( بقلم: عبد الكريم الجيزاني )
مرة أخرى نعود ونذكر الذين يعارضون إقامة اقليم الوسط والجنوب بعد أن حظي هذا المشروع بتأييد منقطع النظير من لدن علماء الدين ومؤسسات المجتمع المدني والعشائر والمثقفين والمواطنين عسكريين ومدنيين، طلاب ومهندسين اطباء وأساتذة جامعات وقانونيين ومحامين، عمال وفلاحين ومن كافة الشرائح الوطنية فضلاً عن كونه حقيقة دستورية لا يحق لاي تنظيم سياسي او كتلة نيابية دخلت العملية السياسية أن ترفضها لان ذلك يعد خروجاً على الديمقراطية التي اتاحت للعراقيين حرية الاختيار من خلال استفتاء جرى على الدستور الدائم الذي حظي بنسبة 78% من اصوات الناخبين، كما يعتبر خرقاً واسعاً لمبادئ الدستور الذي أقرته الجمعية الوطنية وصوت لصالحه مجلس النواب.
نعم نذكر هؤلاء بأنهم يكيلون بمكيالين فهم وافقوا على فيدرالية كردستان العراق ويرفضونها لابناء الوسط والجنوب، فهل نسي هؤلاء ان العراق لا يمكن ان يحكم بأكثر من نظام؟!.ليس من المعقول أن يبيح القانون لمنطقة أن تتمتع بالنظام الفيدرالي كما هو الحاصل في كردستان العراق ويحكم باقي العراق بالنظام المركزي او تخضع كافة مناطق العراق الاخرى لسلطة المركز، وهذا بالتأكيد يعني أن سياسة التهميش وسلب الحقوق المشروعة لا زالت قائمة رغم سقوط النظام الدكتاتوري الاستبدادي البائد الذي كان يمارس هذه السياسة الشوفينية.
لا ندري ازاء هذا الاعتراض المبطن، كيف يمكن ان يحفظ التوازن بين اطياف ومكونات الشعب العراقي المتعدد الاعراق والاديان والمذاهب، وهل يمكن لاحد منهم أن يعطينا نظاماً جديداً يعطي حق ممارسة النظام الفيدرالي لمنطقة ويحرم منها مناطق اخرى، وهل يستطيع هذا المعترض ان يجد ايدلوجية تحتمل التأييد ولو بنسبة5% وليس 78% ليقنع العراقيين بأن امراً كهذا قد حصل في الفيدراليات العالمية القائمة اليوم، اين ومتى وكيف؟!!. لاشك انه اعجز من أن يجد سبباً واحداً لهذا الاعتراض الفارغ من محتواه اللهم إلاّ أن يبتدع تصورات لا تستند الى أية قاعدة قانونية او شرعية او سياسية سوى تسويق مهزلة التجزأة، هذا الوتر الذي بقي صالحاً للضرب عليه بغية تسطيح وعي الجماهير المدركة لما يقصد من وراء ذلك.
هذه الاعتراضات المستمرة التي اعتدنا على سماعها من هؤلاء وطيلة السنوات الثلاث الماضية على أي مشروع او برنامج أو قانون يعيد الحقوق المسلوبة للعراقيين لا يستبطن إلاّ عودة المعادلة الظالمة السابقة وعودة الدكتاتورية البغيضة وتسلط الاقلية على رقاب الاكثرية بقوة الحديد والنار. نقول إن من المستحيل العراقيين الشرفاء الاذعان لشروط الآخر القهرية والتعجيزية التي لا تنسجم مع طموحات العراقيين في بناء الدولة الحديثة والنظام التعددي الاتحادي الفيدرالي الذي كفله الدستور.
https://telegram.me/buratha