بقلم:محمد التميمي
في اي بلد من بلدان العالم لو حصل عشر ما يحصل في العراق، لقدم اكثر من مسؤول كبير استقالته حالا.قبل عدة شهور اعلن وزير المالية الياباني استقالته من منصبه بعد ضبطه نائما في اجتماع رسمي كان يمثل فيه بلاده.وقبل عدة شهور قدم مسؤول امني كبير في بريطانيا استقالته بعد ان نشرت له صورة وهو يحمل وثائق سرية للغاية بطريقة تظهرها واضحة للعيان. وهكذا هناك المئات من الامثلة والمصاديق على استعداد مسؤولين كبار في العالم الغربي لتحمل مسؤوليات وتبعات اخطاء قد لايكونوا هم المسؤولين مباشرة عن حدوثها ووقوعها، او سلوكيات قد لاتؤثر كثيرا على المصالح العامة، ولكن شعورهم وتقديرهم لطبيعة واهمية مواقعهم الوظيفية وطبيعة ارتباطها بالمصالح العامة، تدفعهم للتضحية بتلك المواقع مع ما بها من امتيازات ومكاسب.
ولكن عندنا في العالم الثالث، وفي العراق بالتحديد الامر مختلف، فالبلد يحترق ويتدمر وتزهق ارواح مئات والاف الابرياء وتسيل الدماء انهارا وليس هناك من المسؤولين الكبار المعنيين من يكون لديه استعداد وشجاعة للاعتراف والاقرار بمسؤوليته والتقدم بالاستقالة وفسح المجال لمن قد يكون اكثر كفاءة او حرصا او اخلاصا منه، وفي احسن الاحوال فأنه يبحث عن كبش فداء، واناس يعلق عليهم المسؤولية، وكأنه مصون غير مسؤول مثل ملوك اوربا في القرون الوسطى. واحداث الاربعاء الدامية خير دليل على ذلك، وكلنا استمعنا للمسؤولين عن الملف الامني وهم وزراء الداخلية والدفاع والامن الوطني وقائد عمليات بغداد، فضلا عن القائد العام للقوات المسلحة، لم يتحدث اي منهم عن تقصير لديه او ضعف او تلكوء، بل الجميع اجهدوا انفسهم في البحث عن تبريرات وذرائع واهية، وكأنهم يضحكون على الضحايا وذوي الضحايا، ويقولون لهم لن نترك مناصبنا وامتيازاتنا حتى لو احترق العراق من اقصاه الى اقصاه!!.
وافضل نموذج على ذلك وزير الداخلية جواد البولاني الذي عبرت ابتسامته الصفراء وهو يسير متبخترا ومحاطا بأفراد حمايته والمتملقين له، في وقت لم تعد هناك مساحة للفرح والضحك والبهجة بعد الذي حصل، عبرت تلك الابتسامة الصفراء عن صلافة وانعدام الشعور بالمسؤولية، واستهانة بأرواح دماء الناس الابرياء. كيف لايكون الامر كذلك، وهو الذي كان متواجدا في بلده الاول "الامارات العربية المتحدة"، حيث الراحة والاسترخاء والصفقات التجارية والصفقات السياسية، التي لاوجود لشيء اسمه العراق بين طياتها، بل اسم جواد البولاني ، واسم حزبه البائس، الذي لم تنفع لا الاموال الاماراتية ، ولا مؤامرات مخابراتها في تسويقه في الانتخابات السابقة.
من المفروض ان لايعفى البولاني من منصبه، ولا ان يطلب منه تقديم استقالته، ولا ان يظهر في مؤتمر صحفي ليقول سنعيد النظر بخططنا الامنية، بل المفروض ان تنصب له مشنقة امام وزارة الخارجية او وزارة المالية، وعلى انقاض وركام اشلاء الضحايا والدمار والتخريب، لان هذا هو الذي يستحقه، والا ماذا كان يفعل بالامارات، والبلد المسؤول هو عن امنه يحترق ويحرق ابنائه؟.
https://telegram.me/buratha