سعد الكاتب
في الدول المتقدمة قد يستقيل موظف لانه اخطا في املاء كلمة ..وقد يستقيل مدير شركة لان شركته خسرت صفقة نتيجة لسوء تخطيطه ..ويستقل وزير اذا ثبت ان وزارته لم تحقق رقما معينا في انجاز لمشاريع .. ويستقيل رئيس حكومة اذا ما تبرم الشعب من اداء حكومته او ثبت فساد في احدى الوزارات التي يقودها ... في تلك الدول السمؤول يعتبر قائدا ...يتحلى بروح القيادة ويملك شجاعة اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ..
المسؤول يعتبر نفسه هناك كمدرب فريق كرة القدم الذي اذا خسر فريقه مباراة مهمة يعلن انسحابه من مهمة التدريب دون البحث عن ذرائع لتقفوق الخصم ..فان تكون مدربا يعني ان تتخذ كافة التدابير للفوز .. المدرب هناك لا يفتش عن اسباب يقنع بها جمهوره لانه يعرف ان الجمهور لن ينتظر تلك الاسباب بقدر ما ينتظر فوزا يحققه هو او اي مدرب اخر سواه .. وعلى هذه الشاكلة تعمل المكاتب والمؤسسات والصحف والحكومات واجهزة الامن والمخابرات ..فمن الطبيعي ان تقرا ان وزيرا للنقل قد استقال من منصبه لان طائرة قد تحطمت حتى لو كان السبب عاصفة هوجاء او ظروف جوية غير طبيعية ..انه يعتبر تلك الاستقالة ابسط ما يمكن تقديمه لاعلان تعاطفه مع ذوي الضحايا وتضامنه معهم ..
فمتى يعلن مسؤولونا تعاطفهم مع ذوي ضحايا سقطوا نتيجة لخروقات كبيرة في اجهزتهم الامنية التي يديرونها مباشرة ويشرفون عليها ..؟ ولماذا لا نسمع ان مسؤولا قد استقال ..وهل سيفعل ذلك احدهم ؟ هل يملك الاخرون ضمائر وانسانية اكثر مما نملك .؟ ام انهم لايفهمون المنصب كما نفهمه ..؟ هناك قد يستلزم الامر سنين طويلة وخبرة وعمل جاد وفاعل ليرتقي المسؤول الى رتبته ...فيما لا تستلزم المسالة لدينا غير ان تكون من جماعة فلان او من عصابة علان لتصبح مسؤولا في اي مركز من مراكز القرار والسلطة ..وحفظ دماء الناس وممتلكاتهم .. ولهذا السبب يعتبر الجميع انهم غنموا هذا المنصب ...لهذا يتمسكون به بايديهم واسناناهم اللهم اذا اذا اجتثهم من فوقه زلزال مدمر او اعصار عاصف ..هناك غير هنا في كل شيء ...والغرب غير الشرق والشمال البارد غير الجنوب الساخن ..من يرتقي المنصب هناك يجد فيه عصارة السنين وحصيلة التعب والجهد المضني ولهذا السبب يبذل كل مافي وسعه ليرتقي نحو الافضل وليشعر بالنجاح الحقيقي الذي افنى عمره من اجله ..
ولهذا السبب يبادر فورا للانسحاب عند اي خلل لان نجاحه يكمن في موقع اخر.. الامر عندنا مختلف تماما .. فمسؤولنا لا يمكن ان يجد نعيما كالنعيم الذي يدركه حين تهبط عليه منة الانتماء والولاء ..او الصدفة.. نعود الى السؤال الاول متى يمكن ان تكون لدينا ثقافة استقالة ؟ ومتى يشعر مسؤولنا الامني بتانيب الضمير حين يخطا في تقييم الوضع فيدعي انه مثالي وان الارهاب قد اندحر وتراجع وانقصم ظهره .. بل متى يشعر بالخزي حين تطارده دماء الضحايا الذين وقعوا نتيجة لتعاون او تواطؤ او اهمال يرتكب في مؤسسته او وزارته ؟ لا اعتقد اني املك الجواب ..ولا انتم ... فهناك يوجد ضمير ...اما هنا ... فلست ادري ان كانت علب السردين الفارغة تسمى ضمائر ..يا قادتنا الامنيين ..
https://telegram.me/buratha