جمعة العطواني
نقلت وسائل الاعلام المحلية والعربية تساؤلات السيد طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي التي وجهها الى السيد علي لاريجاني الذي يزور العراق بدعوة من نظيره السيد اياد السامرائي . وقد صرح السيد الهاشمي ان اجواء لقائه مع السيد لاريجاني كانت( غير مريحة). وقال كذلك انه نقل للسيد لاريجاني استفهاماته عن جملة قضايا منها منها قطع المياه عن العراق و موضوع تهريب المخدرات الى العراق، ومنها تدخل ايران في الشان الداخلي العراقي ، ناهيك عن الوضع الامني. وختم الهاشمي قوله ان( الزيارة سياسية وجاءت في ظرف حساس للغاية) .رغم ان الزيارة جاءت بناءا على دعوة مسبقة من قبل السيد رئيس البرلمان العراقي! هذه التساؤلات ( المشروعة ) للسيد نائب رئيس الجمهورية نتمنى ان تكون نابعة من حرص وطني وشعور بمعاناة وهموم المواطن العرقي، رغم انها هي الاخرى جاءت في ظروف سياسية يمر بها البلد اكثر حساسية من زيارة السيد لاريجاني . ولكن هذه التساؤلات على اهميتها حفزتني لانقل نفس التساؤلات الى فخامة السيد نائب رئيس الجمهورية ولكن بالاتجاه الاخر .
اننا في العراق نعاني من ازدواجية التعاطي مع مجمل الملفات التي يعاني منها البلد وفي مقدمتها الملف الامني والتدخل السافر في الشؤون الداخلية وقبل ان نحكم على نوايا السيد الهاشمي كون الحكم على النوايا غير مقبول عقلا ولا شرعا ولا سياسيا، لكن لابد من ملاحظة الظروف الحافة بالنوايا واستنطاقها لنصل الى حقيقة الهواجس والمخاوف والزفرات التي تقف وراء هذه التصريحات . لانريد ان ندخل في موضوع التدخل الايراني ونناقشه ولنؤكد للسيد الهاشمي (جدلا ) حقيقة التدخل الايراني (السافر ) في العراق ولنشكر السيد الهاشمي على هذه الفرصة التاريخية التي انقض فيها على خصمه( اللدود) ليفتح النار بكل قوة، وليضع ضيف العراق على المحك، رغم انها ليست الزيارة الاولى لمسؤول ايراني الى العراق، لكنها الاولى التي يلتقي فيها الهاشمي بمسؤول ايراني.
فلماذا اختيار هذا الزمان بالتحديد وقد سبقته زيارة للرئيس الايراني الا ان السيد الهاشمي رفض اللقاء به رغم انه المسؤول الاول عن سياسة ايران الداخلية والخارجية، فهل لنا ان نضع تساؤل امام السيد الهاشمي عن دواعي اللقاء مع رئيس الشورى الايراني بهذا الوقت ( الحساس ) كما يقول هو ؟ هل هو حرص على مصالح الوطن والمواطن ام انه استغلال للوضع الحساس حيث الانتخابات البرلمانية والتي يحتاج فيها السيد الهاشمي الى من يدغدغ مشاعره داخليا وخارجيا ؟ثم لنقبل ( تنزلا ) بوطنية وحسن النوايا التي دفعت الهاشمي الى هذا الموقف الوطني ولنعود الى الازدواجية في هذه التصريحات كغيرها من التصريحات التي يطلقها بعض السياسين في الدولة العراقية .
وازدواجية السيد الهاشمي تاتي في تعاطيه مع التدخل الخارجي بكل رحابة صدر ومن شخصه الكريم حصرا وليس ببعيد عنا البروتوكول الذي تم توقيعه بين ما يسمى ب ( المجلس السياسي للمقاومة العراقية ) باشراف عربي وتركي بامتياز وحضور شخصي من قبل السيد الهاشمي في تقرير مصير العراق السياسي من قبل اغلب دول الجوار وبعض الدول الاقليمية .
والازدواجية الاخرى هي تلك التي تحدث عنها السيد الهاشمي في موقفه من موضوع المياه والشحة التي يعاني منها بحق الشعب العراقي، وهي قضية سياسية بلا ادنى شك قبل ان تكون قضية جغرافية او اجتماعية او انسانية، ونحن اذ نحيي هذه الروح الوطنية التي يحملها لكن بنفس الوقت لنسال ونتساءل مع السيد الهاشمي عن السبب الرئيس في هذه الشحة وهل ان ايران هي السبب الاوحد او الاول وكم نسبة الشحة التي تسببها ايران في هذا الموضوع قياسا الى ما تسببه تركيا ؟ وليسال السيد النائب اصحاب الاختصاص كي يكون كلامنا وكلامه دقيقا
ثم لنسال السيد الهاشمي لماذا لم نسمع تصريحاتكم الوطنية في ما تفعله الجارة تركيا من سياسة تجفيف مقصودة، وهي تمثل اكثر من ثلاثة ارباع هذه الماساة؟ ولماذا لم نجده ينتفض امام الساسة الاتراك خلال زيارتهم المكوكية في العراق؟ بل لماذا نجد السيد النائب قد اطلق تصريحات الشكر والعرفان الى الاشقاء الاتراك عندما قاموا بمنح العراق ( مكرمة ) بزيادة نسبة اطلاق المياه في نهر الفرات ولم تتجاوز هذه النسبة على بؤسها ايام زيارة الهاشمي هناك ؟والتساؤل الاخر الذي نضعه امام انظار فخامة نائب رئيس الجمهورية عن سكوته المطبق عن التدخل التركي السافر في الشان العراقي ومن جملته فيما يتعلق بمسالة كركوك حيث التاكيدات التركية وعلى لسان اكبر المسؤولين في حواراتهم السياسية مع القادة العراقيين وتدخلهم في تفاصيل هذه المشكلة ؟ فاي تدخل اكبر من هذا ؟
اما الازدواجيةالاخرى في الشان الامني فاتصور ان جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبت بحق الشعب العراقي من قبل الاجندات والمشاريع العربية والتي يرتبط بهم السيد الهاشمي بعلاقات اكثر من طيبة فلا تحتاج الى مزيد عناء، اذ اننا لم نر او نسمع او نقرا عن السيد الهاشمي انه قال في لقاءاته مع المسؤولين السوريين او السعوديين انها زيارات (غير مريحة)، او طالب الاشقاء بالكف عن ارسال التكفيرين او الصداميين الى بلدنا وهو يرى ويسمع انيين الامهات والام الثكالى وصرخة الايتام وخراب البنى التحتية الناجمة عن التفجيرات الارهابية التي يتزعمها الصداميون بمباركة عربية ناهيك عن مليارات الدولارات التي تدعم هؤلاء !
نعم اذا كان هناك ثمة مواقف للسيد الهاشمي والتي لابد ان نسجلها له بكل امتياز هي انه اول من منع تمرير قرارات المحكمة المختصة المستقلة لتنفيذ احكام الاعدام بحق المجرمين . وانه اول من طالب بالعفو العام عن كل السجناء والمعتقلين بلا استثناء وقد القت القوات الامنية القبض عليهم وقد ارتكبوا جرائم بعد اطلاق سراحهم وبعد زيارة السيد الهاشمي لهم في معتقلاتهم وانه اول من طالب بعودة كبار الجلادين وبكتب رسمية الى السيد وزير الداخلية وهاهم الصداميون يعيثون في الاجهزة الامنية خرابا من الحرس الخاص والحرس الجمهوري وفدائيي صدام وغيرهم كثير . وانه اول من رعى المؤتمرات مع القتلة والمجرمين في تركيا .
هذه الازدواجية وغيرها تجعل القاريء الكريم يستخلص النوايا الحقيقة من وراء هذه التصريحات ومدى صدقيتها ووطنيتها، كما ويستخلص مدى ارتباط هذه التصريحات بالظرف الحساس الذي يمر به البلد ومدى حجم الرسالة التي اراد ان يوصلها الى اصدقائه في الداخل العراقي والخارج العربي، وبخاصة بعد الاعلان عن الائتلافات البعثية في اكثر من جبهة وهناك من يحتاج الى مغازلة البعثيين لدعمه من خلال المشروع العربي القادم .
https://telegram.me/buratha