بقلم: سامي جواد كاظم
قد لا نصل الى نتيجة اذا كنا على خلاف بمسالة نظرية مثلا فقهية تاريخية وقد تكون النتيجة محسومة الا ان احد الاطراف يصر على الدليل المادي فعندها ينتهي النقاش من غير قناعة ونتيجة ، ولكن عندما يكون الخلاف على امر محسوس بالحواس الخمسة فخلاف الواقع الملموس يكون الحماقة والجهل بعينه .وهنالك شطط من هنا وهناك يرفض مشروع التسقيف الرائع الذي شيد على الصحن الحسيني الشريف فالحجج الواهية تارة تكون التراث وتارة بخس خبرة السيد الشهرستاني المشرف والقائم على العمل ومن بمعيته من شركته .ولان جهود هذا الرجل حاضرة في كربلاء والكاظمية وسامراء فهذا لا ياتي من فراغ .ونحن ندخل الى الصحن الحسيني الشريف ظهرا ترشقنا نسماته الباردة فتطفأ حرارة شمس الظهيرة في جسدنا ونرى خطباء المنابر يخطبون وهذا يستمع وذاك يصلي واخر مضطجع وهم يعيشون اجواء الايمان والراحة كل هذا بفضل التسقيف وكلام المخالف خرط القتاد طالما الملموس رائع فلا يعنين الجدل ، فلو تجولت الساعة الواحدة ظهرا في كل العتبات المقدسة فانك ستجدها خالية او بعض الزوار الذين يمكن عدهم على عكس الصحن الحسيني الشريف .اما محاولة النيل من خبرة السيد الشهرستاني فيعد هذا اوهن من بيت العنكبوت وشاءت الفرصة ان يتحدث السيد المهندس الشهرستاني عن مشاريعه وبدا حديثه عن سامراء فجاءت اجابته لمن يعتقد انه لا علاقة له باعمار سامراء فقال عن ذلك : إن العمل في مرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام) ينقسم إلى ثلاث أقسام: القسم الأول: وهو عبارة عن أعادة ما دمرته يد الإرهاب، وما هدم من المرقدين في القبة والمآذن والأروقة وباقي الأجزاء الأخرى. القسم الثاني: هي الأعمال التكميلية أو ما يسمى بـ (finishing). القسم الثالث: التوسعة في المرقد الشريف. حيث أن القسم الأول وبالعناية الإلهية، باشرنا به بتاريخ 24/4/2008 برفع الركام من الأقسام المهدمة في البقعة المباركة، وبعد تنظيفه أعددنا المقام لكي يكون مؤهلا لتوافد الزوار ووضعنا سقفاً بارتفاع أربعة أمتار كي يتمكن العمال والأشخاص الفنيون من العمل في القبة دون التعارض مع دخول وخروج الزائرين وبالفعل بعد أسبوعين من المباشرة بالعمل في أساسات المنارة والقبة كان من الممكن أقامة صلاة الجماعة داخل الحرم الشريف، وإقامة العزاء والمأتم وحيث وصل عدد الزائرين في بعض المناسبات إلى أعداد مليونية، وكل ذلك لم يؤثر في سير العمل بفضل ما قمنا به بتوفيق من الله من سقوف مؤقتة.
أما الأعمال الإنشائية التي ابتدأنا بها في الأروقة، حيث كان كل الركام تقريباً قد نزلت في الأروقة فنظفنا الأروقة وباشرنا ببناء القباب التي كانت موجودة في الأروقة منذ أربعة أو خمسة أشهر وبعد ذلك بدأنا ببناء القبة بالذات، حيث قمنا بهدم بعض الأجزاء المتبقية منها والمصدعة، ثم أعدنا بناءها بالطابوق إلى فوق الشبابيك مباشرة وتحت قوس القبة، ووضعنا حلقة خرسانية بعرض 3م وبسمك 70سم تحت القبة وبعد ذلك باشرنا بوضع الجسور الحديدية التي رأيتموها للقبة الداخلية، وبعد أتمامنا للقبة الداخلية قمنا بالمباشرة ببناء القبة الخارجية ووضعنا لها الجسور الحديدية وإن شاء الله بعد أسبوع أو أسبوعين سينتهي البناء في القبة المطهرة وكذلك المآذن. وكذلك باشرنا بالمآذن وتم صب جدران المآذن إلى ما تحت الرقبة، أيضاً القسم العلوي هو في طور الانتهاء في مدة لا تتجاوز بحول الله شهرا واحدا، هذا الهيكل الخرساني للمرقد بعد ذلك سيتم الانتقال إلى مرحلة تغليف المرقد الشريف بالقاشاني والمرايا والتذهيب وغيرها. أما الجدار والمناطق المحيطة بالعتبة فقد قامت اللجنة المكلفة بدراسات موسعة والاتصال بالمناشئ التي لها القرار في ذلك. اما الحديث عن منظمة اليونسكو التي تعد المرجع للخبراء في هذا الشان فقد اوضح الشهرستاني ان الحكومة ارتأت أن تكون هناك جهة دولية تقوم بالاتصال المباشر لهذا المشروع - أي أعادة البناء - لأن المسألة حساسة جداً، وقد ارتأت تكليف المنظمة أو من ينتمي لها بعمل التصاميم الخاصة بالمشروع، وكما قال لي رئيس منظمة اليونسكو ( كنا نحب أن نأخذ من العراقيين، وراجعنا المنظمة في باريس فوجدنا اسمك في ضمن المهندسين الذين يرشحون لمثل هذه الأعمال وقال لي: وجدت أنك الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بهذه المهمة ولكن مكتبك الآن في لندن وقد أحلت نفسك إلى التقاعد)، فقلت له: نعم ولكنني عدت إلى العمل؛ لأن هذه المسألة تعنيني كمسلم أكثر من غيري.
أما أنا فقد كُلفت بشكل مباشر من المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني(دام ظله الوارف) أن اذهب إلى سامراء وأشرف على مجريات العمل وقدمت اللجنة العليا التي كانت معدة من رئيس الوزراء لنا عرضاً في أن نقوم بالأعمال التصميمية والإنشائية بأنفسنا ونحن رحبنا بذلك، حيث كانت هناك خلفيات لدى اللجنة المشرفة عني، حيث كنت مشرفاً للآثار التاريخية التي كانت تحت أشراف اليونسكو. فقدمت التصاميم الأولية إلى اللجنة وكانت هناك رسالة خاصة من رئاسة الوزراء لي مباشرة كي أباشر وأشرف على العمل بالتعاون مع اللجنة العليا لإعمار المرقد الشريف.
والآن التصاميم والأشراف العام يكون من جانبي أما المباشرة فهي من جانب اللجنة العليا وبمراقبة الممثل الرسمي لمنظمة اليونسكو، حيث يقوم بتصوير وتوثيق كافة التفاصيل يوماً بيوم، بل ساعة بساعة وإرسالها إلى مقر اللجنة في باريس، حتى إذا كان هنالك شيء من الخطأ أو الاشتباه لا سمح الله يتمكنون من التنبيه إليه، واليونسكو هي منظمة عالمية ثقافية مهتمة بالآثار والتراث ولكن ليس لها أية جهات تنفيذية معينة، فهم لا يمتلكون خبراء في التصميم أو التنفيذ، بل يستفيدون من الخبراء الذين يعملون بجهات أو شركات معينة.
اما الذين يتبجحون بالاثار والتراث فقد اوضح السيد الشهرستاني هذه المسالة بالقول هناك موضوعين، الأول موضوع أن المباني أثرية فعلاً والثاني أن هذه المباني بُنيت لأغراض أخرى، هذه أول مرحلة، ثانياً التقدم العلمي والتكنولوجي. بالنسبة للقسم الأول أستطيع أن أقول هذا الكلام ينطبق على آثار بابل أو آثار نينوى أو طاق كسرى أو أمثالها فإذا أردنا أن نرممها كونها أثرية يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار ما كان يعمل بها وإن لم يكن مقدوراً عليه، يعني الطابوق الذي بُني به عين الأثر قبل أربعة ألاف سنة مثلاً يجب أن نصنع طابوقاً مشابها ً له قدر الإمكان، حتى يُبين الشكل الكلي والعام لأجل أخذ فكرة عامة بأن الأثر نفسه والهدف الذي أنشئ من أجله يبقى نفس الهدف، فإن البناء إذا كان أثرياً فقط، يجب أن يبقى أثرياً ولكن المباني كلها إذا لم تكن بهذه الصورة، صحيح أنها بُنيت بحقب تاريخية قديمة، ولكنها لم تُبن للغرض الأثري، فمثلاً البناء الذي بُني على قبر هارون الرشيد بناه ولده المأمون ودُفن فيه الإمام الرضا عليه السلام، فكانت المسافة قريبة جداً بين الحائط والضريح مما تزاحم مرور الأشخاص بشكل كبير لذلك أصبح ملحاً على أهل العقل أن يوسعوا المكان، فرُفع الجدار؛ لأن الجدار أصبح عائقاً أمام الزائرين، في حين كان الجدار في حينه كافياً للمكان. وفيما كان عدد الزائرين في السنوات الخوالي لا يتعدى الآلاف وأصبح الآن يُعد بالملايين فليس من المنطق أن لا ارفع جدارا أصلاًً ليس فيه غرض أثري وإنما هو غرض إنشائي، فالعمل إذا كان إنشائيا جاز لنا تغيره.
القسم الثاني: وهو التقدم التكنولوجي فبالنسبة للقبة كان الجدار بسمك ثلاثة أمتار بين القبة الداخلية والخارجية، الآن الجدار تهدم، فهل من الصحيح أن أعود لنفس البناء أم أنني أستطيع أن أستخدم التكنولوجيا الحديثة مع المحافظة على نفس الطابع والشكل القديم؟ والبقاء على المقومات العامة للفن المعماري والإنشائي الذي بُنيت فيه، هذا من جانب. من جانب أخر لو أردتُ أن أعيد البناء بالطابوق لأصبح لدينا وزناً يتعدى الـ 5 آلاف طن، بينما الحديد الذي أنشئ الآن لا يتعدى وزنه الـ 2000 طن، وكذلك مقاومة ما قمنا به ستكون ضعف أو أكثر من ما كان موجوداً من قبل، مع مراعاة إن الموقع حتى لو أُصيب مستقبلا بقذائف - لا سمح الله - فإنها لا تؤثر في القبة، فهذه الأمور أمور إنشائية وتكنولوجية دُرست دراسة دقيقة مع مراعاة الجانب المعماري والفني، وسيكون هناك تغليف بنفس الطريقة القديمة من الكاشي الكربلائي والقاشاني والفسيفساء والذهب وغيرها، وهذا لا يمكن أن يكون نفسه، لابد أن يكون جديدا.
وعن مقدار تعاون العتبة الحسينية مع مشروع بناء المرقدين الشريفين في سامراء تحدث الشهرستاني : تعاون لا يمكن أن تحده الكلمات، فهم الذين باشروا وبدءوا بإزالة الركام، حيث أنشأوا هيئة عليا من مسؤولي العتبة وتعاونوا في رفع هذا الركام إضافة إلى الدعم المادي والمعنوي الكبير، حيث كانوا السباقين لكل عمل يصب في منفعة و أنجاز المشروع. هذا القدر اعتقد يعطي فكرة عن ماهية خبرة هذا الرجل في هذا المجال الذي يعد المشرف الاول على اعمال التسقيف وملحقاته من نقوش وصناعة الكاشي الكربلائي وما الى ذلك لوازم .
https://telegram.me/buratha