( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
من اهم ميزات النظام السابق على صعيد السياسة الخارجية انه افقد العراق لعلاقاته مع محيطه العربي والاسلامي والدولي عبر سياسة اصطلح عليها المراقبون الدوليون بسياسة تجريف المحيط وهو المصطلح الرديف لمصطلح سياسة تسوير المحيط الذي تعمل كل الانظمة بموجبه بما فيها الشمولية.
النظام السابق انفرد عن غيره بهذه الممارسة السياسية فكان من نتائجها انه قد ادخل العراق في ازمة علاقاتية مع جارته العربية الكبرى المملكة العربية السعودية ولو ان ظاهر العلاقة وبعض اتجاهاتها كانت توحي بعكس ذلك بفعل الضغوط والاملاءات والتهديدات التي تتلقاها باستمرار تلك الدولة من سلطة البعث، مثلما ان العلاقات العراقية الايرانية هي الاخرى خضعت لنفس الظروف، وهنا لابد من الاشارة الى ان النظام كانت لديه مشاكل مع النظام الايراني السابق الذي كان يقوده الشاه محمد رضا بهلوي الا ان تلك المشاكل لم تصل الى حالة الحرب او الاجتياح ربما لان النظام الايراني انذاك كان هو الاقوى من بين دول وانظمة المنطقة لكن النظام البعثي استدار بتلك الازمة مع الدولة الايرانية الى حالة الحرب الشاملة والطويلة مع مجيء الحكم الاسلامي اعتقاداً منه بأن الفرصة باتت سانحة لتصفية حساباته مع ايران في ظل افتقار الدولة الايرانية الجديدة للجيش وتعرضها للحصار السياسي والعسكري الذي فرضته عليها دول الغرب وعموم البلدان العربية لاسباب ايديولوجية وطائفية.
اما علاقاتنا مع دولة الكويت فان هذه العلاقة لم تشهد خلال الخمسين عاماً الماضية حالة استقرار حقيقي وقد ازدادت العلاقات بين البلدين سوءاً مضاعفاً مع تسلط حكومة البكر وصدام على مقدرات البلاد في العراق وكانت اول الاختناقات التي مرت بها تلك العلاقة هو احتلال القوات الخاصة العراقية لمخفر الصامتة الكويتي والمناطق المحيطة به وما ينطبق على ظاهر العلاقة السعودية العراقية ينطبق على ظاهر العلاقة العراقية الكويتية حسب رأي حتى الذين كانوا ضحايا تلك العلاقة.
الامر ربما يشهد تصاعداً خطيراً فيما اذا اردنا استحضار واستذكار العلاقات العراقية السورية، وهنا لا نكتفي بما كانت تشهده دمشق يومياً خلال النصف الاول من عقد الثمانينيات من تفجيرات جعلت المواطن السوري لا يختلف وضعه النفسي كثيراً عما يعيشه المواطن العراقي في هذه الايام، وحتى العلاقات العراقية الاردنية والعلاقات العراقية التركية كانت هي الاخرى تعيش حالة اهتزازات غريبة استمرت لفترة ما بعد سقوط النظام.هذه الصورة او المشاهد السياسية لعلاقات العراق مع محيطه قد تكون اقل ازمة وارباكاً من علاقاته مع المنظومة الاقليمية والدولية اذ ان العراق خلال عقدين من الزمن كان يمثل الدولة المعزولة عن العالم الغربي والاسيوي والاممي ولم يشهد العراق خلال تلك المرحلة أي نشاط اقليمي او دولي على ساحته وكلنا نتذكر كيف طُرد العراق من المنظمة الدولية للامم المتحدة وكيف انتزعت منه فرصة ضيافته للمؤتمر السابع لدول عدم الانحياز وكيف توقفت بسببه مؤتمرات القمم العربية او عدم دعوته اليها.
الذي يلاحظ حركة الدولة العراقية الجديدة فانه سيرصد بسهولة حجم الجهد الذي تبذله في مجال اعادة العراق لمحيطه بكا اتجاهاته الدولية والاقليمية ولعل اهم مؤشرات هذه العودة هو ان العالم اسقط عن العراق خلال العام الحالي ما يقرب من المئتين مليار دولار كديون كانت مستحقة على النظام السابق فضلاً عن رصده لمليارات الدولارات لاجل دعم المشروع الوطني العراقي الجديد والوصول به سريعاً الى آفاق جديدة متطورة.ونحن نستحضر هذه الاشكاليات فاننا لابد ان نشير الى ان حركتنا السياسية والدبلوماسية خلال هذا الاسبوع فقط امتدت من الامارات العربية المتحدة وطهران الى واشنطن وجاكارتا والقاهرة وعمان وعواصم عربية واوربية مهمة وفاعلة الغرض منها إحياء المنهج العلاقاتي الآخر المسمى (تسوير المحيط) او عودة العراق الى منظومته او عودة منظومته ان كانت اقليمية او دولية اليه لا فرق وهذا ما يؤشر اهمية العراق السياسية والاقتصادية كونه دولة لها الدور الاكبر في صنع الامن والاستقرار وحركة السوق في كل العالم.
https://telegram.me/buratha