( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
مع تصاعد اجتماعات ومؤتمرات المصالحة الوطنية ومع اقتراب موعد مناقشة نظام الاقاليم في مجلس النواب، تتصاعد وتيرة الاتهامات التي إعتاد النظام البائد سابقاً على إطلاقها ضد معارضيه فكان يتهمهم بالتآمر ويحصد عشرات الارواح من الحزبيين من (رفاقه) عندما يتورطون في منافسته على الحكم، فيما كان يتهم المعارضة العراقية بالعمالة مع ادراكه الكامل أنها لم تعمل ضده وتثور عليه إلا لتحرير العراق من ظلمه واستبداده ودكتاتوريته.
ما تسمى بـ(نظرية)المؤامرة والعمالة تعد أجهز إتهام يمكن أن يلصقه أتباعه وبقاياه بعد سقوطه واندحاره بالمخلصين من ابناء العراق الغيارى الذين أفنوا اعمارهم وهم يقارعونه في كل شبر من جغرافية العراق ويقارعون مشاريعه وبرامجه وسياساته الاستبدادية التي عمل على تأصيلها وتجذيرها في بعض النفوس الضعيفة التي لا ترى ان تتحقق مصالحها الفئوية والشخصية إلا بسلوك هذا المنحى الشائن. فمجلس الحكم الذي تشكل بعد 9/4/2003 ضم إليه شخصيات ورموزاً وطنية ودينية كانت قد قادت ملاحم بطولية طيلة ثلاثة عقود لاسقاطه وتحرير العراق من ظلمه ودكتاتوريته، فلم تجد هذه الابواق الرخيصة سوى توجيه الاتهامات الفارغة لهذا المجلس بالعمالة للامريكان وعندما جرت ملحمة الانتخابات الاولى والتي شكلت حكومة الدكتور الجعفري اعتبرها هذا البعض مؤامرة وقالوا أن الانتخابات مزورة بعد النتائج الباهرة التي اعمى وهجها أبصارهم مما دعاهم الى الدفع بالاتجاه الآخر ولملمة بقايا النظام البائد والتعاون مع الفرق الضالة من التكفيريين الذين عبروا الحدود لايقاع خسائر في صفوف ابناء الشعب العراقي بمفخخاتهم وانتحارييهم. وبعد انكشاف تورطهم في هذه الجرائم غيروا نهجهم وطالبوا الدخول الى العملية السياسية لا حباً بها بل لتعويقها قدر الامكان ودخلوا الانتخابات الاخيرة التي فاز بها الائتلاف العراقي الموحد ولم يحصلوا إلا على عدد قليل من مقاعد مجلس النواب حسب استحقاقهم على الارض فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها وراحوا يألبون الرأي العام الاقليمي والدولي لان المحلي قد أعطى رأيه واختار ممثليه، ولم يبق لديهم سوى التعويل على الخارج وهذا ايضاً اسقط ما في ايديهم بعد وصول الخبراء الدولين الذين حكموا بنزاهة الانتخابات الامر الذي ادى الى تأخير ظهور النتائج وتأخير تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الى اكثر من ثلاثة أشهر.
إن افلاس هؤلاء في اعادة عقارب الساعة الى الوراء وعدم قدرتهم على معاكسة التيار الوطني والديني في بناء العراق الجديد جعلهم يلجأون الى ذات النظرية للوقوف بوجه التحولات والتغييرات الجذرية التي نسفت الى الابد المعادلة الظالمة التي حكمت العراق وتعسفت بحقوقهم المشروعة.
اليوم وبعد أن اتسعت دائرة المطالبة الشعبية بأقامة الاقاليم وتطبيق النظام الفيدرالي الذي كفله الدستور الدائم، كان لابد من أيجاد طريق آخر لتأخير هذا المشروع الوطني فعمدوا الى المطالبة بتعديل الدستور كشرط لانظمامهم للعملية السياسية رغم علمهم بأن المادة(142)لا تلغي ولا تنسخ القاعدة القانونية للمادة (118) التي اكدت على أن النظام العراقي هو نظام دستوري تعددي فيدرالي ديمقراطي وإن المادة (142)ليست إلا قاعدة قانونية لادخال بعض التعديلات على أصل المادة(118) وليس الغاؤها.
لذلك راحت مؤتمراتهم الصحفية(الرنانة)تكيل التهم الجاهزة كما كان يفعل النظام البائد بمعارضيه من أن الفيدرالية مخطط أجنبي يراد منه تجزئة العراق وتبديد الثروات وو..الخ من الاتهامات الباطلة.نقول ان محاولة تمرير مثل هذه الاتهامات الفارغة سوف لا تنطلي على شعبنا بعد أن اختار طريقه وأنه سوف لن يتنازل عن تحقيق هذا الهدف الذي يضمن له حقوقه المشروعة بعد سيل الدماء والتضحيات الجسام، وما على هؤلاء إلا إعادة قرأة الخارطة السياسية بتمعن وتبصر وأن يعرفوا حجمهم على الأرض وأن يساهموا مع ابناء العراق الغيارى في البناء الجديد بعيداً عن المهاترات الكلامية الفارغة التي يحاولون تسويقها دون طائل.
https://telegram.me/buratha