب جديد وإنها حريصة علـــى مشاعر المشاهدين حيث توجـه رسالة للمشاهدين هي حتما أقسى من الصور مفادها ( نعتذر عــــــن عرض الصور حرصا على مشاعر المشاهدين..!!)علما انه لاتوجد صور لان الخبر ملفق بالاساس.إن هذه الرسالة تحرض مخيلة المشاهد وتثيرهــــا إلى حد الرعب والتساؤل .على إننا نسأل هل هناك مـــــا يؤذي المشاعر أكثر من مناظر هذه الدماء ومناظر هــــــــــــذه الأشلاء البشرية المتناثرة يوميا هنا وهناك ؟وهل هناك مـــــــــا يؤذي المشاعر أكثر من مشاهد وصيحات الاستغاثة المؤلمـة والأخيرة التي يطلقها الرهائن قبيل الموت المرتسم في عيونهم ؟أما نحن فعلى يقين تام من إن كل هذا العنف ومــــا يرافقه هو صراع يتبناه مــــــن لم يستطع إن يتقبل الواقــــع الجــــــديد والتغيير الحاصل بعــــد سقوط الدكتاتورية.كما نعتقد إن هــــــــذه المجاميع التي تسمي نفسها بالمقاومة هـــــي مستعدة إن تعطي كل شيء مقابل السلطة والاعتقاد الأهم في هذه المجاميع هــــو إن الجلاد لا يمكن يوما إن يصبح وطنيا انه دفاع عــن البساط السحري الذي سلب منهم....لقد أسمعت لو ناديت حياولكن لا حياة لمن تنادي
https://telegram.me/buratha