المقالات

متى تستعيد الأجهزة الامنية دورها الوطني في الامساك بالعاصمة ؟.

950 14:55:00 2009-08-23

عبد القادر محمود

على رتبة من ستقرع اجراس الأقالة وقد تعددت الأنتقادات الصادرة عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ومجلس النواب والشارع وهي توزع تهمها على هذا الجهاز الأمني اوذاك والشارع في حيرة والعراقيون مأخوذون بهاجس الموت بعد ان لاح لهم هاجس الحياة ثم اختفى على وقع التفجيرات الأخيرة .. كان العراقيون يتمنون استمرار الهدوء النسبي في العاصمة وهو يلوح بأكف مرتعشة بسبب سنوات الأرهاق الأمني .. مثلما كانوا يترقبون بداية دورة سياسية يمارس فيها الأعتدال الوطني دوره في بناء النظام العادل .. لكن ها هو ( الهلال ) يلوح من جديد معلنا" صوم (رمضان) في حين بدأت رايات الخرق الأمني تلوح على وقع مئات الجثث واستهداف الوزارات السيادية .. ولا احد يستطيع وضع الأصبع على علة هذه الخروقات الا بعض اشارات صدرت هنا وهناك هدفها التنفيس عن احتقان شعبي وليس الهدف العمل على تأشير السبب الذي اودى بهذا المأزق الأمني الكبير .

التفجيرات الأرهابية الأخيرة درس امني بالغ وخسارة كبيرة لأرواح الأبرياء من ابناء الشعب العراقي وهزيمة لمخطط امني احادي الجانب ولم يكن العراقيون يعرفون ان الدفاع والداخلية لا دخل لهما بأمن بغداد لكنهما مسؤولان عن الملفات الأمنية في الموصل وبابل وتلعفروالأنبار الا بعد ظهور الوزيرين وان المسؤولية تقع على السيد ( كنبر ) الذي بدى وهو يتسلق جسر المالية المنهار كمن يبحث في الأنقاض عن رتبة عسكرية سقطت وسقط معها قرار قيادة عمليات بغداد !!.كيف دخلت الشاحنات المحملة بالموت والديناميت وشظايا التكفير ونصوص الكراهية والقيادة العسكرية العراقية تطالعنا كل نهار بمرافعات الدفاع عن المكاسب الأمنية المتحققة والأجراءات العسكرية الحازمة ومعطيات خطة فرض القانون وان الأعداء اصبحوا وراءنا وان السيارات المفخخة اصبحت في الغابرين وان الأمن في البلاد معافى ولا احد قادر على كسر شوكة الأجهزة الأمنية ؟ . كيف استطاعات هذه الشاحنات اجتياز اجهزة السونار التي صرفت عليها ملايين الدولارات من اموال الشعب العراقي والوصول الى جسر المالية ووزارة الخارجية وتحطيم الواجهات وذبح الناس ؟.هل تعطلت تلك الأجهزة في اللحظة التي مرت فيها شاحنات الطريقة الدورية ومفخخات البعث والقاعدة ولم يرها احد وذهبت لتلقي سلام الأكفان على ارواح الأبرياء ؟. هل يعلم المواطن العراقي ان الدفاع والداخلية تستهلك ما قيمته (9) مليارات دولار سنويا" من الناتج القومي في البلاد لشراء الأسلحة والمعدات وتوزيع رواتب على مليون منتسب في القوات المسلحة العراقية ؟.

والسؤال ..هل من حق المواطن العراقي ان يسأل اين تذهب هذه المليارات من الدولارات اذا كان المليون عسكري وعشرات الآلآف من منتسبي (11) جهازا" امنيا" في البلد على رأسه لواء بغداد ومكتب القائد العام للقوات المسلحة هم الذين يتولون الأشراف على ادارة الملف الأمني للعاصمة ؟. لماذا هذا الأنهيار المفاجىء لهرم الأمن في بلد غالت قيادته السياسية بتوصيف القدرة الأمنية درجة اقنعت القوات الأمريكية وكبار الجنرالات الأمريكيين بضرورة اعطاء فرصة للعراقيين الأمساك بالملف الأمني ؟. هل الأنهيار بنيوي ستراتيجي يمس اساس العقيدة الوطنية ام المسألة لها علاقة بالرتب العسكرية ونزاهة القيادات والمعرفة بأحوال القيادة والسيطرة وامور السلم والحرب في بلد لم يزل يعاني من دورات العنف وحروب الأخرين في ساحته المحلية ؟. نقولها بصراحة .. الأمريكان اخطـوا في تسليم الملف الأمني للعاصمة وربما هو الغرور الأجوف الذي داهم القيادات الأمنية و العسكرية وهي تقيم مهرجانات تسليم الملفات الأمنية في العاصمة والمحافظات مع ان الفكرة ( تسليم الملف الأمني ) قامت على اساس جهد امريكي حربي واستخباراتي اجنبي وليس جهدا" عراقيا" خالصا" والكل يتذكر كيف نجح باترويس في تجفيف منابع اقتصاد الجماعات المسلحة والقضاء على ما نسبته ( 80% ) من ظاهرة الجماعات في الشارع العراقي . اريد ان اقول .. ان الأنسحاب الأمريكي من المدن وما رافق هذا القرار من  ( مظاهر فرح عارمة ) وتوصيف سياسي بـ ( اليوم التاريخي ) كشف ( خلل) الأجهزة عبـــر ( سقوطها) في اختبار شاحنات المالية والخارجية !!.

لقد تسلمت الشرطة والجيش و الأجهزة الأمنية الملف الأمني من القوات الأمريكية بجهد الأمريكين لا بجهدها الشخصي ..وظنت ان المستوى الأمني المتحقق يعود لها و لا يعود لجهد القوات الدولية وحين سارعت القوات الأمريكية الأنسحاب من المدن اسرعت القيادات الأمنية والعسكرية العراقية الى القول انها على اتم الأستعداد لملأ الفراغات الأمنية لكن وزير الدفاع كان اذكى من كل هذه التصريحات حين اكد ان طلب استدعاء القوات الأمريكية بالعودة ثانية لبغداد سيبقى قائما" .. والسبب الذي كنا نجهله ويعلمه الوزير عبد القادر ان مسؤولية ادارة الملف لم تكن بيده ولا بيد الداخلية وان الأستدعاء هو حصيلة خبرة ميدانية ليس لديها ثقة بالأجهزة الـ (11) التابعة لمكتب رئيس الوزراء وليس بالقوات العراقية من شرطة وجيش وهي مجردة من الفعل غير قادرة على تحريك شاحنة فيما الشاحنات المفخخة تجوب شوارع بغداد بلا رقيب وبلا سونار ( مال اوادم ) !!.

يجب ان نعترف ان النظام الأمني الذي بني في ( الأعلام ) لم يكن بمستوى التحدي المحلي ولم يكن بدرجة العنف الأصولي وموجاته العاتية القادمة من السعودية وبلدان المحيط العربي المجاورة .. نظام يعتمد الكثرة العددية ويقع تحت تأثير صدمة المحاصصة الطائفية وفي جو مشحون بالأنقسام لا يمكن لجهاز شبيه ان ينفذ دوره القومي او ان يؤدي واجباته الوطنية بنـزاهة الرجال.  الأنهيارات الأمنية لم تبدأ بموجة الشاحنات الأخيرة والعصف الشديد الذي اصاب استرخاء الأجهزة وهدوء المؤسسات الأمنية .. بل بدأت في الحقيقة حين صدم الأرهاب ومجموعاته مدينة الأنبار وخلف المئات من الجرحى والشهداء ومخلفات خراب مذهل في المباني والبنية الأقتصادية والأجتماعية في البلاد مثلما طال تازة وتلعفر التركمانيتين وجاس الديار في عروبة الموصل واستهدف طيبة الثياب البيضاء والتطهر بالـماء لا بالدم لأبنـاء الشـبك.

والى ما قبل هنيهة من عمر المذبحة البغدادية المحملة بشاحنات الموت تناقلت المرئيات العربية قبل العراقية سقوط الشهداء والجرحى في الحلة .. والأرقام تشيد الى (550) جريحا" وعشرات الشهداء !!. هل هذا عجز بنيوي في الأجهزة الأمنية ام هو محاولة للنيل من المتحقق خلال اربع سنوات من عمر الحكومة الوطنية برئاسة السيد المالكي ؟ .قبل ان نتحدث عن ( ظاهرة المديح من الشعر العربي ) يجب ان نتحدث عن ظاهرة (الهجاء) في الشعر العربي اي ان نشير صراحة لظاهرة العجز الكبير الذي تعانيه الأجهزة الأمنية وهي ظاهرة لها اسبابها مثلما لها معطياتها في اداء مجمل الوزارات الأمنية . لا نعدم ما تحقق خلال السنوات الأربع الماضية لكن لا ينبغي اغفال الخروقات الأمنية اذ تشكل في ميزان المقاربة دليلا" على وجود مشكلة حقيقية عجزت القيادة السياسية في البلد عن حلها ولو كانت المسألة خلاف ما نعتقد لما تردى الوضع الأمني خلال ساعات و دخلنا انذار (ج) ولو كانت التفجيرات استمرت ساعات اضافية يعلم الله وحده كيف سيكون عليه حال البلد !!.

واذا كانت الحكومة عجزت عن مهمة تقليص حدود الفساد المالي والأداري وتمرير صفقات بملايين الدولارات يتقاذفها ابناء اخوان محافظين واشقاء واعضاء مجالس بلدية ووزراء فانها ستكون اعجز امام الأرهاب العربي والبعثي .. فلا يصلح العطار ما افسد العجز ! . ان الأرهاب البعثي لا يستثني احدا" من العراقيين فهو يقتل السنة ويستهدفهم في بيوتهم ومؤسساتهم مثلما يستهدف الشيعة .. هدفا" استراتيجيا" في الخطة. والا لو كان البعثيون والقاعدة ( رحماء بينهم ) لما استهدفوا وزارة المالية ووزارة الخارجية اللتان تشير الأرقام الى وجود غالبية عددية سنية في الكوادر العاملة بهما . هذا الأرهاب يستهدف العملية السياسية والمصالحة الوطنية والمساواة والحرية والأستقلال والسيادة والديمقراطية وجهود العبور بالعراق من مأزقه السياسي والأقتصادي والأمني الراهن قبل ان يستهدف الوزارات والمؤسسات والجسور والمبــاني والشوارع ...  قبل هذا استهدف الأرهاب اصبع الحسين ولا غرو ان يستهدف بعد ( 24) قرنا" الأصابع البنفسجية للأتباع المخلصين من السنة والشيعة وسائر العراقيين ..

ان اتباع الحسين هم المستهدفون وهؤلاء الأتباع موجودون في النقل والتربية والمالية والخارجية في الجبل والسهل والمدينة والأهوار ، في بغداد والرمادي وكربلاء وحديثة وفي ضمير ابو ريشة ومحمد باقر الصدر وحارث العبيدي وعبد العزيز البدري وقادة البلد المخلصين العاملين على بناء العراق لا الأرهابيون و المتعاونون مع خلايا الدم في تورابورا ومنطقة القبائل !. الى بقاء القائد المهزوم في موقعه تكريس للخطأ وتبجيل للمنكسر وتتويج للضالعين في التغطية على جريمة الأربعاء السوداء . هذا المقال يضم صوته لمجمل اصوات الشارع وعدد من النواب وقيادات امنية مخلصة وشخصيات وطنية من كل التيارات العراقية في المطالبة بأقصاء عدد من الضباط الكبار والوزراء الأمنيين المسؤولين على الأرتكابات الأمنية الأخيرة لا الأختباء خلف اقالة ضباط صغار لا حول لهم ولا قوة ولا يشكلون (نسبة ) امنية مؤثرة في مييزان المرافعات الأمنية .

كل المؤشرات ( الأعلامية ) و( الجماهيرية ) و ( النيابية ) واصحاب الرأي السياسي تشير بأصابع بنفسجية للسيد قائد عمليات بغداد ومن يقف وراءه فالرجل هو المسؤول عن الأمن في بغداد مع عدم تناسي طابع ( الغفلة) الذي يميز عمل بقية الأجهزة العسكرية والأمنية في بابل والانبار والحلة التي هي من حصة الدفاع والداخلية . ان الأرهاب لا يعالج بالمحاباة او مدارات هذا الفريق والتسامح مع هذا اللواء او القبول ( بمرافعات كلامية ) يجيدها مثل هؤلاء الضباط في مرحلة التملص من الخيبة الأمنية امام البرلمان واذا ارادت القيادة السياسية الخروج من المأزق الحالي فلا ينبغي التوقف عند حدود ادانة العمليات الأجرامية ـ وهي ادانة مستهجنة لأن الدولة لا تستهجن ـ بل تعمل وتنفذ وتعاقب ، واذا لم تجر تغييرات في وجوه قيادات الملف الأمني ورتب قرار الامساك بالعاصمة فأن بقية الحديث عن مكاسب حكومة الوحدة الوطنية سيبدوا حديثا"مخجلا" بالقياس الى حجم المتحقق ( اصوليا" وقاعديا" وبعثيا" ) .. فهل ستجري تغييرات يطلبها الشارع ويطالب بتنفيذها بحق رؤوس في الملف الامني مثلما يطالب بتعليق رؤوس الارهاب في شوارع بغداد ؟.الأيام والشاحنات.. بيننا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك