( بقلم: امير جابر )
العراقيون يعلمون جميعا ان العراق مقسم ومجزء الى ثلاثة اجزاء على ارض الواقع الان حتى ان الشيعي في الجنوب والكردي في الشمال يستطيعان ان يجدا الامان في كل الدنيا فيما عدا تكريت والرمادي واتحدى المتاجرين والمتهمين لمن يطالب بالفدرالية بانه يريد تقسيم العراق وخاصة ممن يسمون انفسهم بقادة لبعض الاطراف الشيعية ان يتجولوا بزيهم المعروف وبعمائمهم السوداء او البيضاء في المناطق الغربية من العراق، اذن هنالك تقسيم على الارض وعلى النفوس وهو اسوء انواع التقسيم الذي وصل بابن الرمادي ان يسقبل القتلة الارهابيين الاتين من خارج الحدود بالاحضان والحماية كي يفجرههم بمن يسميهم مواطنيه الشيعة او الكرد ، وما جثث الشيعة التي يقطعها الارهابيون في الرمادي بخافية على احد وما نصف مليون شيعي الذين تم تهجيرهم من المناطق التي تسكنها اغلبية من السنة العرب بخافية على الجميع.
اذا كان هذا هو الواقع المجزء والمقسم الذي صنعه الصداميون والتكفيريون من خلال القتل على الهوية وتفجير السيارات المفخخة والانتحاريين المستوردين فكيف يحق لهؤلاء الذين قسموا العراق بمثل هذا التقسيم ان يتهموا من يطالب بالفدرالية بانه يريد تقسيم العراق، واذا كانت اتهامات واراجيف هؤلاء معروفة ولاتخفى على اللبيب، لكن المحير والمثيرللدهشة ان يقف معهم ويردد اراجيفهم بعض من القيادات الشيعية ،هل هؤلاء لايعرفون الواقع المحيط بهم ام انهم متاجرون سيما وان وسائل الاعلام العربية المعادية ستجعلهم ضيوفا دائمين عليها ام انهم يريدون تصفية حساباتهم مع بقية الاطراف الشيعية التي طالبت بالفدرالية حتى ولو كانت هذه الحسابات على حساب هذه الدماء الغزيرة والاشلاء المقطعة من مواطنيهم؟
وانا عندما اطرح هذه الموضوع لا اهدف منه الانتصار لهذا الطرف والتقرب منه او الثأر من ذلك الطرف والانتقام منه، فالكثير يعرفني ومن زمن بعيد من اني قررت ومن زمن بعيد الابتعاد عن اهل السياسة والحكم والمنافسة في هذا الحطام الوبئ وهذا ليس زهدا ولكن اعترافا مني بنفسي فمن عرف نفسه فقد عرف ربه، واعتبر هذه نعمة ارجوا من الله ان يديمها علي، ولكن مايحدوني للكتابة في هذا الموضوع اني وبعد دراسة وتفكر عميقن وجدت ان الحل الوحيد امام العراقيين للخلاص من هذا الوباء هو في الفدرالية؟
فماهي الفدرالية وكيف يمكن من خلالها توحيد العراق المقسم وايقاف جريان هذه الانهار من الدماء؟الفدرالية تعريفا: هي عبارة عن حل توافقي بين مجموعات عرقية ودينية وطائفية متصارعة على السلطة والثروة في بلد ما ،وكل جهة من هذه الجهات تريد السيطرة والاستئثار بالسلطة والنفوذ وتهميش الاخرين، وهذه الصراعات شهدتها دول عديدة سبقتنا، فسويسرا شهدت صراعا داميا بين الكاثوليك والبروتستانت ووصل الامر كما هو في العراق الان من ان الكاثوليكي يستطيع دوران العالم كله ولايستطيع المرور بمواطنيه البروتستانت والعكس صحيح وتقسمت سويسرا فعليا الى ثلاثة كانتونات وارادت الدول المحيطة بهذه الكانتونات وهي ايطاليا وفرنسا ضم الطرف المجاور لحودها، وهنا تحرك العقلاء السويسريون الذين فكروا بسويسرا ككل ولم يفكروا بمصالحهم الشخصية او الطائفية وكونوا الاتحاد السويسري والذي اصبح فيما بعد من اغنى دول اوربا واكثرها استقرارا وابعدها عن الحروب، فقط عندما هدأت النفوس ولم يعد كل طرف يريد الهيمنة وتهميش الاخر تحولت سويسرا من مشروع تقسيم ودمار الى الى اجمل جنة على الارض، وكذلك الحال في بلجيكا والهند والقائمة تطول وتطول واصبحت الفدراليات عامل توحيد وليس عامل تجزئة كما يدعي اصحاب المكر السيئ في عراقنا المبتلى بالخبثاء والجهلاء واصحاب المصالح الشخصية والحزبية والطائفية ،والدولة الفيدرالية العربية الوحيده التي جعلتها الفدرالية في مصاف الدول الاوربية تقدما وازدهارا واتحادا هي الامارات والامارات قبل الفدرالية كانت متخلفة عن العراق بخمسين سنة وكانت اماراتها الحالية مقسمة تماما بين شيوخها ولولا الفدرالية لكانت الان امارات صغيرة متناثرة.
فالفدرالية هي الضامن الوحيد بعد هذه التجزئة العلنية لايوجد حل لانقاذه من التمزق والاحتراب الا بها و عندما ستنشأ الفيدراليات ستتوقف مخاوف الاكراد من هيمنة العرب وحروبهم الكيمياوية، والشيعة ستطمأن قلوبهم وتهدأ هواجسهم من مذابح السنة العرب وقبورهم الجماعية وايضا ستسقط اراجيف من ينشر في اوساط السنة من ان الشيعة والاكراد سينتقمون منهم ،واذا هدأت النفوس وذهبت المخاوف وارتضى كل بنصيبه بدأ التفكير بالمشتركات لابالسيطرة والاستئثار وعندما يجد الاكراد ان انفصالهم الكامل معناه غلق الحدود امامهم من قبل ايران وتركيا وسوريا ولم يعد امامهم سوى باب العرب العراقيين فعند ذلك هم من سيطالبون بالمشاركة والاتحاد، واذا عرف العرب السنة بانهم محتاجين لبيع محاصيلهم الزراعية الوافرة وتشغيل كفائاتهم المقتدرة وتجارتهم الواسعة فحتما سوف لن يجدوا امامهم سوى مواطنيهم من الشيعة والاكراد سيما وان سوريا والاردن المحيطتان بهما ليسوا بحاجة الى بضاعتهم بل هما من يحتاجان الى اسواق الى بضاعتهما المشابهة واذا اضيف الى ذلك الذهب الاسود البترول الموجود تحت اقدام الشيعة والاكراد فحتما لايفرط السنة على الاطلاق بجنوب او شمال العراق وكذلك الحال مع الشيعة فهم لايستطيعون الاستغناء عن سامراء وعتباتها المقدسة ولا عن السفر للسيدة زينب في سوريا ولا عن المياه المارة بالمناطق السنية ولا عن المحاصيل الزراعية والكفائات العلمية السنية، فالعراق صنع بطريقة الهية خفية يستحيل معها التقسيم ومهما عمل المكرة من تكفيريين ومحتلين وعملائهم فبلد فيه نهران يربطانه من الشمال الى الجنوب وائمة وانبياء وصالحين يتوسدون ثرى العراق ويتحدون بانتشارهم من الجنوب الى الشمال من يريد تمزيق العراق فلاالسني يستغني عن اهل البيت والصحابة الكرام في المناطق الشيعية ولا الشيعي يستطيع الاستغناء عن الائمة الاطهار واولياء الله الصالحين في المناطق السنية فهنالك مقدس ديني جامع مانع وهنالك واقع جغرافي يحتم على العراقيين ويجبرهم بالتعايش معا وهنالك واقع بشري وعشائري فريد من نوعه فالعراق هو البلد الوحيد في المنطقة الذي فيه هذه العشائر الموجود بين افرادها الشيعي والسني والواقع الاقتصادي الذي وزع الثروات المحتاجة والمكملة بعضها للبعض الاخر فواقع ديني واجتماعي وجغرافي واقتصادي ومحيط اقليمي يتربص بالجميع الدوائر وينتظر التقسيم حتى يلتهم الجميع ويستعبدهم يلزم ويجبر هذه المجموعات البشرية التعايش معا ومهما تأمر المتأمرون واجرم المجرمون واقسم صادقا لولا هذه العوامل الالهية لما بقي العراق لحد الان بعد كل هذا الاجرام الاتي من خارج الحدود، واذا فكر كل طرف بالاستقلال فسيحدث التالي: فتركيا وايران وسوريا لن يتركوا الاكراد ينعمون باستقلالهم وحتى لوتركوهم فسيعود التصارع بين الطالباني والبارزاني ذلك الصراع الذي لم يتوقف الابعد عودة الاكراد الى بغداد عندما سقط صدام وكذالك لواستقل السنة لوحدهم فسيتصارع التكفيريون مع البعثيون والقوميون وسيفجر التكفيريون انفسهم وسياراتهم المفخخة في اسواق الرمادي والموصل وتكريت لان هدفهم الاول والاخير من هذه الفتن وهذه الجرائم هو اقامة امارة طالبانية تكون قريبة من الدول الخليجية وطبعا سوف لن يسمح لهم البعثيون الذين استوردوهم وضللوهم ليعيدوهم الى السلطة وحتى لو اتفقوا فلن تتركهم الايادي الخارجية الداعمة لهذا الطرف او ذاك ولن تغمظ عنهم عيون الاردنيين وتصارعهم مع السوريين ،وهنا سيصرخ البعثيون هناك قائلين دعوت على عمر بليت باقوام بكيت على عمر وهذه الحقائق واكثر منها يعرفها السنة العرب جميعا.
اما الطرف الاخر وهم الشيعة وانا العليم بهم ففي حالة استقلالهم التام فستصبح كل محافظة من محافظات الجنوب جمهورية لهذا الحزب او تلك الحركة واقوالهم وافعالهم الحالية تؤكد ذلك بكل وضوح.والخلاصة ان الفدرالية هي التي ستحمي العراق من التجزئة وهي التي سيختفي معها التصارع والتنازع على الثروة والسلطة وستجبر الجميع للاسباب السالفة بالتعايش معا لان فيما عدا ذلك فهو الدمار والهلاك وسيعيش معها العراقيين متساويين في الحقوق والواجبات وهذه ليست امنيات بل هي وقائع تفرض نفسها على العراقيين جميعا ،فمن اراد ان يوحد العراق المقسم الان ارضا وشعبا ان يساهم وبسرعة في اقرار الفدرالية عندها فقط ستنتهي الاطماع وسيتوقف التصارع والتنافس وسيحل حتما التفكير بلم هذه الاشتات والاستفادة من هذه الثروات والتي تقول المراكز الاقتصادية انها تستطيع اعاشة 250 مليون وبرفاه بدل تدميرها على رؤوس العراقيين جميعا
امير جابر ـ هولندا
https://telegram.me/buratha