المقالات

الانتخابات التمهيدية في العراق بين القراءات الموضوعية واللاموضوعية

1181 17:43:00 2009-11-04

عادل الجبوري

نحن قبال تجربة وممارسة ديمقراطية غير معهودة ولا مألوفة في ثقافتنا السياسية في اطار المجتمعات والنظم السياسية للعالم الثالث، بالرغم مما يمكن ان يرافقها من اخطاء وسلبيات ونقاط ضعف".هذه احدى التعليقات على الانتخابات التمهيدية التي اجراها بالتتابع مؤخرا كل من التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، لاختيار مرشحيهم للانتخابات البرلمانية العامة المزمع اجراؤها في السادس عشر من شهر كانون الثاني-يناير المقبل.والتعليقة المشار اليها في بداية السطور ربما تختزل احاديث طويلة وتقييمات تفصيلية للتجربتين.وبما ان خطوة التيار الصدري وبعده المجلس الاعلى لم تكونا مسبوقتين في ظل سياقات وممارسات ديمقراطية حديثة العهد في بلد رزح تحت وطأة الديكتاتورية والاستبداد لعدة عقود من الزمن، ولم يعرف ابنائه شيئا اسمه انتخابات حقيقية وتصويت لاناس يعرفونهم ويقتنعون بهم، فأن القراءات التحليلية للتجربتين-او قل التجربة-قد تحتاج الى بعض الوقت لتتكامل عناصرها وتتبلور صورتها النهائية.ولعله من الطبيعي ان يظهر نوعين من القراءات التحليلية لتجربتي الانتخابات التمهيدية.النوع الاول من القراءات يمكن ان نصفها بالقراءات غير الموضوعية والمتسرعة، لانها اما انطلقت من حسابات سياسية واجندات انتخابية ارتبطت بطبيعة الاصطفافات والتحالفات التي اخذت تتشكل وتتبلور في الاونة الاخيرة استعدادا لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، او انها انطلقت من معطيات وحقائق منقوصة ومجتزئة، وفهم غير كاف لابعادها ودلالاتها السياسية.والنوع الثاني وهو الاهم، والذي يستحق قدرا كبير من التوقف والتأمل والمراجعة، ويتمثل بالقراءات الموضوعية التي تأخذ بعين الاعتبار نقط القوة ونقاط الضعف، وعموم السلبيات والاخطاء التي رافقت تجربتي الانتخابات التمهيدية، مع اهمية التأكيد على انه رغم اوجه التشابه من حيث الاطر والمضامين العامة، تبقى هناك خصوصية من حيث الاليات والسياقات لكل من التجربتين تميزها عن الاخرى.واذا كانت ارقام المشاركين ونسب الاقبال على تلك الانتخابات تعد واحدة من مؤشرات النجاح او عدم النجاح، فأنه من الخطأ وفق القراءات الموضوعية جعل هذا العامل هو المعيار الوحيد في التقييم.فمن ناحية من شأن تلك التجربة ان ترسخ النظام السياسي الديمقراطي، وتؤسس لثقافة سياسية فيها الكثير من الدينامية ومثلما يقال "ان ذلك يعد مؤشرا مهما على القدر الكبير من الوعي والثقافة السياسية التي بات يتمتع بها الشعب العراقي، بعدما رزح لعقود طويلة تحت وطأة انظمة استبدادية قمعية سعت طوال الوقت الى تهميشه وتغييبه عن مجريات الامور، وان الاقبال على الترشيح، والاقبال على الانتخاب، وفق سياقات واليات ديمقراطية شفافة يعطي رسالة واضحة تعبر اصدق تعبير عن الايمان بالمباديء الديمقراطية السليمة، والسعي الجاد والمخلص لترسيخها، وجعلها جزءا محوريا ومهما من اسس ومرتكزات النظام السياسي للعراق الجديد".وقد تبدو مفارقة ان تبادر تيارات دينية غالبا ما وجهت اليها اصابع الاتهام بالانغلاق وطغيان نزعات الاستئثار والاقصاء لديها، وبعدم تقبلها للعبة الديمقراطية واستحقاقاتها ونتائجها، تبدو مفارقة ان تبادر الى فتح افاق جديدة في فضاء المشهد السياسي بكل تعقيداته وتجاذباته، وهو ما تعجر عن القيام به قوى وتيارات تتبنى الافكار والاطروحات الليبرالية في خطابها السياسي والاعلامي.وهنا فأن الامتداد والعمق الجماهيري يشكل حافزا مهما وقويا لخوض هكذا تجارب، ولاشك فأن ما يتمتع به كل من المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، او بتعبير اعم تيار شهيد المحراب، والتيار الصدري من ثقل وحضور وتأثير جماهيري لايقارن بما تتمتع به قوى وتيارات سياسية كثيرة في الساحة العراقية، وازاء ذلك فأنه ليس غريبا حينما يشارك ملايين الناس من انصار واتباع ومريدي التيارين، وكذلك من شرائح وفئات اخرى في الانتخابات التمهيدية، وبحسب الاحصائيات الرسمية للتيار الصدري فأن مليون ونصف المليون شخص شاركوا في الانتخابات التمهيدية للتيار، ووفق التقديرات الاولية فأن مايقارب مليوني شخص قد ادلوا بأصواتهم في الانتخابات التمهيدية لتيار شهيد المحراب ، على امتداد خمسة ايام، وبطرق التصويت الخمسة التي تم اتباعها(صناديق الاقتراع الثابت، والصناديق المتحركة، واستمارات التصويت الخاص، والبريد الالكتروني، والرسائل القصيرة عبر شبكة الهاتف النقال).واذا كان هناك من يتحدث عن عمليات تزوير وتلاعب قد حصلت هنا وهناك، فأن ذلك ربما ينظر اليه كأمر طبيعي، ارتباطا بفترة الاعداد الزمنية القصيرة، والاليات المتعددة للتصويت، ناهيك عن حقيقة ان اية انتخابات لايمكن ان تخلو تماما من مسألة التزوير والتلاعب، بنسب متفاوتة.ويتوقع مراقبون ان تبادر قوى وتيارات سياسية مستقبلا الى تقليد تجربتي الانتخابات التمهيدية للمجلس الاعلى والتيار الصدري، مع بعض التعديل، في ذات الوقت الذي سيحرص فيه التيارين على تأصيل تجربتيهما، وتحديثها وتطويرها في الاستحقاقات الانتخابية الاخرى، بما يضمن معالجة الاخطاء والسلبيات وتلافي نقاط الضعف والقصور فيها.ولعل الشيء المهم بالنسبة للانتخابات التمهيدية هو انها رسمت-او يفترض ان ترسم-الخطوط الاولى والاولية لمعالم وملامح المشهد السياسي القادم على ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة التي لم يتضح بالكامل بعد فيما اذا كانت ستجرى في موعدها المقرر كما تسعى قوى وكيانات سياسية عديدة من بينها المجلس الاعلى والتيار الصدرين ام ان "عقدة كركوك" ستدفعها عدة شهور الى الامام؟.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الربيعي
2009-11-06
بالفعل الانتخابات التمهيديه خطوه مباركه في طريق ترسيخ الديمقراطيه..وانشاء الله ستتم الانتخابات في موعدها ويتم الاتفاق على مساله كركوك
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك