( بقلم : زيد عبد الهادي )
ما أشبه اليوم بألامس في ساحة الوغى وبعد أن كاد جيش الأمام علي(ع) من تحقيق النصر على جيش معاوية رفع جيش معاوية القران على الرماح و أدعوا بان كتاب الله الحكم فيما بينهم.. وكلنا نعرف نهاية تلك المأساة. وفي الماضي القريب كان أركان حزب البعث من بعض الشيعة قد عملوا جاهدين من اجل ملاحقة وسجن وتعذيب وقتل اتباع آل البيت .. وما أن استتب الأمر للبعثين حتى أمعنوا قتلا بهؤلاء البعثين من الشيعة.. وكنا و في كل يوم نسمع بان أحد قادة حزب البعث في الفرات الأوسط قد قتل بسبب حادث سيارة وهو في طريقه إلى بغداد..بعد ذلك أخذت تلك التصفيات أشكالا ومسميات متعددة. وبعد أن قضى صدام وجلاوزته على كل الأعضاء البارزين من البعثيين الشيعة أعلنها حربا طائفية على كل اتباع أل البيت. ففي تاريخ العراق الحديث لم يتجرا أي من الحكام على قتل علماء الدين ولكن صدام تعداهم وتخطاهم بسبب طائفيته وكرهه لاتباع آل البيت وبداء موجة قتل موجهة إلى علماء الدين الشيعة. إن سكوت اتباع آل البيت وخنوعهم له (كما هو حالهم الآن) شجعه وشجع كلابه على المضي في هذا الطريق.واليوم وبالرغم من أن الكلاب من صداميين وتكفيريين قد أمعنوا في قتل كل العراقيين وبصورة خاصة اتباع آل البيت فها نحن نسمع بان الذين دخلوا العملية السياسية يطالبون بتغير تسمية الإرهابيين إلى مقاومة. ولو سألنا مقاومة من فيقولوا وبملء أفواههم مقاومة التسلط الشيعي على الحكومة. مدفوعين بمفهومين:
الأول إن الشيعة خارجين عن دين الإسلام وما اعتراف السيد مقتدى الصدر بأنه بالرغم من دعوته المتكررة لصلاة مشتركة وبالفعل يذهب اتباعه للصلاة وراءهم ولكن عندما يطالبهم أن يعملوا بالمثل ويصلوا وراء شيعي يرفضون ذلك.
والسبب الثاني يعتقدون بان حاكم العراق يجب أن يكون سنيا وتدار الدولة من الأسياد الذين هم السنة والرعية هم العبيد.. اتباع آل البيت.إنني لم اجلب أي شي من غير الواقع وكل هذه الأمور معلنة: هل نسينا بما صرح به الدليمي "لولا الأمريكان لما كان لهؤلاء أن يحكموا" وتصريح الهاشمي بان البعثين طوروا كثيرا وعملوا من اجل بناء البلاد, وهنالك العديد من العشائر السنية تطالب بإرجاع صدام إلى الحكم وأشياء كثيرة أخرى لا تخفي على آي مطلع على مجرى الأحداث في العراق.إن جميع الكتل السنية متفقة على أجندة واحدة ألا وهي:1. التعامل مع الصدريين وحزب الفضيلة كأنهم حلفاء لكي يحدثوا انقسام في صفوف الائتلاف2. بمجرد استتباب الأمر لهم يبد أو بحملة تصفية إلى كل قيادي الصدريين والفضيلة3. انتزاع الحكم من الشيعة4. عودة البعث وإذا كان بلامكان عودة صدام5. تهميش وقتل وتشريد الشيعة في كل أنحاء العالم6. استعباد المتبقين في العراق7. تفريغ المناطق الشيعية من أهلها وبأحسن الأحوال تطعيمهم بعرب سنة بحيث يبقون أقلية في مناطقهم. وما تهجير الشيعة من مناطق و أحياء وبصورة خاصة في ديالى وبغداد إلا بداية لذلك.
إن كل من يظن بان المشاركين في العملية السياسية من السنة(ماعدا المشاركين ألاوائل امثال الحسني ووزير الدفاع في حكومة الجعفري والالوسي) هم عراقيين وطنيين يحاربون الاحتلال وهم حريصين على وحدة أراضى العراق واستقلاله فهم يعيشون وهما ما بعده وهم, وهم سوف يكونون أول المتضررين من وهمهم هذا. ولكي اثبت كلامي هنالك على الأقل حقيقتين في هذا المجال:
أولا هل نسينا بان عشائر الأنبار وفي حرب الإطاحة بصدام اجتمعت وأقرت بأنهم سوف يسلمون مفاتيح الانبار للأمريكان ولا داعي لدخولها عنوة.
ثانيا: هل أن الحريص على وحدة العراق يعمل على تهجير العوائل الشيعية من مناطق سكناهم لخلق أحياء سنية خالصة في بغداد.إنني لست رجل دين ولا ازعم باني ضليع بالدين ولكني أخاف الله بخلقه فما بالك ورئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري في تصريح له يهدد.. إذا قطع الشيعة عنا النفط نبادلهم كل برميل ماء ببرميل نفط أو نطلق الماء عليهم لنغرقهم جميعا. كيف لرجل عادي أن يصرح بذلك ناهيك عن رئيس هيئة علماء المسلمين الذي يعمل ويحث على قتل الأبرياء.بالمقابل فان رجال الدين الشيعة وعموم اتباع آل البيت يخافون الله في خلقه ولا يمكنهم أن يعملوا ما تعمله هيئة علماء المسلمين(يكاد أن يكون كل أعضائها من هذا النوع) من قتل وتشريد وذبح على الهوية في الوقت الذي فيه يتباكون على أهل السنة. إن الشيعة احرص على أهل السنة من هيئة علماء المسلمين ومن لف لفهم وما تصريحات الحوزة العلمية المتتابعة بهذا الأمر إلا خير دليل على ذلك.إن الجميع سواء التكفيريين والبعثيين الصداميين وهيئة علماء المسلمين والهاشمي والدليمي والمطلك (وحتى الباججي الذي يدعي بأنه محايد) لن يهدأ لهم بال ما لم ينتزع الحكم من يد الأكثرية الشيعية المتفرقة والمختلفة في طروحاتها و اجندتها إلى الأقلية السنية المتفقة في طروحاتها واجندتها. في الوقت الذي يتكلمون بأفواه مختلفة فانهم يتكلمون كلاما واحدا ويسيرون في اتجاه واحد. أما نحن فالصدرين لهم طروحاتهم الوهمية الخاصة بهم وحزب الفضلية هو الاخر له طروحاته الخاصة وكذلك حزب والدعوة.أنا لست من اتباع المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ولكني أراهم الوحيدين الذين هم مدركين عظم التحدي ولذلك يسعون وبكل جهودهم من اجل إقرار قانون فدرالية الوسط والجنوب ولكن مادام الائتلاف مختلف كما اختلفوا اتباع الأمام على (ع) والأمام الحسن(ع) و الأمام الحسين (ع) معهم فسيكون مصير الشيعة كمصيرهم في السابق وهاهم يتباكون ويلطمون صدورهم ويضربون أظهرهم بالزناجيل ويضربون رؤسهم بالقامات حزنا وندما على عدم تمسكهم ومناصرتهم لال البيت.كونوا على ثقة اخوتي القراء إذا خسرنا هذه المرة وكل المؤشرات تدل على ذلك فلن تقوم لنا قائمة وسوف نعود (ولا ادري إذا كان هذا الشيء يسمح لنا عمله) بالبكاء والعويل وندب الحظ ولعنة القادة الذين ضيعوا علينا فرصة أن نقول بها إن هذا هو إقليم اتباع آل البيت نعيش فيه أعزاء مكرمين ومتساوين في الحقوق والواجبات كما للكرد الفرصة والحق بان يقولوا هذا إقليم كردستان.لقد جاء القادة السنة مقترحين موافقة الائتلاف على سحب حق الفدرالية من الكرد ورفض الائتلاف ذلك في نظري لسببين:
الأول لا يمكن أن يثقوا بهولاء القادة لانهم يريدون استعمالها لأحداث شرخا في العلاقة الكردية الشيعية.
والسبب الثاني إن الائتلاف مدرك بان ليس عند السنة أي اعتراض على إقليم كردستان و إنما اعتراضهم وكرههم هو للشيعة فقط, فلا يحق للشيعة أي اعتبار لان ذلك مرفوضا جملة وتفصيلا.إن العاني صرح بعد ما قدم مشروع الأقاليم إلى مجلس النواب بأنهم سوف يعملون جاهدين من اجل تعطيل العمل به لاطول فترة ممكنة, وبالفعل وبفضل اختلاف الائتلاف مع بعضهم البعض, الظاهر بأنهم سوف يحققون هذا الأمر. ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل ذهبوا إلى الكرد لكي يجعلوهم يتخلوا عن الشيعة بقولهم إننا لسنا ضد إقليم كردستان ولكن ضد إقليم الوسط والجنوب.لولا الاطروحات المختلفة لمكونات الائتلاف لكان من الأفضل إعلان هذا الإقليم قبل أن يدخل أهل السنة في العملية السياسية ولكن ومنذ دخولهم فيها فان جميع الاطروحات التي هي من مصلحة الشيعة قد ألغيت أو تأجلت أو مازال النقاش جاري عليها. كذلك لاحظنا بأنهم مع وكل أطروحة لا يرضون بها أو لا يمكنهم إلغائها يماطلون فيها ويؤجلونها إلى أن يحين الوقت. فمتى وما هو هذا الوقت ؟ الوقت التي تتغير به موازين القوى والتي الآن أصبحت دلائلها واضحة وباتت الامور تنقلب من في صالح الشيعة إلى صالح السنة. فلأمريكان وبسبب مشاكلها مع إيران ولبنان والتخويف والترويج العربي بداؤ يغيرون اعتمادهم من الشيعة إلي السنة.وهنالك خبر خطير مفاده إن مشرعا سعوديا يقوم بدور الوسيط فيه قطر واليمن لاقناع الأمريكيين بعودة البعث وصدام إلى الحكم.. فهل ما زال لنا الكثير من الوقت لكي نضيعه؟؟؟؟ إذا كنا ننتظر ظهور المهدي لكي يخلصنا فهل عندنا علم الغيب بحيث نقول بأنه سوف يظهر بعد شهر أو سنة أو عشرات السنين أو القرون.. إذا لم نكن نعرف ذلك فيجب أن نعمل بكلام صاحب البلاغة العظيم الأمام علي(ع) حينما قال:"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا"لانه من الظلم أن نورث العبودية لأجيالنا القادمة في الوقت الذي فيه لدينا الفرصة أن نصحح أخطاء الماضي ونكون أسيادا لأنفسنا ولا عبودية إلا للواحد الأحد.
زيد عبد الهادي
https://telegram.me/buratha