صادق سالم
النهروان هي إحدى نواحي مدينة بغداد حيث يبلغ تعداد سكانها أكثر من 150 ألف نسمة , وبالرغم من أنها تعتبر من المناطق الصناعية المهمة إلا أن اغلب سكانها يعيشون تحت مستوى الفقر بكثير. أما أهميتها الصناعية فلأنها تشتهر بصناعة الطابوق ودباغة الجلود حيث يوجد فيها أكثر من 1000 معمل لصناعة الطابوق وعشرات المدابغ , واغلب سكان المنطقة يعملون كعمال في هذه المعامل والمدابغ بأجور لا تكاد تسد رمق العيش .ورغم الأهمية الصناعية لهذه المنطقة فقد عانت من الحرمان والفقر والتهميش المتعمد في عهد النظام السابق وأيضا في عهد ( العراق الجديد )!فقد عانت هذه المنطقة كما باقي مدن العراق الكثير الكثير من ويلات النظام السابق من حرمان وفقر وتهميش واعتقالات وقتل على الشبهة وظلم البعثيين وغير ذلك , وعندما سقط الصنم و جاءت حكومة الحق حكومة القانون حكومة الإسلام حكومة الحرية وغيرها من تلك المسميات التي كانوا ينادون بها رقصوا فرحا بقدومها في شوارعهم الموحلة واستبشروا خيرا وهم يظنون أن العذاب وويلاته قد ولت ولكنها في الحقيقة قد بدأت للتو .فأول الغيث تساقطت عليهم قذاف هاونات الحقد الأسود من أذناب البعث والعصابات الإجرامية الطائفية التي استكثرت عليهم مجرد الفرح , وبغياب القانون بدأت هذه العصابات بهجمات منظمة على معامل الطابوق ومحطة الكهرباء وأخذت تمارس القتل والخطف دون أي تصدي من القوات العراقية وكان الأمر يحدث في جزر(( الواق واق )) أو على سطح القمر, وبقيت المنطقة تقاتل بأبنائها فقط ولم يلتفت إليهم أي مسؤول حكومي عدا النائب ( محمد كاظم الحميداوي ) الذي صرح على قناة العربية الفضائية في أثناء أشرس الهجمات الإرهابية انه ظل يتصل بالمسئولين الحكوميين لإنقاذ الوضع طيلة يوم كامل ولم يجد أي استجابة من أي احد . المهم ان أبناء المنطقة استطاعوا طرد الإرهابيين الذين دمروا محولة الكهرباء الوحيدة الموجودة في النهروان وهكذا عاش أهالي النهروان من دون كهرباء لفترة من الزمن دون أن يتدخل أحد من المسؤولين محاولا إنقاذهم حتى تحرك الدكتور ( احمد الجلبي ) مشكورا وأرسل إليهم المحولة التي لا زالت تعمل إلى الآن, وبعد انقضاء تلك المرحلة تذكرت الحكومة العراقية أن النهروان مدينة عراقية وأرسلت ( لاحقا ) قوات الجيش والشرطة لحفظ القانون واستتباب الأمن !!!؟؟وبعد أن التقط أهالي المنطقة أنفاسهم من مرحلة الإرهاب نظروا حولهم فوجدوا أن الخدمات المقدمة إليهم تكاد تكون معدومة بل تكاد تكون خدمات النظام السابق أفضل من خدمات النظام في (العراق الجديد ) فلا شوارع مبلطة إلا ما ندر ولا مدارس جديدة ولامياه شرب صحية وكافية, بل إن أهالي النهروان يشترون الماء حتى اليوم!! فسعر برميل ماء التنظيف يصل إلى ألف دينار وبرميل ماء الشرب في بعض الحالات يصل إلى أكثر من إلفي دينار وعليه يتوجب على رب الأسرة صرف أكثر من ثلاثين ألف دينار شهريا لكي يؤمّن الماء فقط , أما ماء الإسالة الموجودة فهو عبارة عن حفرة أمام كل بيت حيث يقوم المسكين صاحب البيت بوضع مضخة الماء ا إلى جانب الأنبوب الرئيسي لكي يستطيع في بعض الأوقات أن يسحب الماء, أما إن كان الماء صحيا أو غير ذلك فهذا آخر ما يفكر به وفي أحيان كثيرة لا تصلهم قطرة ماء واحدة ولأكثر من عشرة أيام ودون أن يكلف أي مسؤول نفسه الإجابة عن تساؤل لماذا هذا الانقطاع ؟ وكأنهم لاشيء .ولو تركنا الماء جانبا وذهبنا إلى الكهرباء فالأمر أمر فالمحولة التي كانت تزودهم بالكهرباء الوطنية استخسرتها حكومة العراق الجديد عليهم وقالوا لهم سوف ننصب لكم مولدة حكومية سعر الأمبير سبعة آلاف دينار ولكل عائلة خمسة امبيرات فقط و لثماني ساعات فقط , ولان العملية تجارية ومربحة فقد تم نصب المولدة ( على التراب وليس على صبة نظامية ) وتشغيلها بسرعة خرافية لم يصدقها أهالي المنطقة , وأيضا ولكي يضمن ان الجميع سيشاركون في هذه المولدة فقد تم تقريبا قطع الوطنية عليهم إلا لثلاث ساعات أو أربعة في أحسن الأحوال وفي كثر من الأيام ولا ساعة كهرباء وطنية واحدة مما اضطر المسكين (أبو البيت) إلى شراء أسلاك الكهرباء ومدها والمشاركة في هذه المولدة لكي يضاف حمل آخر إلى مصروفه وهو خمسة وثلاثون ألف دينار يدفعها من قوت عياله القليل أصلا لكي تعطيه حكومة العراق الجديد كهرباء لثمان ساعات في اليوم فأين وزارة الكهرباء .هذا فقط لا بالتأكيد ففي جعبة النهروان الكثير ولنأخذ ألان لمحة واحدة فقط عن التعليم وخاصة المدارس الابتدائية ونقيس الباقي عليها, هل يصدق احد انه في الصف الواحد يوجد أكثر من خمسة وسبعين طالب !! بل في بعض الأحيان يصلون إلى التسعين !!؟ فأين أنت يا وزارة التربية ؟؟!و ماذا بعد..! هل ننتقل إلى الخدمات البلدية ؟! لن نجد شيئا ! وحقهم .. ماذا ينظفون وتسعين بالمائة من شوارع المدينة غير مبلطة هل يكنسون التربة !!؟ وبما انه لا توجد شوارع مبلطة فلا داعي لإنارة هذه الشوارع .فأين أنت يا أمانة العاصمة وهذه المدينة تابعة لك كغيرها من مناطق بغداد ولا تريد غير عشر ما يقدم لأي من تلك المناطق أو حتى نصف العشر( راضين بس تعالوا )!!!؟ولو استمرينا بهذا البحث سنجد ان فرسان السياسة قد نسوا ( أو تناسوا ) تماما ان أهالي هذه المنطقة التي لا تبعد عن بغداد أكثر عشرين كيلو متر عراقيين وعانوا الكثير وقدموا الكثير ولكن لم يقدم لهم أي شيء .فهل تعلمون سادتي الفرسان ان الظلم و الفقر والحرمان والتهميش هي أخصب تربة لبذور الشر¸ وان الإنسان عندما يصل حد اليأس سينجذب بسهولة لأي تيار يشده إليه مهما كان تطرف هذا التيار والأمثلة كثيرة في عراقنا الجريح .فهل تنتظرون حتى تتحول النهروان إلى بؤرة من بؤر الإرهاب لكي تمتطوا صهوات الدبابات وتشهروا أسلحتكم وتحركوا جيوشكم عليها وتدخلونها ظافرين بين اكوام الجثث ثم تعودوا بعد تدميرها وتحويلها الى سواتر و(صبات) منتصرين تتبادلون التهاني بفرض سلطة القانون وتتشدقون ببطولاتكم بدحر الإرهاب ؟! , أم تنتظرون ان يبيع بعضهم روحه وشرفه للشيطان لكي يحول النهروان إلى بطحاء أو تازه حتى يتحرك فيكم الكرم الحاتمي ونخوة الفرسان وترمون الملايين ذات اليمين وذات الشمال . لا سادتي الكرام لا يريد أهالي النهروان أي من تلك .. بل يريدون فرسانهم الذين انتخبوهم بدمائهم ان يتحركوا إليهم الآن.. ألان وليس بعد ان ( يطيح الفاس بالراس )
صادق سالم الوحيليعضو الهيئة الادارية لمؤسسة همم لبناء المجتمع المدني
https://telegram.me/buratha