( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
تظهر علينا بعض الصحف بمانشيتات نحترمها كثيراً.. منها على سبيل المثال: "أوقفوا نزيف الدم العراقي قبل ان تتحدثوا عن الفيدرالية".. وبالتأكيد إن مثل هكذا مقولة لا يمكن للمرء الا ان يحترمها لكن عندما تتوافر شروط الاحترام وعندما نعرف أي جسد عراقي ينزف، ومن الذي يغرس انيابه وسكينه وخنجره ومفخخاته وأحزمته الناسفة وعبواته المتفجرة داخل هذا الجسد.
مثل هذه التساؤلات والملاحظات يقيناً انها ليست تهمة ضد أهل المانشيتات تلك لكنها صرخة نريد لها ان تلفت انظار الاخوة الذين يطالبون بايقاف النزيف العراقي لان يوجهوا خطابهم ومانشيتاتهم الى الذين يقودون ماكنات الموت ان كانت مركبات او دراجات مفخخة او احزمة ناسفة او عبوات او استهداف انابيب النفط وابراج الكهرباء كي يكفوا عن اعمال جبانة كالتي يقومون بها.
نريد من اهل المانشيتات ان يوجهوا خطابهم الى أصحاب الورش الخاصة بالتفخيخ والى (الاشاوس) الذين يقطعون رقاب المسافرين بالصفيح والبلطات والفؤوس.. لا ان يربطوا بشكل لا يخلو من الاتهام بين الدم العراقي ونزيفه وجسده، وبين اصحاب الاصوات التي تنادي بتطبيق واحترام نصوص وطنية دستورية تعبر عن إرادة اكثر من 23 مليون عراقي باتوا لا يرون بغير الديمقراطية نظاماً يصلح لادارة العراق.
نعتقد ان الدائرة المسؤولة عن النزيف وجسده العراقي ليست هي الأقرب الى الدائرة التي تطالب باللامركزية والفيدرالية بل ان المطالبة بتطبيق الفيدرالية واللامركزية نرى فيها احد اهم الاسلحة التي نواجه بها محترفي القتل والدمار واراقة الدماء سواء من الجماعات المحلية ام من تلك الوافدة التي لم تسلم من شرورها واذاها حتى مدن العراق في منطقتنا الغربية التي تصل في احيان الى حد العجز في مواجهة اولئك السفاحين القتلة الذين اتخذوا من تلك المدن وبعض مناطق بغداد حواضن لهم.
اهل الفيدرالية لا يفجرون الانابيب الناقلة لنفطنا من كركوك الى ميناء جيهان التركي، ولا يطيحون بابراج الكهرباء الممتدة من بيجي الى المسيب، ولا يقطعون الطرق على خط طريبيل والنقطة 160 على حدود الجارتين سوريا والاردن، ولا يلاحقون المركبات على اساس لوحاتها ان كانت مسجلة بمديريات مرور البصرة او ميسان او الديوانية او بابل او المثنى أو ذي قار ليذبحوا من فيها او ليهتكوا شرف حرائر العراق الذين تضطرهم الظروف لركوبها.. بل ان المطالبين بالفيدرالية طالبوا اولاً باشراك اشقائهم واقرانهم العراقيين من كل الطوائف والأعراق والمذاهب السياسية بمجمل الحياة العراقية العامة والخاصة وهم اول من طرح مشروع المصالحة والتوافق والشراكة والتعددية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الانسان واشاعة ثقافة المجتمع المدني بعد ان تحول الشارع العراقي الى ثكنة عسكرية طيلة ما يقرب من اربعة عقود.الكلام الجميل الفارغ من المحتوى سهل قوله، لكن الاسهل منه الانتقال الى الواقعية والخطاب المنطقي وهذا ما لم يتحقق قبل ان ننفض عن كواهلنا الثقافات الخاطئة.
https://telegram.me/buratha