عامر هادي العيساوي
يحاول البعض مع الأسف الشديد أن يكون كالنعامة التي تدس رأسها في الرمل ظنا منها أنها ربما نجحت في إخفاء جسدها كله عن أنظار المتربصين بها وذلك من خلال إطلاق أعلى الأصوات التي تندد بالطائفية وتهول من خطرها على مستقبل العراق ووحدته دون أن يتسلح هؤلاء المتباكون اللهم باستثناء الشعارات بمنهج سياسي يتناول تلك الظاهرة وكيفية وأسباب ظهورها والجهة المستفيدة منها ومن ثم إيجاد الحلول والوسائل للقضاء عليها والانطلاق إلى الأمام من اجل تشكيل مفهوم الأمة العراقية الغائب في الماضي والحاضر وربما المستقبل القريب بعيدا عن الانتماءات الفرعية.ان هناك حقيقة دامغة لا يريد أولئك الذين يتظاهرون بحب العراق ويذرفون عليه وعلى أبنائه دموع التماسيح وهي أن الطائفية السياسية لم تظهر في العراق بظهور الأحزاب الإسلامية الشيعية بعد عام 2003 كما يروجون وهنا اصرخ في وجوههم وبصوت أعلى من أصواتهم وأقول لهم إنكم انتم الطائفيون الحقيقيون الذين يعملون ليل نهار على إعادة المعادلة القديمة في حكم العراق وحين تنجحون في إعادة السلطة إلى طائفة بعينها يصبح الحديث مجرد الحديث حينذاك عن الطائفية خيانة عظمى وعمالة لإيران تستحق الموت على أعواد المشانق , وأما ما يظهر عند غيركم فانه يندرج في باب ردود الأفعال أمام سلوكياتكم المشينة وفي باب الدفاع عن النفس والحقوق.وإذا كنا منصفين فعلينا أن نعترف بان الدولة العراقية الحديثة تشكلت في أوائل عشرينات القرن الماضي على أساس طائفي, وإذا كنا منصفين أيضا فعلينا الاعتراف بان المرحوم فيصل الأول ومهندس سياسته المرحوم نوري السعيد كانا يعملان يبطئ على إلغاء ذلك الأساس وصولا إلى دولة المؤسسات والقوانين وإحياء روح المواطنة بعيدا عن الانتماء العرقي أو الديني أو الطائفي مما كان يثير حفيظة الطبقة السياسية المتنفذة آنذاك والتي كانت عبارة عن بقايا كبار ضباط الجيش العثماني المرتبط وجودها في سدة الحكم على الشحن الطائفي وهذا ما يفسر المؤامرات والمحاولات الانقلابية على الملكية التي نفذها هؤلاء بدءا بياسين الهاشمي ومرورا ببكرصدقي ورشيد عالي الكيلاني والعقداء الأربعة وانتهاء بانقلاب- ثورة تموز.يروى أن رشيد عالي الكيلاني كان عندما يصعد على سطح منزله في الاعظمية كان يقول متى اصعد ولا أرى هذه القبة أمامي (يقصد قبة الإمام موسى الكاظم ع) ويروى أيضا أن عبد السلام عارف كان يقول (جئنا لنقضي على الشيعة والأكراد).ويروى أيضا أن خير الله طلفاح كان يقول (لقد أطلقنا على إيران كلابها)وعود على بدئ اقولولكن الذي حدث بعد انقلاب- ثورة تموز أن المرحوم عبد الكريم قاسم فاجأ رفاقه بأنه لم يكن على شاكلتهم فقد كان وطنيا مخلصا ومتأثرا بشخصية نوري السعيد كما اعترف هو بذلك فقد كان يقول(إن نوري السعيد ما جابته جيابه) وكان يقول أيضا (إن نوري السعيد رئيس وزراء داهية).لقد حاول قاسم أن ينجز بسرعة ما كان نوري السعيد يحاول انجازه يبطئ فكانت النتيجة أن دارت عليه الدوائر في الداخل والخارج إلى أن انتهت بما انتهت إليه في الثامن من شباط عام 1963 .ومما تقدم كله نستنتج بان الطائفية في العراق أو في غيره ليست من صنع الشيعة وإنما هم من أول ضحاياها وأول المكافحين من اجل القضاء عليها وان ما نراه اليوم في العراق هو محاولة لمقاومة أصحاب المشروع الطائفي الذين يريدون العودة بالعراق إلى أيام السادة والعبيد من( الشروكية )الذين قدموا إلى العراق عبر موجات غجرية قادمة من جنوب شرق أسيا مع الجاموس كما كان صدام حسين يقول.وأخيرا متى يتخلى بعض العرب من دعاة القومية الزائفين عن ذلك الحكم المسبق سيئ الصيت الذي يعتبر الشيعة (عجما)يغلبون ولاءهم لإيران على ولائهم لأوطانهم وحين يحصل ذلك فاني أعدهم بأنهم سوف لن يجدوا أحزابا شيعية في الساحة العراقية أو في غيرها.
https://telegram.me/buratha