( بقلم :عبد الكريم الجيزاني )
من المثير للعجب أن يدعوا بعض السياسيين الذين كانوا يراهنون على جماهيرهم بأنها ستقف الى جانبهم وتدعمهم في تصديهم لا أي مشروع سياسي يريدون تمريره او يحاولون الوقوف بوجه مشاريع أخرى فلا يجدون اذناً صاغية من الذين راهنوا عليهم فعمدوا الى توجيه خطابهم و(بأستجداء) الى الآخر الذي لا يرى مصلحة في مثل هؤلاء، ولا في مشاريعهم التي لا تخرج من حيز الفئوية والطائفية ولم تتقدم قيد أنمله لتمس صلب المصلحة العامة للشعب العراقي بأطيافه ومكوناته المتعددة.
نعم يمكن ذلك ويمكن الاستجداء للآخر اذا ما خلصت النوايا وقدمت المصلحة الوطنية العامة على المصالحة الوطنية على المصالح الفردية أو الفئوية وعندما ما يرى الآخرون الصورة واضحة غير مضببة ولا تستبطن اشارات يفهم منها انها-ضحك على الذقون-، لكن التجارب التي مرّ بها الشعب العراقي طيلة السنوات الثلاث الماضية والتي عانى منها ما عانى وتحمل المصائب والآلام والخسائر الفادحة في الارواح والاموال كلها تؤكد على ان هذا البغض لم يكن في أي يوم مما مظى صادقاً في النواياه- بل على العكس كانت كل اطروحاته وبرامجه السياسية مغايرة ومتقاطعة ومخالفة لما يتبناه الشعب العراقي في مرحلة التغيير والبناء الجديدين. ولعل آخر هذه(الاستنجادات) أثارت الاستغراب لدى المحللين السياسيين وراحوا يتساءلون هل افلس هذا البعض جماهيرياً بعد أن ملأ الدنيا صياحاً وضجيجاً ام انها المكر والخديعة، اذ كيف لا حد أن يطلب من غيره قطع ذراعه او هدم داره او تخريب ما عبده بدمائه وماله اكرماً لهذا المستنجد بغيره. ولطالما وصل الامر بهم-أي مستنجدون-الى هذا الحال من الافلاس الجماهيري حري بهم أن ينزعوا(قميص عثمان)وليدخلوا الى العملية السياسية الجارية من اوسع ابوابها وليرضوا بما ارتضاه الشعب العراقي ونفذه في ثورته البنفسجية الثلاث الماضية.
وهم يعلمون حق العلم أن الفيدرالية المزمع تنفيذها في وقتها المطلوب هي بالدرجة الاساس تهدف الى تخفيف سلطة المركز والاسراع في بناء دولة المؤسسات والقانون التي تعتمد على ضبط الامن والاستقرار وتوفير الحماية للمواطنين وعدم تعريض حياتهم وأموالهم للخطر كما هو الحاصل اليوم، وليس على اساس التجزأة كما يزعم هؤلاء للوقوف بوجه التحول الجذري بعد سقوط النظام البائد وسد طرق امام عودة الدكتاتورية مرة اخرى لتعبث من جديد بالعراق أو لتعود المقابر الجماعية والاعدامات العشوائية وربما السلام الكيمياوي ليفتك بالمواطنين الابرياء.الذين استعطى تمرير هذه الخدع عليهم من ابناء الشعب العراقي يقولون كيف يمكن لمن يملك الاغلبية الساحقة من مكونات وأطياف الشعب ان يجزأ نفسه فهل يصدق عاقل أن السوي المعافى يمكن ان يطعن نفسه بخنجر مسموم ثم**(بلا)كبيرة على هذا التساؤل بأعتبار ان يسعى الى التجزأة هو من لا يمكن واحد من ثمانية عشر من(الشكَة)وقد اسقط ما في يديه فراح يطبل ويزمر ويستعدي من على شاكلته لوقف استمرار نجاح العملية السياسية او لتأخيرها الى حين بأنتضار ما سوف تحمله الايام القادمة سلباً او ايجاباً ما الذي يراهن وهو يعلم ان الخسارة في رهانه هذا هي النتيجة الحتمية لانتظار ما ستحمله تلك الايام. المنطق والعقل يرفضان أن يأخذ هؤلاء بنظر الاعتبار ما يريده الشعب وما صوت من أجله خاصة والمرحلة القادمة ستكون أكثر ديمقراطية وتعددية من اليوم وبعد أن تتسلم الحكومة الوطنية زمام امورها الامنية والاقتصادية والسياسية وغيرها من مفاصل ادارة الدولة بعيداً عن التأثيرات الدولية والاقليمية بأعتبارها-حكومة-ولدت من رحم معاناة الشعب العراقي ولا يستطيع احد أن يزيد عليها او يهددها كائناً من كان.إن من الخيارات المطروحة اليوم تشكل فرصة ثمينة لمن يريد ان يخدم شعبه ووطنه، فالمصالحة الوطنية والحوار الوطني هما ركنان اساسيان في استقرار الوضع الامني ووقف نزيف الدم والقتل على الهوية وإنما يشكلان صمام الامان أمام العمليات الارهابية التي تنفذها الفرق الضالة من التكفيريين واتباع النظام البائد، كما انهما الطريق الاسلم لاستعادة الحقوق وإنصاف المظلومين والمحرومين وفتح الطريق امام الطاقات التي يملكها الشعب العراقي للبناء والتعمير وإعادة البنى التحتية لسابق عهدها بعد أن تحرر العراق من الاستبداد والقهر الجماعي. العراق يمتلك خزيننا استراتيجيا من الطاقات والثروات الوطنية-على امتداد جغرافيته-تكفي لسد حاجة أكثر من تعداد هذا الشعب المظلوم اذا ما احسن التصرف بها وحمايتها والحفاظ عليها، وهذا كله يرتبط اساساً بما ستشكله الاقاليم من برلمانات ومجالس محافظات تستطيع ان تؤدي دورها بعيداً عن تأثيرات المركز الذي غالباً ما يكون بطيئاً في تلبية متطلبات الحياة في المحافظات التي تريد أن تشكل أقاليمهما وتأخذ نصيبها من ثروتها الوطنية.
إن المطالبة بتشكيل الاقاليم ورغم انها اصبحت حقيقة دستورية الغرض منها هو التوزيع العادل للثورة الوطنية وفي البناء والاعمار وإنشاء المدارس والجامعات والمستشفيات وإنشاء الطرق والمؤسسات الخدمية والصحبة وغيرها من متطلبات الحياة وفوق هذا وذاك هو **حق اتخاذ القرارات المصيرية وعلى كافة الصعد السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية وليس لاحد ان ينكر على ابناء هذه الاقاليم هذا الحق الوطني. أخيراً ان الشعب العراقي قد اثبت وبأكثر من مناسبة وطنية او دينية انه موجود في الساحة وإنه يقف سنداً وعضداً حقيقياً خلف قياداته السياسية والدينية التي حرصت وتحرص على إرجاع الحقوق المسلوبة وخلف الفرص لتأمين ما يحتاجه الناس للعيش الكريم الحر وهذا ليس منه من احد لابد من اخذه بقوة اذ أن الحق يأخذ ولا يعطى وهذا ما ينفع الناس وأما الزبد فيذهب جفاء.
https://telegram.me/buratha