( بقلم : علي حسين علي )
على امتداد ثلاث سنوات وبضعة اشهر ظل العراق ينصح ويحذر دول الجوار من أن الارهاب لا يمكن حصره في مكان معين وأن الارهاب لا أمان له ولا ثقة بمن يقوده، وكذلك فان الارهابيين لا يردون فضلاً لأحد وأن كان لهم ظهيراً…ومع ذلك ظل بعض زعماء دول الجوار غير مبالين بما حصل ببلادنا ، وغير مصدقين بأن في الآتي من الأيام ستكون صولة الارهاب عليهم وفي بلدانهم أيضاً.
والمشكلة مع بعض الحكام أو الزعماء العرب هي أنهم لا ينظرون بعيداً، ولو كانوا فعلوا ذلك لما حدث ما حدث بالأمس في دمشق عندهما هاجم الارهابيون مبنى السفارة الأمريكية..وإذا ما كانت القوات السورية قد قتلت المهاجمين الأربعة، فانها بلا شك كانت كفوءة إلا أن الكفاءة تكون في درجة أعلى لو أن الاجهزة الأمنية السورية قد اكتشفت نوايا الارهابيين وخططهم قبل أن تقع الواقعة! وإذا ما كانت(غزوة)الارهابيين التكفيريين للسفارة الأمريكية قد أخذت هذا الحيز الاعلامي الكبير في وسائل الاعلام العالمية، فذلك لأن الأمر يخص أمريكا قبل كل شيء، إذ أن عدة حوادث ارهابية قد وقعت في دمشق وفي غيرها من المدن السورية، ولكنها لم تحظ بالاهتمام الاعلامي الذي حظت به حادثة السفارة الأمريكية في الثاني عشر من ايلول الحالي،ومع ان بعض السياسيين يزعم بان العملية ماهي الاعملية مفبركة من قبل الاجهزة الامنية السورية..الا ان ذلك لا ينفي ان يكون المنفذون ارهابيون فعلاً.
إن الارهابيين الذين كشفوا عن علاقاتهم بعض الاجهزة الأمنية في بعض بلدان الجوار كانوا يذكرون في التحقيقات التي اجرتها معهم الأجهزة الأمنية العراقية خلال الشهور الماضية، ومع انهم كانوا يقرون بصلة الاجهزة المخابراتية في هذه البلدان بهم ودعمها لهم وايصالهم الى الأراضي العراقية، إلا أن هؤلاء المجرمين كانوا يعرفون أيضاً بأن منظمات سرية في العديد من البلدان العربية والاسلامية كانت تعدهم الى السفر الى سوريا، وأن منظمات ارهابية في سوريا ومنها (القاعدة في بلاد الشام)كانت على صلة بشقيقاتها الأخرى في البلدان البعيدة عن دول الجوار، وانها كانت تنسق معها، و(القاعدة في بلاد الشام) هي الاخرى كانت تتلقى دعماً مالياً واعلامياً من شقيقاتها في خارج سوريا، وقد أعترف المجرمون الذين ألقي القبض عليهم في العراق بأن منظمة(القاعدة في بلاد الشام) لها نشاطات داخل سوريا وفي لبنان وفي الاردن، واشار الارهابيون الى أن تلك النشاطات لم تكن تخص العراق وحده، بل موجهة لزعزعة الأمن والاستقرار في البلدان الثلاثة(سوريا-لبنان-الاردن) .
وعلى هذا كان المراقبون الأمنيون والسياسيون في العراق يتوقعون عمليات ارهابية في سوريا تحديداً، لأن المعلومات المتوفرة من التحقيق مع الارهابيين كانت تفيد بأن (القاعدة في بلاد الشام) قد اكملت استعداداتها للمواجهة العنيفة مع السلطات السورية، مستغلة الفراغ الأمني في الشمال اللبناني الذي انسحبت منه القوات السورية قبل اكثر من عام ولم تستطع القوات الأمنية اللبنانية من السيطرة على البؤر الارهابية المتواجدة في منطقة(طرابلس)اللبنانية وجوارها.
وقد أفادنا بعض القادمين من سورية ان البؤر الارهابية التي استولت على أراضٍ واسعة في شمالي لبنان، أصبحت تشكل تهديداً كبيراً للأمن السوري والاردني، وربما يتجه الخطر الى الحدود الشمالية لسورية حيث الاراضي التركية.
وما يعرف عن الكثير من المسؤولين العرب، هو قصر النظر السياسي- كما قلنا- ولكن تبين أن ذلك ليس الوبال الوحيد الذي أصابهم، بل هناك ما هو أدهى وأشد خطورة من ذلك..وهو أن بعض المسؤولين العرب يتصورون بأنه يستطيع أن يتحكم بالمنتج الذي صنعه، في حين ان الارهاب لا يمكن السيطرة عليه اساساً، لأنه منتج لا حدود له ولا فكر يقوده ولا هدف واحد يسعى إليه، الارهاب هو سلاح دمار شامل يقتل الجميع ولا ينجو منه من يستعمله لأغراض سياسية أو لتصفية حسابات كما دأبت بعض دول الجوار قبل ثلاث سنوات وحتى هذه اللحظة، فتصفية الحسابات مع دول كبرى على أرض العراق كانت سياسية معتمدة لاكثر من دو لة من دول الجوار..ولكن الأيام والوقائع أثبتت أن تلك السياسة غير مدروسة، بل بتوصيف أصح، انها سياسية خرقاء، قد جرت على الشعب العراقي الآلام والويلات ولم تصب الدولة المقصودة بتصفيةالحسابات بأي مقتل، ولكنها أصابت الدولة أو الدول التي اعتمدتها..وما حصل في دمشق قبل أيام حتى وان كان ممسرحاًفما هوإلا دليل على خطل تلك السياسة الرعناء.
https://telegram.me/buratha