المقالات

ذكريات رحالة بين حلبجة والانفال

1939 04:36:00 2006-09-09

( بقلم : احمد مهدي الياسري )

جهز الرجل ادواته ومستلزمات رحلته الطويلة , كان عازما ان ينطلق نحو الشرق , نحو بلاد لم يرها من قبل وسمع عنها في الاخبار والكتب والحكايات .كانت رحلاته السابقة الى بلاد الصين والهند وادغال, افريقيا وبلاد اوربا والكثير من بلدان الارض وشاهد هناك العجائب والغرائب والعادات والتقاليد المتنوعة , تلقى المحن والاهوال ومارس الصبر واستلذ بالجديد الجديد والمثير من المعرفة والحقائق التاريخية .اطلع على تراث الشعوب وفنونها وعقائدها وجمع في مخيلته صور جميلة واخرى محزنة واخرى مثيرة وغريبة ولكنه ولانه مصاب بهوس الاطلاع والتنقل ومعرفة اخبار الشعوب يهمه ان يطلع على كل تلك التنويعات والشعوب والبلدان بنفسه واختار ان يتنقل رحالا يجوب البلاد شرقا وغربا باحثا عن المعرفة والحقيقة في مواقعها الاصلية.رسم الخطة وحدد الموقع الجديد واختار البلد واشر على خريطة كانت في متناول يده وحدد الطريق الذي سيسلكه بعد ان يضع اقرب نقطة للانطلاق ..كانت ارضا منسية بالنسبة له وهذا هو اختياره الجديد فلطالما سمع عن بلاد مابين النهرين وتلك الارض المليئة بالحكايات والعجائب والعقائد ولكم سمع تلك القصص المثيرة والمشوقة وها هي تلك البلاد وقد اصبحت في متناول اصراره على ان يلج امواج حقيقتها والان بينه وبينها قاب قوسين او ادنى من المسافة ..اختار نقطه انطلاقه من ايران قرب الحدود العراقية الايرانية ومنها قرر التنقل بين المدن والاقوام والحكايات العراقية وقرر تمشيط مساحة العراق من شماله حتى جنوبه منطلقا من اقصى جباله في كردستان حتى اخر نخلة ومسطحات الاهوارالعجيبة في جنوبه ..كان ذلك في ربيع عام 1988 واختار ذلك الوقت والمكان لكي يطلع على ماتموج به المنطقة من اثارة واخبار متنوعة ولم يكن يهتم للسياسة واوجاعها بقدر الوصول الى الحقيقة بام العين ولانه في ترحال دائم كان لايتحاشى مناطق الحروب الساخنة بل العكس من ذلك كان يحاول اختراقها والاطلاع على تلك الكوارث والمحن فهو يؤرخ لما تراه عينه وتسمعه اذنه من اخبار الشعوب والامم لكي يكتبها للتاريخ القادم ..بدأ الرحلة منطلقا عبر الطائرة الى بلد مجاور لنقطة انطلاقه وها هوبعد الاجرائات والتنقل اصبح عند اقرب مدينة لذلك البلد الجديد على الاقل اليه, وتوقع الرجل كما عادة البلدان التي زارها ان يرى نقاطا حدودية او ماشاكل ذلك وكان يتوقع ان يسمع ازيز الرصاص ودوي الانفجارات والقنابل والمدافع والطائرات حيث كان يعلم ان المنطقة في حالة حرب دامية ..سمع وقرأ ان ابناء تلك البلاد لايهمهم حرب او دمار فهم يعيشون حياتهم وكان الامر في سلم وسلام والحرب قائمة والجيوش تتصارع والمطحنة تطحن كل شئ فيه حياة في تلك الانحاء ,واطلع على تاريخ العراق الدامي دوما ومرت عليه تلك القصص عن المغول ومافعلوه في بغداد وعن الحكام والملوك الذين حكموه بالحديد والنار وكان يعلم ان العراق يحكمه في اثناء وصوله احد امثال تلك الطغاة الجبابرة ولانه كان ينقصه الكثير من المعلومات المباشرة لذلك قرر ان يكون هناك في رحلة جديدة ولكنها هذه المرة ستكون محفوفة بالمخاطر..كان الليل وقد ارخى سدوله وحلت حلكة السواد , ينظر في السماء فلايرى اثرا لنجم او قمروالغرابة وقد تملكته فهو قد تعود ليل البلدان التي جابها شمالا وجنوبا شرقا وغربا بقمر ونجوم , فاستلقى تحت ضل احدى الاشجار وقرر ان يقضي الليل هناك فامامه في الغد رحلة طويلة ومثيرة ..استطاع الرجل تمييز الفرق بين انه في ايران ام في العراق فقد الف الرجل وتعلم ان لكل بلاد نسيمها وعطرها ورائحتها المميزة وهو قد تجول في ايران وايقن ان تلك الشجرة هي في ربوع العراق وتحديدا في شماله الشرقي لانه كان قد حدد نقطة انطلاقه من شمال غرب ايران وفق مااحسه من فارق في الطبيعة والنسيم ..اوقد النار ليهئ طعامه والشراب الساخن ولكي يُذهب عن نفسه وحشة الظلمة الحالكة ولكي يرى ماحوله فلانجم مضئ ولاقمراً منير ولا انس ولاجان والهدوء المرعب يخيم على المكان ..تناول بعض الطعام وهيئ القهوة الساخنة على تلك النار وجمرها الغريب العطر فقد قطع واوقد بعض الاغصان من تلك الشجيرات المتوزعة هنا وهناك وكان الوقت ربيعا والليل في تلك الانحاء فيه بعض لسعات البرد وعليه الاحتماء من البرد وضربات الشمس ولسعات الافاعي والعقارب لانه كان يهمه ان تكون صحته جيدة فكان لزاما عليه الاحتماء دوما .تناول كتابا في حقيبته لكي يتعب عينيه بالقراءة حتى يخلد الى النوم كعادته وقرأ بعض الشئ والمعلومات ولكن النار لم تكن بالكافية لكي يستطيع القراءة بصورة جيدة وسواد الليل حالك فرمى الكتاب ووضع يديه تحت راسه واطلق العنان لمخيلته يرسم الصور القادمة لما سيراه ومايتوقعه ولفت انتباهه امر مهم وهو السكون المطبق فلا حس ولا حسيس ولادب او دبيب فكل ماحوله عبارة عن صمت مطبق حتى خيل اليه انه قد مات فتحسس جلده بقرصة لكي يتاكد انه على قيد الحياة وحتى انه لاحظ ان حتى لاوجود للذباب او البعوض ولاحتى نمل يتسلى معه وهو ينقل حبات الطعام من اماكنها الى بيوته ومخازنه المعدة للشتاء القارص ولا حتى بومة في اعلى الشجرة ..اخذته سنة من النوم ولم يستفق الى وقد لسعت بعض الاتربة المتطايرة وجهه فنهض وتجول بنظره في ذلك الافق الشاسع فكان المنظر مهيبا بسكونه وصمته وشموخ جباله والضباب المخيم والموزع هنا وهناك وروعة المناظر الخلابة..تناول كوب الشاي وبعض الافطار الجاهز لديه ووضع حقيبته وتجهيزاته على ظهره وانطلق نحو هدفه فهو الان في ربوع العراق وجبال كردستانه ووديانها ..سار في الاودية والشعاب وهاجسه الوحيد هو الوصول الى اقرب قرية او مدينة وكان يتمنى كما تعود دوما ان يلتقي احد ما يتقن احدى اللغات التي يتقنها لكي يرشده الى اهم المواقع التاريخية وكان متيقن انه سيجد احدهم فهو في بلد الحضارة الاولى ولكنه اصابته الريبة والذهول فهو الى هذه الساعة وقد قطع حوالي الثلاثين كيلو متر مستعينا برجليه وبدراجة اشتراها من اقرب قرية في ايران لكي تعينه في الحركة وحَمل تجهيزاته , تفحص الخارطة ليحدد موقعه .ها هو هنا ووضع اصبعه على سلسلة جبال احمد آوي وها هو سهل شهرزور ورمق جبلا يحتضن مدينة هو اقرب اليها من غيرها هو جبل شنروى , فجال في نظره في الانحاء ..كانت تلوح في الافق سوادة تزداد اخضرارا كلما اقترب منها وها هي معالمها اكثر وضوحا , تلك هي اولى القرى التي سيصلها فاستبشر خيرا وانفرجت اساريره فهو منذ ان دخل الحدود ولم يسمع صوتا او حركة لحيوان او اي شئ فكأنه في عالم من الاسرار والمفاجئات , كانت هواجسه تقول هل هو الصمت الذي سيسبق العاصفة ام ان اهل تلك البلاد في مكامن سرية حيث هناك حرب مستعرة يتقون فيها شر القنابل.. ولكنه لايجد اثر لاطلاق النار فاين ذهب الناس والساعة الان تقارب الضهيرة ومن المفروض ان تكون هناك حركة ما والربيع وقد خيم بنسائمه على تلك الانحاء !!!! كلما اقترب اكثرتزداد المعالم للعمار والحياة امام عينيه فهو الان في عالم من الذهول والانبهار فها هو امام منظر عجيب حيث استقبلته المدينة بتماثيلها الرائعة والمنحوتات البالغة الدقة والجمال والأتقان ..تلك بقرة نائمة وذلك حمار وقد توسد العشب الاخضر وهناك معزى مستلقية رافعة ارجلها الى الاعلى وتلك دجاجة وافراخها وبطة وكلهم رقود بلا حراك !!!تعجب لذلك واقترب منهم ولكنه تعود ان لايلمس التماثيل وخصوصا المتقنة الصنع فهو يعلم انها ذات قيمة عند من صنعها ووضعها في تلك الاماكن الرائعة الاختيار حيث الطبيعة الخلابة واماكنها الطبيعية في انسجام رائع بين المصنوع والطبيعة الحية..اخرج كاميرا بحوزته والتقط اولى الصور* وهو في حالة من الفرح والسرور حيث ها هي اولى معالم (الحضارة) تتجسد امام عينيه ..سمع ان العراق وبلاد مابين النهرين فيها حضارات سادت ثم بادت وتركت تلك الحضارات الكثير من الآثار والتماثيل والمعالم المجسدة لحقب التاريخ المتعاقبة والتي مر بها هذا البلد العريق وكان تواقا لرؤيتها في مواقعها الاصلية وهو قد شاهد ايضا متاحف العالم المتنوعة وتجول في الكثير منها ولكنه لم يرى بحياته مثل تلك الدقة في الصنع والروعة في التصاميم المعبرة عن الواقع الحقيقي لتلك الارض والمنسجمة مع الطبيعة بكل التفاصيل وبمقارنة بسيطة استطاع تقييم الذي يراه مقارنة بما مر عليه في البلاد الاخرى..سار بضع خطوات فلمح دارا على بعد امتار فاقترب منها متاملا ان يجد انسيا يتحدث اليه وان بلغة الاشارة ولكن ذهبت آماله ادراج الرياح , تلك الرياح ذات الرائحة الغريبة والمزعجة نوعا ما والمثيرة للاوجاع في الصدر..تسائل مع نفسه مالذي يجري هنا ؟وصل باب الدار واذا بها مفتوحة فطرقه واتبع الطرقة باخرى وما من مجيب لمح في باحة الدارمن الداخل طفلا نائما فناداه فلم يجب وتمعن النظر !!!ماهذا انها تماثيل اخرى ... ياللروعة ... صرخة اعجاب انطلقت من فمه واخرج كاميرته ليلتقط الصور* تلو الصور فكل مايراه مثير وتمنى لو ان الجميع تشاركه رؤية مايراه ولكنه متيقن ان هذه الصور الرائعة سيراها الجميع لاحقا ..دخل الدار وتجول في الغرف المتنوعة ....... ماهذا ؟مطبخ وغرفة نوم واشخاص في كل مكان , هذا محتضنا لطفل صغير وتلك ام معانقة لطفلة جميلة بجدائلها وضفيرتها الرائعة وكل شئ في موقعه حتى تلك القطة في مكانها وكذا الاواني والفراش , وحتى غسيل الملابس والاوراق المبعثرة هنا وهناك وكل شئ وكأنه الطبيعة الخاصة بتلك الداروالمنطقة .....تسائل وتمنى ان يجد تلك اليد التي ابدعت كل تلك التماثيل الجميلة , ولكنه الى هذه اللحظة لم يرى احد ليجيبه على اسئلته التي تتنامى وتزداد او على اقل تقدير ليُــذهب عنه وحشته فهو لازال وحيدا فريدا وكأنه في عالم من الاساطير القديمة والتي قراها في قصص الخيال او رآها في الافلام الخيالية ..خرج بعد ان التقط لكل شئ صورة * وسار بضع خطوات فلمح في نهاية الطريق عربة خشبية مضى مسرعا نحوها كان هناك رجل جالس وهو منحني الى ركبتيه في مقدمتها وظهره هو البارز امامه , وصل اليه سلم عليه ولكنه لم يسمعه استدار ووقف امامه واصيب بذهول جديد انه تجسيد لرجل يقود عربة والحمار راقد على الارض والمقود بيديه وكانه خارجا يسيرنحو الطريق التي جاء هو منها ورمق رضيعا في العربة فاقترب منه واذا به طفل صغير في اللفة وهو يغط في نوم عميق وفي فمه الجميل رضاعة صغيرة ومن دقة الصنع ظنه طفلا حقيقيا ولكنه سرعان ما ايقن انه كسابق ماشاهده فهو تمثال لطفل رضيع ينقله والده الى مكان اخر قد يكون احضان امه او جدته ..تمتم مع نفسه كل متاحف الدنيا لها حراسات وتنظيم للدخول والخروج وتعود في كل مكان حينما يدخل متحفا ان يدفع اجرا عند الدخول ولكنه امام كرم غريب وها هي قرية او اطراف مدينة مفتوحة والدخول الى متاحفها مجاني , والمناظر المجسدة لواقع حياة ابناء تلك الربوع تشي بان هناك ابداع ورقي في استقبال الضيوف بما يضعوه من صور تجسد طبيعة الارض والناس في تلك المناطق ولانه لم يرى لحد الان اي انسي, كان توقعه يقوده الى هذا الاحتمال وظن انه لكي تكون الصورة واضحة للزائرين الاغراب والضيوف والسواح عن طبيعة تلك المناطق وتراثها انما تستقبل ضيوفها بتلك الصورة وهو امام امر فريد لم يره في اي مكان اخرمن العالم قد زاره ففي كل زاوية تمثال لرجل او مراة او حيوان او طفل ..كان هناك ماء وبقايا طعام حقيقي في بعض الاواني قرب تلك الاجساد , ذلك الامر اثار استغرابه ايضا , فكيف تكون هناك تماثيل والاواني امامها وفي الجوار وتحتوي مواد وغذاء حقيقي ؟؟ وان كان الامر مقصود والغاية هي اعطاء الامر شئ من الجاذبية والاتقان فاين هؤلاء الذين يغيرون الطعام في تلك الاواني ؟؟ لانه من المؤكد انه سيتعفن ان لم يبدل باستمرار..خرج مسرعا من البيت منطلقا الى مناطق اخرى في الجوار ولكنه وقف امام منظر رهيب ويوحي بالحزن والكأبة فتلك تلة * من الاجساد بعضها فوق بعض ولادماء او اثر لحريق فيها ..هل هو تجسيد لملحمة وقعت في تلك الانحاء تجسدها تلك التماثيل الجديدة ؟؟ تساؤل طرحه على نفسه وحاول البحث ومن خلال الملبس والمتواجد من ادوات عن تاريخ تلك الملحمة التي مثل هذا التل البشري المتراكم الاجساد صورتها الحقيقية وكان بارزا من بين الركام البشري سيارة حمل موديل قبل خمس سنوات من تاريخ وقوفه في تلك الارض ..اذن الامر لايعني التاريخ البعيد ومن المؤكد اما هي صورة لحادث قريب او .......؟؟؟تسائل في حيرة وذهول وشئ من الرعب والوجل مالذي يجري هنا ؟؟هل انا في حلم ام حقيقة ؟هذه بلدة مهجورة حيث لاحس او دبيب واشجار بلا طيور وروابي شاسعة والاغنام والابقارمتوسدة العشب وكل شئ جامد تماثيل وتماثيل والصانع مجهول ..مابال هذه البلاد وهل ساعود منها وانا فاقداً لعقلي ؟؟اريد جوابا شافيا لكل اسالتي المحيرة , ثم قرر الخروج من تلك البلدة على وجه السرعة واتخذ طريقا ترابية تمر بين بعض التلال والسهول الشاسعة واحس بتغيير طرأ على جلده وتحسس وحكة شديدة ..لم يبالي في البداية ولمح وهو سائر مساحة من العشب وهناك بقرتان * احداها منتفخة ممددة على العشب والاخرى عجل صغير جالس بجانبها وهو حي !!!هذه اول مرة يرى شيئا حيا , اقترب منه لكي يتاكد منه جيدا نعم انه عجل صغير حي وامه وقد نفقت ولكنه في رحلة ولامجال للمكوث اكثر هنا ولم يدر في خلده اكثر من حيوان نافق وهو امر طبيعي جدا ..كان الطريق طويلا جدا ساره حتى حل الظلام فاقترب من غدير ماء في الجوار محاط بشجيرات قليلة فقرران يستريح على ضفافه حتى يحل الصباح ليكمل مشواره الغريب العجيب ..ذهب الى ذلك الغدير بعد ان ترك ادواته ودراجته بالقرب من احدى الاشجار,واختياره للشجر مكاناً للاستراحة كان عادة تعودها وهو يشعر بالدفئ وهو قرب شجرة يستضل بضلها, مد يده الى الماء , ماء الغديرالهادئ وتناول في كفه قليلا منه لكي يغسل وجهه من غبار الطريق الطويل وتبعها بكف مليئ بالماء ولكنه سرعان مارماه بعد ان دخل قليل منه في فمه ..الماء له طعم مقزز !!!!!!!!!ونظر الى يده واذا بها بعض القروح .....!!!اسرع الى متاعه واخرج قنينة ماء جلبها معه من ايران وشرب قليلا وتناول عصارة كريم خاص بالجلد تعود ان يقتنيها ويداوي بها بعض القروح نتيجة ملامسته لبعض النباتات السامة او لسعات النحل والافاعي وماشاكل ذلك ..هدات قروحه قليلا ولكن بقيت بعض الآثار واتكأ على جذع الشجرة وهو يستعيد مارآه في تلك القرية المتحف .حاول اقناع نفسه ان لعل المدينة القادمة مليئة بالحياة الحقيقية والناس في رواح ومجيئ وعمل متواصل لاكما مر به في اليوم السابق ..كان متشوقا لتناول طعام تلك البلاد فقد ذاق طعم الكثير من الاكلات الصينية واليابانية والمكسيكية والايطالية والهندية ولكنه لحد الان لم يتذوق الماكولات العراقية ..قرا عن ماكولات تلك البلاد ومنها الكبة العراقية والخبز العراقي اللذيذ المصنوع في التنور الحجري والسمك النهري وووغيرها من الماكولات التي يقال انها لن تنسى ان تناولها احد لاول مرة ..تعطش الى اللبن الرائب والمستخرج من حليب تتناول ابقاره عشبا معينا فيخرج ذا طعم لذيذ لايقاوم وقد سمع عنه الكثير ..استلقى على وسادة صغيرة وفراش بسيط يحمله ويطويه معه في حقيبته فقد اتعبه الطريق الطويل والارهاق وغط في نوم عميق وغاص في بحار احلامه التي لاتنتهي عند حد ..لم تكن تلك الرحلة كما توقعها فبدايتها مبهمة وغريبة فما معنى ان يمر بقرى لايوجد فيها بشر قط وها هو في اليوم الرابع والخامس والسادس والعاشر قرى مجاورة لبعضها البعض ولاحياة فيها سوى ذلك العجل الصغير الراقد قرب امه البقرة النافقة ..تلال بشرية في كل مكان واطفال في الازقة وعلى اعتاب البيوت وعلى اسرتهم البالية وامهات ومناظر بشعة لتماثيل تحكي لقصة ملاحم مرت بتلك القرى فمالذي يجري ياترى ..؟؟اسئلة حيرته وهو يعلم جيدا ان شخصا واحدا من الممكن ان يجيب عليها جميعا ولو بلغة الاشارة .. ولكن من اين له ذلك ؟؟ واين سيجد هذا الكائن الذي اسمه انسان ..؟؟مر على مسيره عشرة ايام وكل قرية تشبه الاخرى في كل شئ ولكن الامر لم يكن مسرا الان فقد مل رؤية هذه التماثيل الكثيرة وانتابه شعور بالحنق على من صنع ذلك فماباله لايتواجد مع تماثيله ليشرح للزوار ماهية تلك التمايثل والى ماذا تعبر وعن اي حقبة وماهي حكاياتها ولماذا هي في كل مكان ...؟صرخ في الفضاء بهستيريا شديدة وكانه اراد اسماع صوته لاحد ما قد يكون في الجوار القريب او البعيد ولكنه لم يسمع سوى رجع الصدى من تلك الاودية والجبال المترامية الاطراف ...حل نهارجديد وتبعه مساء ونهار اخر وفجأة سمع هدير شاحنة .. اسرع الخطى نحوها انها على بعد عدة كيلو مترات ولانها تسير في مناطق وعرة وترابية فكانت بطيئة الحركة ولكنه لاحظ انها تتمايل يمينا وشمالا وكلما اقترب منها قليلا كلما لاح له انها تحمل اناس كثيرين ولكنهم لاحراك فيهم وتوقفت الشاحنة وهو على بعد قريب منها ولم يتوقف واسرع اليها فوصل الى باب السائق..انه شيخ كبير يرتدي الزي الذي رأه وقد ارتداه الكثير من التماثيل التي مر بها في القرى المجاورة وهو سروال فضفاض عريض وحزام من القماش في الوسط وقميص من جنس السروال ولفافة على الراس تغطيه بطريقة معينة تميزهم عن باقي البلاد التي مر بها ..كان الشيخ حينما وصل اليه واضعا راسه على المقود وهو منهك حاول ان يحركه ولكنه وجده في حال يرثى له ..صرخ رباه ماهذا وجهه مسود ودماء تسيل من انفه وفمه وعيناه متورمتان ....!!!انزله وكان فيه شئ من رمق الحياة واعتقد انه الاخير ...حاول ان يفهم منه شيئا ولكن الرجل كان لايستطيع حتى تحريك يديه وتمنى لو انه وصل اليه قبل ربع ساعة حينما كان يراه من بعيد يقود شاحنته ولكنه وصل اليه بعد ان اعيته الحيلة ووصل بروحه وجهده الى حالة اللاعودة او ماقبلها بقليل وكان يعلل تلك الامنية بانه وان كان لايتكلم لغته ولكنه قد يفهم منه بعض المعلومات من الحركات بيديه ووجهه لكي يعبر له عن مايجري في تلك الاودية والجبال والسهول وهذه الارض القصية ..انزله وهو منهك تناول قنينة الماء ليسقيه قليلا منه ولكن الرجل الكبير رمقه بنظرة حزينة نظرة عيون ارهقها بؤس الحياة الصعبة ..نظرة من عيون تعلوها جبهة مليئة بتجاعيد الحزن والزمن والشيخوخة التي تحكي قسوة الحياة ..طلب منه ان يشرب قليلا من الماء ولكنه اسمع لو نادى حيا فلا حياة بقيت في هذا الجسد المنهك ...كان يامل ان يستطيع معرفة مايجري ولكن القدر وقضاء الله منع عنه ذلك ..تسائل هل ستكون باقي رحلته كما مضى ؟؟ترك الرجل العجوز وعربته وماتحمل وانطلق مسرعا الى حيث لايدري , الى المجهول القادم من المفاجأت المحتملة وكما قرا ان هذه البلاد فيها العجب العجاب ..كانت تلك اللافتة التي رأها في الطريق تقول.. حلبجة تودعكم وال.............. تستقبلكم ..احس الرجل بدوار وغثيان وارهاق وتقيؤ وحاول ان يسند نفسه ولكن اخر ما رآه هو دراجته المرمية وقنينة الماء بجانبه حيث حاول شرب القليل منه ومضى في غيبوبة عميقة .......رأى انه في عالم اخر وعاد الى بيته وها هي امه العجوز تطهي الطعام في قريته الجميلة والكثير من الذكريات مرت عليه وتلك مدرسته القديمة وهناك المعلم ذو الشارب الكث والحواجب المقطبة .....احس ببرودة على جبينه فحاول فتح عينيه ولكنهما ثقيلتان جدا حتى يخيل اليه ان اجفانه وقد علق عليهما ثقل بوزن الفيل ..عاود الكرة مرة واخرى ولكنه لم يفلح و سمع صوتا بجانبه يتكلم بلغة غير مفهومة له ..استطاع فتح عينيه المتعبتين ولكنه لايرى شيئا سوى نور خافت في جانب من المكان ..تفحصه جيدا انه مغارة في جبل .. تسائل مالذي اتى به الى هنا ؟؟كان هناك رجل مستلقي قرب تلك النارولكنه لايتحرك ... صرخ بصوت خافت رباه ماهذا اكل هذه البلاد تماثيل واموات ام انه كابوس وانا لازلت احلم .. ؟؟حاول الجلوس وقرر ان يقاوم الارهاق الذي يعانيه واخيرا استطاع ذلك وتحرك فاسقط دورق بجانبه وسقط هو ايضا فاذا بالرجل الراقد قرب النار ينهض مسرعا اليه حاملا عودا مشتعلا من تلك النار ....كانت تلك المرة الاولى التي يشعر بها بانه هو التمثال والاخر رجل حي فقد كانت حيلته في اتعس الحالات ولم يمر بحياته بما هو عليه الان من نحول وارهاق و .......كانت ملامح الطيب والحزن والتعب والبكاء المكبوت والحسرة هي الوصف الصائب لهذا الرجل الذي امامه فاعطته ملامحه المنوعة الشجاعة لان يمد يده اليه ليصافحه فقابلها الرجل ذو السروال الذي يشبه تلك التماثيل المتوزعة في كل مكان وحتى طيبته لاتختلف عن تلك الوجوه التي رأها في تلك المزارع والقرى التي مر بها ولكن الفرق انها كانت تماثيل وهذا الوجه الطيب حي يتحرك وعيناه المنهكتان المحمرتان تنطقان بحزن عميق مصحوب بحنان على هذا الزائر الغريب الاطوار وكل شئ فيه يجلب الطمأنينة والهدوء والراحة ..سلم عليه بصوته ولغته الكردية وفهم الزائر ان الرجل يرحب به وبادله برد ولكن الاثنان لايفهمان لغة بعضهما البعض ولكنها تلك الوحشة وقد زالت منه فقد حصل اخيرا على رجل حي وقوي بعض الشئ وان كانت اللغة عائقا في التفاهم فحتما لغة الاشارة وفهم التعابير في وجهه ستشي له ببعض الاسرار عن تلك الانحاء ومايجري فيها ..التفت اليه وطلب منه ان يوضح له اين هو الان وماهذا المكان وكل ذلك بلغة الاشارة فتناول الرجل الطيب بعض الطعام وقدمه اليه وهو عبارة عن خبز يابس وبعض الماء وقليل من السكر ..ساله الزائر عن حقيبة كانت معه قبل ان يغط في غيبوبته العميقة ففهم الرجل السؤال وسار خطوات وهو يحمل تلك الحقيبة..فرح الزائر الغريب بها لانها تحمل الكثير من اشيائه ومايحتاجه وبعض الصور والذكريات التي يحاول من خلالها قتل الحنين الى ارضه وناسه واحبته واجوائه التي غادرها رحالا في فيافي الارض وآكامها ..حاول القيام ولكنه لم يستطع ذلك واسرع الرجل الطيب باسناده واضعا يده خلف ظهره معانقا اياه بحنين لم يالفه حتى في بلاده وقريته مما اعطاه حزمة من القوة والنشاط والامل بان ماهو فيه حالة من العطاء الانساني والكرم والرعاية التي لم يرها الا من امه العجوز وابيه الذي تركهم ورحل الى القبر .......سارو بضع خطوات في المغارة الى حيث مدخلها الى الفضاء الخارجي فكان المنظر مهيبا فها هي اولى تباشير الفجر تلوح في الافق البعيد وتلك الجبال والسهول تنتشر في الانحاء الخضراء المصفرة ..اذن هو كان نائما وتصور انه نام ليلة ونهار في ابعد تقدير .. سال صديقه الجديد محركا يديه اين هم الان ..ابتسم الرجل الطيب ابتسامة متعبة ولكنها مفهومة .....فسرها الزائر انه يقصد بها كيف سيستطيع افهامه ذلك فبادله الزائر الابتسامة ومد يده الى الحقيبة واخرج خارطة للعراق والمنطقة وهنا انفرجت اسارير الرجل الكريم وجلسا ينظران الى تلك الخريطة وطلب منه ان يحدد له المكان على تلك الورقة ..كانت يد الرجل تومئ الى مكان اخر !!ماهذا انه يبعد عن الحدود التي دخلها كثيرا لا بل عشرات الكيلومترات والمدن !!اكد عليه وساله هل حقا انه في هذا المكان البعيد عن المكان الذي فقد فيه وعيه ؟؟فكان الجواب ..نعم ؟؟وبلغة الاشارة افهمه انه كان مريضا وفي حالة اغماء وانه نقله معه عندما مر بتلك المنطقة حيث وجده ملقى على قارعة ذلك الطريق الترابي ...فهم الرجل انه اغمي عليه وكان في حالة تسمم ولكن وبواسطة معونة وشهامة هذا الرجل الاصيل الذي قداستطاع انقاذ حياته من الموت المحقق وهو الان مدين له بحياته والكثير ..ساله عن التاريخ الذي هم فيه فكان قد مضى اكثر من شهرين عليه واستغرب لحالته وكيف كان ذلك وكيف استطاع العيش طوال هذه المدة الطويلة من دون ان يشعر بشئ واخر ماكان يتذكره هو الرجل العجوز المسود الوجه والنازف الدم من انفه وفمه والذي فارق الحياة على يديه في ذلك الطريق الترابي الموحش ..اذن كان في حالة هي مزيج من فقدان الوعي والذاكرة وكان يستيقظ ويعود للانتكاس واستطاع هذا الرجل معالجته بطرق معينة بالاعشاب ومامتوفر لديه من خبرة تعلمها في حياته القاسية والتي علم انها قاسية من تفاصيل يديه ورجليه ووجهه فكل شئ فيهم خشن ومتشقق وهناك مواضع لجروح وقروح وبقايا دماء متيبسة وارجل مكسوة بجلد اخر من اثر العمل وخمن ان عمله الزراعة فتلك الاماكن التي زارها تعج بالمساحات الزراعية الشاسعة ولا اثر لمصانع او شركات او مثلما هوحال البلاد التي قدم منها وكانها بلاد مغضوب عليها ...لفت نظره خمسة اكوام من التراب قرب باب المغارة فسار نحوها ووجد بعض التراب المبلل على تلك الاكوام الترابية وكانت غريبة ومعتنى بها عناية خاصة ...اومأ اليه بيديه ماهذا وماهي تلك الاكوام الترابية ؟؟وما ان انتهى من السؤال الا والرجل الطيب يهوي الى الارض وكأنه وقد سقطت على راسه حجارة كبيرة من اعلى الجبل ..اسرع اليه واحتضنه بقوة فهذا وقت رد بعض الدين لهذا الرجل الطيب ..كان يبكي بحرقة لاتوصف وان وصفت فهي حرقة بكاء من فقد اعز مالديه ..كانت هناك بعض الاوراق تحسسها الزائر في داخل قميص الرجل الطيب صديقه العزيز ومنقذه من الموت المحقق حينما احتضنه بحنان وقوة ..كانت تلك الوريقات ملتصقة بصدره من جهة القلب فاخرجها الرجل الطيب بيديه المرتجفتين وكانت عبارة عن صورتان فهم منهما الزائر انها صورلعائلته يظهرفيهما هذا الرجل الاصيل الشهم وهويحتضن اربعة اطفال وامهم فتلك جدائل لطفلة جميلة زرقاء العيون صفراء الشعر والفم ملطخ باثر الحلوى وهذا صبي يحمل بيده لعبة خشبية واسناه بارزة من سعة الفم الباسم وامهم بملابسها المزركشة الزاهية وهي تبتسم بطيبة وحنان قل مارأه في مكان اخر وهذا فتى مستلقي وهو مبتسم وذلك فتى يافع يقف بينهم مزهوا بصباه .....كان يبكي بحرقة ويؤشر بيده الى الصورة وتلك الاكوام الترابية وكأنه يقول انهم عائلتي ولسان حالها يقول بالامس كنت حيا واليوم في التراب ..دمعت عينا الزائر وبكيا سويا فحقا انها مأساة ان تكون حال هذا الرجل الاصيل الطيب بهذه الصورة ورغم جراحه وحزنه وعظيم نكبته ولكنه لم ينسى انه انسان وانه في واجب انساني تمثل بانقاذ حياة انسان اخر قد يكون ليس من اهله ولكنه فعلها وقد يكون قد تسبب في ارهاقه وشكل له ثقلا فوق احماله المرهقة وهو ينقذ عائلته من موت او مرض او ماشابه ما اصابه على اقل تقدير ..علم انهم اصيبوا بما اصيب هو به وانه اي الزائر بقي حيا ولكن عائلة الرجل الشهم فارقت الحياة والسبب لم يفهمه لحد الان رغم محاولة هذا الرجل المنكوب افهامه الحقيقة ولكن راوده فيما بعد احتمال وهو ان هذا الرجل قدم من ذات المكان الذي قدم منه الرجل العجوز الذي فارق الحياة في شاحنته والذي تركه على قارعة الطريق وقد يكون الاثنان قدما من بلدة موبوئة بمرض او وباء ما ولذلك هو لم يمت لان اصابته كانت غير مباشرة ونتيجة ملامسة ذلك الرجل العجوزولها فارقت عائلة هذا الرجل الطيب الياة فيما بقي هو حيا .....كان فجرا حزينا للاثنان وكان الرجل الطيب ينتظر ان يستفيق هذا الزائرالغريب من مرضه واغمائه لكي يعود لوحده او ان رغب الضيف الى حياته وارضه وداره وقريته وان كانت موحشة كما رآها فيما بعد وبعد ان كان ضيفا على تلك المدينة التي زارها بمعية خمسة وعاد منها واحدا غريبا كئيبا ..هئ الاثنان متاعهما وما موجود من حمل هو عبارة عن حقيبة كانت مع الزائر وقطعة قماش ملفوف بها بعض الحاجيات والخبز اليابس يحملها الرجل المنكوب على ظهره المحني المرهق وهــَما بالمسير تاركين تلك المغارة وظلامها الدامس ولكن بعد بضع خطوات عاد الرجل المسكين ورمى حمله على الارض وعاد مسرعا الى تلك التريبات الرطبة ملقيا بجسده المتعب عليها يسقيها هذه المرة وهو في رحلة الوداع والرحيل الغير مخير فيه بمياه دمع عينيه واستلقى على تلك القبور الدوارس يسقيها ويسقيها بحريق دمعه الهادر والمغلي كالبركان الغاضب..كان المنظر مبكيا للصخورالصم الصياخيد فكيف به وهو ايضا وان كان ليس من تلك البلاد الا انه يمتلك احساس ومشاعر ولحم ودم وقلب يمتلك الشفقة والعطف فنزلت الدمعات من عينيه واسرع اليه واحتظنه وتوسله ان ينهض ولكنه اصر ان يوزع حبه ودمعه على الجميع فهؤلاء بالامس كانوا في احضانه واليوم اجساد بالية تتوسد الثرى في غير اوان التوسد كامر طبيعي حينما يموت الانسان موتا طبيعيا بعد عمر قضاه مع الاهل والاحبة والصحاب اما وان الجميع يتوسد الثرى في آن واحد فان الامر فيه تدخل ليد قذرة ساهمت بقتلهم وتعذيبهم قبل الموت جميعا تاركة ذلك الاب مفجوعا منكوبا بالاعزة والاحباب والاكباد و لما يزل ينتقل من قبر لاخر ولو لم يكن الزائر بقربه يحاول ان يخرجه من المكان بقوة واهتمام لبقي هذا المكلوم كما كل مكلوم آخر الدهر كله يفعل ذلك وقد يقوم بدفن نفسه قرب اصغر اطفاله فهي مؤودة سألت باي ذنب قد قـُـتلت..كلما قطعا شوطا من الطريق الطويل يختلس الرجل المكلوم بفلذات كبده النظر ويلتفت الى تلك الترب الدامية والتي توسدها الاحبة والاكباد التي كانت بالامس تمشي على الارض وتلعب في السهول وتمتطي البغل والحصان والعربة ومنهم من كان يشرب الحليب من رضاعته وامهم الحنونة بطيب خبزها الذي تتقن خبزه على الصاجة , تلك الام المخلصة لزوجها وابنائها والمشاركة له في حلو الحياة ومرها ..توارى كل شئ عن انظارهم الا ذلك الجبل فكلما ابتعدوا عنه كلما برز بشموخه وهيبته وبريق صخوره وبما احتواه سفحه من اجساد لتلك الاحبة الاعزة ..كان رحالا واحدا واليوم يشاركه في رحلته رحال اخر وان كان ابن البلاد وتلك الروابي والشعاب ولكنه يشترك معه في البحث عن الحقيقة حقيقة تلك الاحبة والقرى والاصدقاء وحقيقة مايجري هناك من دواهي ومحن ..الزائر وقد انسته محنة صديقه الجديد ما مضى مما راه في تلك القرى التي تركها قبل ان يصل الى حيث هو الان من مكان وزمان وتماثيل وكان الامل يحدوه ان يرى قرى تعج بالحياة وكان امله في ان يلتقي احدهم وهو يتقن لغة من اللغات العالمية لكي يحدثه قليلا عن تاريخ وحضارة تلك البلاد ولاقوام التي تسكن تلك المناطق واصلها وفصلها وتراثها وادبها وشعرها وعلومها ورجالتها وحروبها فقد مر وقت طويل لم يحرك لسانه في كلام سوى تلك التمتمات والكلمات التي يتكلم بها مع نفسه في بعض الاوقات التي مرت بسرعة ..اخيرا استبشرالزائر خيرا فها هي تباشير الامل وقد لاحت وان كان الامر يشي بضيق في التنفس ولكنه حسبه بقايا تلك الوعكة التي المت به سابقا فتلك قرية في الافق لاحت كان فرحا ولكن وجه صاحبه بدأ يتعكر وكأنه مقبل على كارثة فقد كان وجلا من امر جلل قد يكون بانتظاره ..انتبه الى نفسه فمن غير اللائق ان يفرح وصاحبه ورفيق دربه الجديد حزين مطبق الجبين وجلا مرتعبا يحاول ان يخفي هواجسا ما في داخله يفهم هو ملامحها في وجهه وتصرفاته فقد الف بعض تصرفاته واصبح الزائر يميز بعض مايبدر من الرجل الطيب وان لم يتكلم فقد احبه كثيرا واستانس به وكأنه يعرفه منذ زمن طويل ..كانت لحظات عصيبة على الرجل المنكوب ولكنها غير ذلك على الزائر الغريب فالاثنان كل له نظرته للقادم فهذا يبحث عن الاهل والدار ومن بقي فيها من الجيران والخلان والصحاب والزائر يبحث عن الحقائق كما هي ليضيفها الى موسوعته المعرفية ..كان الزمن وقد اوقف مسيرته وانحنت الجبال ودكت الارض دكا وخرت بصم صخورها الى الارض حزنا وفاضت الانهار من دمع السماء وامتلأت السهول بتماثيل لعشرات الالوف من الاجساد المبعثرة هنا وهناك بعضها لازال مبتسما وبعضها يرضع حليبا جف الفم ولم يجف الحليب وهناك وحمارا لم يقوى على الحركة وهو من كان يحرك العربات ناقلا الاحمال والرجال الرجال فامسى لايقوى على حمل نفسه ..اما المكان فهو انتقالة من جبل الى سهل الى قرية الى الى الى فلا وجه للاختلاف بين هنا وهناك وان كان الزمن يتغير ولكن الامر يشي بان هناك من يصر على حرمان الزائرواي ضيف قادم من رؤية اي احياء سوى الرجل الباكي بجانبه وكأن اقداما ً ما تسرع الخطى تسبقه فتحيل الاجساد الحية الى اعجاز اجساد خاوية الى صرخات تدوي عبر التاريخ والزمان الظليمة الظليمة ...تلك هي اذن انفالات سماها المجرمين زورا وبهتانا فقرآن فيه روح المسيح وموسى وابراهيم ووو عليهم السلام لايمكن ان ترضى بالذي حصل ..هذا ماسمعه الرجل بعد ان ضج وقرف وهم بالرحيل والهروب من تلك البلاد الصامتة عن البوح عن الحقيقة تلك الحقيقة التي فهمها بعد ان ودع الرجل الطيب والذي اوصله الى حدود تركيا هاربين سوية بعد ان ايقنوا ان الطغاة احالوا كل الحياة هناك الى تماثيل حية ولكنها صامتة فاقدة للروح والحركة تنتظر من يهيل عليها الترب ..التقى الرجل الضيف هناك بمن استطاع النفاذ من تلك الملحمة الدامية وعندها سمع الحقيقة الكاملة والتي كان شاهدا على نهايتها المروعة ... الرجل ترك لكم الادلة على ماقيل وزوده الكثير باكثر مما رآه وسمع ان الامر يعني كل شبر في تلك الارض المنكوبة من شمالها الى الجنوب لا بل تعداه الى خارج الحدود ويقال الى عنان السماء ...هي ليست حكاية من الخيال وان صغتها باسلوب قصصي ولكنها الحقيقة النموذج لعشرات الالوف من هم مثل هذا الرجل الطيب وحتى التقيكم برحلتي في شعبان الدامي اتمنى لكل قطرة دم سالت على ربى العراق الطيبة ولكل روح فاضت وهي مظلومة الجنان والخلود الدائم فيها ..لمن يشكك بتلك الحكاية اترككم مع القصة بالدليل الدامغ وعلما ان كل الحكاية قد وقعت تحت راية صدام المجرم وخرقة مايسمى علم العراق البالي وحاشا لذكر الله فيه والذي زُج زَج الخبثاء اللقطاء الغدرة الفجرة و الملطخة ساريته بتلك الشواهد الدامية , ودماء اخرى لازالت منسية..*http://www.pukmedia.com/video/mamand.htmlhttp://www.pukmedia.com/video/anfal2.htmlhttp://www.pukmedia.com/video/anfal3.htmlhttp://www.halabjamonument.com/alboom/alboom%201/album0.htmlhttp://www.halabjamonument.com/alboom/alboom%202/album0.htmlhttp://www.halabjamonument.com/alboom/alboom%205/album0.htmlhttp://www.halabjamonument.com/alboom/alboom%206/album0.htmlhttp://www.halabjamonument.com/alboom/alboom%203/album0.htmlhttp://www.halabjamonument.com/alboom/alboom%204/album0.htmlhttp://helebce.4t.com/http://arabic.rnw.nl/data/2006/images2/2082006162.jpghttp://www.pukmedia.com/anfal/swaranfal/23%20(Custom).jpghttp://www.ebaa.net/khaber/2003/05/20/images/3-2.jpghttp://www.pukmedia.com/anfal/wthaiq/image001.htmاحمد مهدي الياسري
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك