عامر هادي العيساوي
أسجل في البداية كامل حبي واعتزازي وتضامني مع الشعب الكردي الطيب والحي والأبي الذي اثبت إثناء مسيرة العراق الحديثة انه يأبى الضيم والخنوع والاستكانة. فعلى جبال كردستان تزعزعت كافة الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية التي عاثت في العراق فسادا.أحبتي الكورد..إن السياسي الناجح وهذا ما يعرفه الجميع هو ذلك الذي يتقدم بمعيته في الطرق المفتوحة والسالكة إلى الأمام من اجل النهوض والانتقال إلى الحال الأفضل بعيدا عن المغامرات غير المحسوبة والإنفاق المظلمة التي تطيح في آخر المطاف بذلك السياسي وتلحق بالسائرين في ركابه أفدح الضرر وتؤخر مسيرتهم باتجاه الأهداف المرجوة إلى عقود طويلة من الزمن.أما ذلك السياسي الذي يجيش الناس من خلال الشعارات الرنانة التي تدغدغ عواطف البسطاء ثم ينطلق باتجاه أهداف يعرف هو قبل غيره استحالة تحقيقها من الناحية الموضوعية سياسي فاشل ومدمر ومدحور.ان قضية كركوك من اكبر القنابل الموقوتة التي تضع العراق كله على كف عفريت. وان حلها ليس في متناول القوى السياسية العاملة في الساحة العراقية باستثناء الأخوة الأكراد في حالة إذا تعلموا من دروس التاريخ ونجحوا في قراءة الساحة السياسية الإقليمية والدولية قراءة صحيحة وحددوا القوى المهيمنة وأهدافها وأساليب عملها.وبلا تردد أقول بان ضم كركوك إلى كردستان العراق ليس ممكنا من الناحية الموضوعية بغض النظر عن التركيبة السكانية فيها إلى الحد الذي ازعم فيه بان ذلك ليس ممكنا حتى لو كان سكانها أكرادا 100%. ليس لان المجلس الإسلامي الأعلى او حزب الدعوة الإسلامية او القوى الأخرى لا تريد ذلك بل لان قوى إقليمية ودولية بالإضافة إلى العامل الداخلي لا تريد ذلك.يتوهم البعض حين يعتقد بان العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبح خاضعا لقطب واحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والحقيقة التي لا تخفى على أي محلل واع ومنتبه ان هناك قطبين رئيسيين ولدا من رحم النظام الرأسمالي العالمي وقد ظهرا منذ ذلك التاريخ وراحا يخوضان صراعا غير معلن ولكنه بدا واضحا ودمويا في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالاضطرابات يمثل الأول اعلى مراحل الرأسمالية وراح يعمل بقيادة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش من اجل إزالة كافة الحواجز القومية والعنصرية والدكتاتورية التي تحول دون العولمة او بتعبير آخر دون تحويل العالم إلى قرية صغيرة خاضعة لسلطة واحدة وهي سلطة رأس المال العالمي وهذا ما يفسر مشروع بوش في إقامة الشرق الأوسط الكبير من خلال نشر النظم الديمقراطية في بلدانه مما يؤدي بالنتيجة إلى حل دائم للصراع العربي الإسرائيلي.ذلك الصراع المزمن الذي أصبح يكلف الغرب كثيرا لأنه يعرقل الغزو الاستثماري لرأس المال في هذه المنطقة.وإزاء هذا القطب ظهر قطب آخر تقوده إسرائيل يقاوم كافة توجهات القطب الأول ويعمل على ابقاء الوضع الراهن او إعادة رسم الخارطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط بما يؤدي إلى ظهور دول واختفاء دول أخرى عبر انهار من دماء أبناء شعوب المنطقة وسيكون الخاسر الوحيد في آخر المطاف هو تلك الشعوب التي ستكون خاضعة في الحالتين إلى هذا القطب اوذاك.إن هذا الصراع الدائر اليوم في الشرق الأوسط بين هاتين القوتين العاتيتين لا ناقة للكورد أو العرب أو الأتراك او البلوش فيه ولا جمل وان مصلحة الجميع تقتضي التقارب والتعاون لتشكيل كيان اقتصادي يتعامل مع جميع القوى العالمية وفقا لمصالحه.إن أمل العراقيين كبير بإخوتهم الكورد بان يصونوا العراق وأهله ويحقنوا دماء أبنائه وان لا يكونوا سببا في هدر ثرواته وذلك بإبعاد العراق عن دائرة الصراع الدولي مهما كان لان أهداف ذلك الصراع في كل الأحوال لن تكون في صالحهم وان مصلحتهم الحقيقية في وضع أيديهم بأيدي باقي إخوتهم العراقيين خاصة وان العراق يكفي جميع أبنائه الذين أنهكتهم الحروب.أيها القوميون عربا وكردا وقوميات أخرى صدقوني أن الدول القومية في العالم تتجه نحو الاضمحلال في ظل المراحل العليا للنظام الرأسمالي وهي حتى في حال ظهورها في المستقبل المنظور فان عمرها سيكون قصيرا
https://telegram.me/buratha