( بقلم : د.حيدر ابورغيف )
لا اعتقد ان هناك كاتب او محلل سياسي مهتم بالشأن العراقي لم يكتب حول الفدرالية فهو اما مؤيد لها واما مشكك وان علت اصوات المشككين هذه الايام حيث يعتبروها اما اضعاف للحكومة المركزية وبالتالي اضعاف لدور العراق في المحافل الدولية او مشروع انفصال لان الفدرالية هي تقسيم للعراق طائفيا وعرقيا من وجهة نظرهم وذلك ممكن ان يؤدي الى انفصال الاقاليم الى دول صغيرة متناحرة ٫والحقيقة انا ادعو المشككين بجدوى هذا المشروع ان يراجعوا تجارب كثير من الشعوب في الدول الفدرالية فهناك عدة نقاط يمكن ان تكتشف من هذه التجارب ان الاقاليم تقام ب؛
اولا ان تحقيق التقسيم الفدرالي يكون على اساس ان هناك مجموعة من الناس تجمعهم صفات مشتركة تميزهم عن باقي ابناء بلدهم اما ان يكون لهم تاريخ مشترك اوقومية مشتركة او يقيمون في ارض لها حدود مميزة والامثلة كثيرة جدا فالولايات التي لها تاريخ مشترك على سبيل الذكر لا الحصر ولاية( بادن فرتمبورغ ) وهذا الاقليم مقام على حدود مملكة بادن القديمة ٫كذلك ولاية بايرن هي مقامة على اطلال مملكة بفاريا وكلاهما في المانيا.
واما الامثلة على اقامة اقاليم لمجموعة من الناس تربطهم قومية واحدة فهي كثيرة نأخذ منها مثلا الكمفدرالية السويسرية المقسمة الى ثلاث وحدات ادارية كل وحدة تحوي قومية من القوميات الثلاث المكونة للامة السويسرية وهي الالمانية والفرنسية والايطالية ٫ واما ان يكون للاقليم موقع يميزه عن باقي الاقاليم مثل ولاية غرب نهر الراين وولاية اعلى الراين وكل تجارب الدول الاخرى في الفدرالية هي تكاد تكون متشابهة لتجربتي المانيا وسويسرا .
ثانيا اقامة الاقاليم هو ليس تهديد للوحدة الوطنية بل هو ضمان لبقائها فهو يحرر الناس من التبعية للمركز واضاعة الحقوق بأتخاذ قوانين مركزية لا تتناسب في كثير من الاحيان مع حاجة هذا الاقليم اوذاك .
ثالثا مشروع الدولة الاتحادية هو تجربة ليست جديدة علينا لان العرب اقاموا امبراطوريتهم العظيمة كمشروع اتحادي كبير وتعتبر الولايات الاسلامية هي وحدات ادارية مستقلة وانها لم تدار مركزيا بل كان يحكمها ولات لهم صلاحيات واسعة.
رابعا ليس ملزما في التجارب الدولية ان تكون الاقاليم لها مساحة محددة او عدد سكان محدد فقد يكون الاقليم متكون من مدينة واحدة وقد يحوي مئات المدن في نفس البلد.
الحقيقة ان مشروع الفدرالية هو اختيار الاغلبية الساحقة من ابناءالشعب العراقي في الوسط والجنوب والدليل على ذلك الزحف الجماهيري لتأيد الدستور الذي يظم في بنوده الفدرالية كاحد المباديء الاساسية لقيام العراق الجديد و العوامل التي تجمع سكان الوسط والجنوب كثيرة تجعل من مشروع اقليم الوسط والجنوب اكثر قبولا جماهيريا وهو ايضا يكون ظمان لوحدة العراق .وان التخوف هذا لا مبرر له ان كان حقيقيا لان وحدة العراق لا تصونها مركزية الحكم ولا تفتتها لامركزية الحكم بل هي واقع حقيقي موجود وثابت من الاف السنين.
انا الحقيقة اجد من الانصاف ان يسمع صوت الشارع المتحمس لانجاح هذه التجربة فالمواطن الذي يعاني كثيرا من نقص الخدمات وفقدان الامن يطمح للفدرالية لكي تكون المخلص له من هذه المعانات ولو فترضنا جدلا ان اهلنا في الوسط والجنوب يرغبون بالانفصال فانهم لن يخافوا ان يعلنوا ذلك بل هم على العكس متمسكون بالوحدة الوطنية اكثر من غيرهم.
د.حيدر ابورغيف
https://telegram.me/buratha