( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
افرزت الجلسة السادسة للمحكمة الجنائية الثانية الخاصة بجرائم الانفال نمطين من الرؤى القانونية وانماطاً من الضغوطات العاطفية.النمط الاول عبر عنه الادعاء العام بمداخلتيه التي رأت ان المحكمة قد ذهبت الى حد الافراط باعطاء المتهمين فرصة التطاول والتجاوز على المشتكين والمطالبين بالحق الشخصي والادعاء العام والمحكمة، بل ان المتهمين وخصوصاً الطاغية صدام استخدم لغة التهديد الواضح والصريح ضد الطاقم القضائي وذوي المغدورين، وذهب الادعاء العام من خلال المداخلة الاولى الى الطلب من القاضي بالتنحي عن رئاسة القضاء واتاحة الفرصة لغيره لمواصلة السير بالقضية حسب فهمنا لمداخلته، فيما كثفت المداخلة الثانية للادعاء العام مطالبتها بضرورة ان لا يخرج المتهمون عن اطار وجوهر القضية الجنائية خصوصاً وانها مسألة انسانية وان الادعاء فيها يمثل الجانب الانساني، وان يكف المتهمون من توجيه الخطب السياسية وابتزاز المشتكين واكدت المداخلة ان الادعاء العام يمتلك ما يكفيه من الأدلة والجرأة القانونية بالرد على تخرصات المتهمين الا انهم –أي الادعاء- لا يريدون ان ينجروا الى حيث يريد المتهمون.
النمط القانوني الثاني جاء على لسان القاضي عندما اكد انه يلتزم بالضوابط القضائية التي تكفل تأمين العدل والمساواة بين الجميع في المحكمة وان القاضي وحده الذي يحق له ان يقرر سير اتجاه المرافعات وقد استشهد بقضيتين تعودان تأريخياً الى زمن صدر الاسلام مذكراً بان احداهما اعتمدت كأساس من الاسس القانونية والقضائية في هيئة الأمم المتحدة.
هذان النمطان القانونيان القضائيان بالتأكيد لهما انعكاساتهما الايجابية والسلبية على ذوي الضحايا والمتابعين والمتهمين معاً.
فذوو الضحايا او الضحايا الناجون من المجزرة سيجدون في رد القاضي عاملاً مشجعاً على تمادي المتهمين ليزدادوا ابتزازاً ونابية ضد المشتكين وصولاً الى وضعهم موضع المتهم، فيما يرى الادعاء بان المحكمة وبسبب ردها الآنف ايضاً ستشجع المتهم متى ما اراد ان يخرج عن جوهر الموضوع فانه سيجد المناخ متاحاً امامه للمضي بالاتجاه الذي يريد خصوصاً ان المتهمين يمتلكون القدرة المكتسبة باعتبارهم كانوا مسؤولي دولة وسياسيين صقلتهم نظرية المؤامرة التي نهلوا منها ممارساتهم وثقافاتهم.
اما الموضوع الأهم فانه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالضحايا الناجين وذوي الضحايا والمواطنين الذين يتابعون سير المحاكمة وبالتأكيد ان الغالبية -ان لم نقل جميعهم- من هؤلاء سيكون لهم موقف عاطفي سلبي ضاغط وهم يرون قضاءنا يوفر الحصانة القانونية بأوسع مدياتها لمجرمين امثال علي حسن المجيد وصدام حسين ومحاولة اسكات (قانوني) للادعاء العام وتلويح بالخوف للمشتكين.
نحن لسنا بقانونيين لكننا بشر ننتمي الى الحس والعاطفة الإنسانية ونستطيع ان نقول مزيجاً مما تعلمناه او اكتسبناه من العاطفة والقانون والمهنة لكننا بأي حال من الاحوال لا نستطيع ان نفهم عدم رد القاضي على تهديد صدام عندما قال مختتماً جلسة الثلاثاء ان صدام عندما يزعل فانكم تعرفون ماذا يعني ان يزعل؟!. ويبقى القاضي بكل الاحوال هو سيد الموقف وعلينا ان لا ننسى ان حتى ما نتصوره نحن سلبيا له ايجابياته الكبيرة والهمة خصوصا وان المحاكمة تبث على الهواء مباشرة ويتابعها ويسمعها ملايين البشر من مختلف الاجناس البشرية في عالمنا الزاخر بالرؤى والرؤى المضادة.
https://telegram.me/buratha