قاسم محمد الكفائي عراقي مقيم في كندا
خلقَ اللهُ سبحانهُ الحياة َ وأودَعَ بعضا من أسرارِها في الرجال ، وقد عُرفوا فيها . لكنها تبايَنت على نَمطٍ من الثقافةِ والمُعتقدِ والأدراك . فبينما نجدُ إنسانا تميّزَ في علمهِ وتفوّقَ على الآخرين وهو مُتخلّفٌ في صبرِه والتزامِه وشجاعتهِ ، لنجدَ الآخرَ الذي وَرثَ العلمَ والشرفَ والكرامة َمن أصول أسرتهِ والمُعتقد يحملُ خشبة َموتهِ على كتفيهِ يقينا منه أنه قد يلحقُ برَكبِ أجدادِه الذين ضَحوا من قبلهِ انتصارا لكرامةِ الأنسان ، ووقوفا بوجهِ الباغين الظلمة . هكذا كانَ آل الحكيم من أهل بيت السيد محسن الطباطبائي .
فالسيدُ عبد العزيز الحكيم الذي وافاهُ الأجلُ اليومَ هو واحدٌ من أبناءهِ وآخرُهم من الذين قضوا شهداءَ في الأغتيالاتِ أو الأعدام في سجون الطاغوت والجاهل المُستبد بالوراثة صدام حسين . فكانوا قرابين على مَذبح الحُرية كنموذج ٍ سلكهُ من قبلِهم الأنبياءُ وأجدادُهم المَعصومين عليهم سلامُ الله . لقد عرفَ العراقيون جميعا طراوة َ الحُب الذي حملهُ سماحة ُ السيد عبد العزيز لهُم بروح ٍهذبَّها الدينُ ، وصَقلها الألتزامُ الوطني الذي لا يعرفُ الفرقة َبين أبناء الوطن الواحد . عاشَ السيدُ الفقيدُ في كنفِ والدِه شابّا يافعا في مدينة جده الأمام علي بن أبي طالب - ع - النجف الأشرف ، وتعلمَ منهُ محاسنَ الصفاةِ في العلم والورع ، وتعلمَ من أخيهِ الشهيد الراحل مُحمّد باقر الحكيم ضروبَ القيادة والصبر ، وكيف يكون مظلوما غيرَ مهزوم في مسيرةِ الكفاح التي وَرثها عَنه .
ترَكَ فقدُه اليومَ ثلمة ً في مسيرتِنا الوطنية ، خصوصا وأن العراق يعيش محنة التدبير السياسي والأمني ، لكن وفي نفس الوقت فأنهُ عزّز فينا ثوابتنَا الحميدة التي نرتكزُ عليها بوَحدتِنا وتماسكِنا للوقوف بوجهِ الصِعابِ ، والمخاطرِ التي يُصَدرها الى الداخل حثالى الطواغيت الرجعيين لضربِ هذا التماسُك وبعثرةِ كلمتِنا ومستقبلِنا . كما صنعَ فقيدُنا الراحل لنا نموذجا حيّا وقويّا من أبناءه ومريديهِ المخلصين ، فكانت بعضا من أسراره . سلامٌ عليكَ سيدي يا فقيدَ الوطن يومَ ودّعكَ شعبُك واستقبلكَ بارئُك ، ولا جعلَ اللهُ رحيلكَ آخرَ العَهدِ بيننا . إنا لله وإنا اليهِ راجعون .
https://telegram.me/buratha