محمود خطار
واخيرا ترجل الفارس عن رحلة الجهاد المضنية ومسيرة الاغتراب بين المحطات ورسالة ما ترك مشعلها ينطفيء حتى انطفأت روحه الشريفة .. ترجل ابو عمار بعد ان غرس فينا ذلك التوهج المرافق لرحلته بين الجمر والرماد وصولته ضد الباطل وان للحق لصولات وصولات .. ترجل الفارس حيث لم تعجزه الرحلة الطويلة عن ان يمضي فيها مستعينا بالله ومتكئا على ايمانه بالشعب وخلود القضية وحضورها في ذاته المباركة ..ولكنها ارادة الله ان نكمل الطريق بدونه ..الطريق الذي عبدته ارواح الشهداء وانارته شعل التضحية وافائت عليه اشجار التضحية ..الطريق الذي شقه محمدة باقر الصدر ورسم دلالاته الصدر الثاني وعبده محمد باقر الحكيم ليطرقه عبد العزيز حتى النهاية .. رحل اخر فرسان بيت المرجعية الرشيدة مرجعية ال محسن الحكيم التي ما ابقت في الله من بنيها احدا الا وقدمته نذرا وقربانا للوطن المجيد ..ذلك المرجع المبارك الذي وقف بالضد من الحكومات التي حاولت ان تقف في وجه كلمة الله فابقاها هي العليا وكلمة الذين ظلموا هي السفلى ..
لقد كان لمرجعية السيد محسن الحكيم تلك القرابة التاريخية من ابناء الشعب العراقي وبشكل لافت للانتباه وبكل قومياته واديانه ومذاهبه ما اكسب تلك المرجعية صفة العالمية ووحد الشعب حولها وجعل المرجع بمثابة العنوان المعبر ععن هموم الشعب في مقابل السلطات بتنوعها واختلافها ..ولهذا السبب فقد كانت وفاته المشكوك فيها في بداية السبعينات من تدبير النظام العفلقي الذي ابى الا ان يخلص العراق من رموزه الوطنية والدينية التي تلتف الجماهير حولها ..لقد كان المرجع الحكيم في طليعة مراجع الدين الذين ازروا وساندوا الحركة الوطنية الجهادية التي رفع لوائها الشهيد الاول محمد باقر الصدر ومن معه من الخلص وفي مقدمتم شهيد المحراب محمد باقر الحكيم .. وكان الراحل عبد العزيز الحكيم في تلك الفترة يافعا ولكنه رغم حداثة سنه كان من الملتفين حول راية الامام الصدر والمدافعين عن مشروعه الوطني التضحوي وافكاره التجديديه في ظل المؤازرة التي كان يلحظها من والده واخوته الشهيد محمد باقر الحكيم والشهيد مهدي الحكيم ..
عائلة التضحية التي انحدر منها الراحل السيد عبد العزيز كانت اغصان وارفه تعبق بالشهادة فبعد هجرة السيدين محمد باقر الحكيم واخيه السيد عبد العزيز من العراق طلبا للجهاد في ايران اعدم ستة من ال الحكيم في يوم واحد تنفيذا لامر الطاغية صدام الذي كان يلتذ بدماء الضحايا ويبحث عن فرصة للنيل منهم .. وظل السيد عبد العزيز حاملا لراية الجهاد مع اخيه شهيد المحراب قدس سره حتى انتقلت الزعامة الروحية والسياسية لحركة الجهاد الاسلامي في العراق اليه بعد استتشهاد اخيه في عام 2003 ..
دافع السيد الراحل عن المشروع الوطني العراقي بكل ما يملك من جراة وحنكة سياسية اكسبتها اياه ايام المنازلة الطويلة مع الطاغوت البعثي فالتئم الشمل العراقي الطيب تحت رايته في الائتلاف العراقي الموحد بعد مجلس الحكم ..وسعى الائتلاف القائد الى ان يكون العراق الجديد حرا ديمقراطيا زاخرا بالامن والسلام والطمانينة بين مكوناته المختلفة عبر اشراك الجميع في صنع القرار وتحريم الاقتتال الداخلي والسعي الدؤوب لانتزاع السيادة الوطنية وليكون القرار العراقي وطنيا خالصا بعيدا عن التجاذبات وارادة المحتل ..
دفع السيد عبد العزيز الكثير من وقته وجهده وقوته وصحته نتيجة لهذه المواقف النبيلة والوقفات الوطنية التي لا شك فيها ونجح في ابعاد الوطن عن شفير الحرب الاهلية ونقل العراق الى مسافات قربية جدا من نيل السيادة والاستقلال التام .. السلام عليك يا سيدي عبد العزيز وانت ترحل الى ربك راضيا مرضيا تحف بك ملائكة الرحمة وبشائر الطمانينة والرضا ..والسلام على جميع شهداء العراق
https://telegram.me/buratha