( بقلم : المحامي طالب الوحيلي )
ياخذ الحديث عن المصالحة الوطنية في الشارع العراقي الكثير من المفارقات ونقاط التقارب املا في الخروج من هول الكوارث الامنية التي تحيط المواطن في حله و ترحاله وفي معتركه المعاشي الصعب في زمن تتنازعه الكثير من مراكز الجذب والنفور ،ومراكز القرار والتنفيذ وكل يعمل على شاكلته ،فالقوى السياسية التي فازت بالانتخابات وتولت فعليا ادارة البلاد ،تنازلت عن الكثير من مستحقات ناخبيها من اجل اشراك القوى الاخرى في قضية ادارة البلاد وحلحلة كافة نقاط الخلاف التي لايمكن ان تخرج عن بعد واحد يحاول فريق معين من التقوقع في داخله بالرغم من تبوئه اهم المراكز القيادية في السلطات الدستورية الثلاث ،ذلك هو البعد الطائفي الذي كلما نأينا عنه الصق بنا مهما كانت نوايانا تصب في اطارلا الوحدة الوطنية والتوافق المذهبي ،وقد تفرع عن هذا الامر شكل العنف السياسي (الارهابي) الذي ازدوجت فية الصرعة التكفيرية مع مخلفات الفكر الشوفيني البعثي ،فترافقا متآصرين عبر الكم الهائل من الجرائم البشعه التي ارتكبت تحت هوس تخريبي القصد منه تدمير ما امكن بناءه على انقاض خراب مستشري اسس له النظام البعثي وكمن في دهاليزه وركامه املا في اعادة تجربة اكثر خرابا ودمارا وقتلا للشعب العراقي بعد ان وطن عقيدته على ذبح الابرياء واحراق الآلاف بوسائل التفخيخ والاغتيال والخطف والفساد الاداري ،وما الى ذلك من مسببات لكل الاخفاقات التي يعاني منها الواقع السياسي والاداري ،الذي لابد من معالجته اللجوء الى القوة المفرطة، المرفوضة لدى القوى الوطنية المتصدية للعملية السياسية فضلا عن تحريمها من قبل المرجعية الدينية، حيث لايمكن العودة الى اساليب الماضي البغيضة، وكيف حكمت العراق طيلة العهود الدكتاتورية،وقد يتذكر ممن تابع خطاب السيد شهيد المحراب حين دخوله العراق فقد نادى (كفانا قسوة )وكان ذلك شعار هذه القوى رغبة في تجنب الفعل العنيف الذي لابد ان يخلف رد فعل اعنف ،وقد توالت التجارب والكوارث الدامية والمحرضة على اثارة الحرب والفتنة الطائفية ،وبالقدر الذي تصاعد فية نجد لها من يسعى لاطفائها والحيلولة دون الفعل التصعيدي المقابل .
كل كارثة وقعت يعرف ابسط مواطن الجهة التي وراءها ،وينتظر واهما ان يصدر موقف شاجب او مستنكر او رافض لها من قبل القوى الحاضنة للارهاب او الداعمة او المحرضة له وعلى رؤوس الاشهاد ،لكن المخيب للامال ان تجد من يميع الحقائق ويقلب الوقائع فيكون هو الضحية والمقتولين هم الجلادون ،اكثر من ثلاثة آلاف متهم متورط بجرائم قتل جماعي وتخريب واغتصاب وتهجير ،وهم مجرمون على كافة المقاييس والاحكام والاعراف والقوانيين ،ترتفع الاصوات المتباكية عليهم ويكون تقرير مصيرهم مزايدة في المشاركة في الحكومة او الخروج منها ،او يكون ذلك دفعة اولى لقبول مشروع المصالحة الوطنية ،فيما يفضل هؤلاء على آلاف القتلى واضعافهم من المدعين بالحق الشخصي ناهيك عن الحق العام الذي ضاع تماما فلا ناصر ينصره ولا معين،لانه حق قانوني يتوكل عنه الادعاء العام و يقرره القضاء العادل الذي بقي على مايبدو مأسورا بتقاليد لاصلة لها بالواقع ولا بمصائبه،فاين الادعاء العام ومجلس القضاء الاعلى من كل فعاليات المصالحة الوطنية واطرافها ؟!
يوميا نسمع ونشاهد ونقرء ان القوات العاملة على الامن قد القت القبض على العشرات من الارهابيين بل وتعلن اسمائهم بصفاتهم القيادية وبانتماءاتهم للمجاميع المختلفة ،ولكننا لم نسمع الا القليل من الاحكام القضائية بحقهم وهي لاتتجاوز الحكم بالسجن المؤبد لجزار بشري او الحبس لمن قبض عليه وبحوزته كميات هائلة من مواد التفجير والتفخيخ ،ويحضرني قرار حكم صدر بحق انتحاري تونسي يدعى هشام حسونه بشير اخفق في تفجير سيارته المفخخة في منطقة الكرادة ،وقد حكمت عليةه المحكمة الجنائية المركزية بالاعدام شنقا على وفق احكام المادة 194 من قانون العقوبات العراقي بموجب قرارها المرقم 1504/ج3/2005 وقد ارسلت الدعوى الى الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية برئاسة القاضي نعمان فتحي لتعيد التكييف القانوني للجريمة واستبدال العقوبة بموجبه الى السجن المؤبد بدل الاعدام وذلك بموجب قرار الهيئة العامة المرقم 10/الهيئة العامة/2006 ،لقد كانت الهيئة الموقرة رحومة جدا بالانتحاري التونسي الذي قطع تلك الفيافي والبراري من اجل ان يفجر جسده بسبق اصرار لقتل الكثير من ابناء العراق ،فمن يرحم بالعدالة هذه الايام وبالقانون الذي بات غريبا وبدماء الابرياء التي لارادع لمن يريقها .
الكارثة التي كادت ان تقع لولا مشيئة الله في يوم استشهاد الامام الكاظم (ع) كان يمكن لها ان الحد الفاصل للكوارث الارهابية لو ان في الجهة المقابلة حس وطني ووجدان ينبض بالروح الاسلامية ،لكن قلوبهم قد علتها اقفال صدئة فلا امل في ان تفتح ،ولعل الايام القليلة التي تلت تلك الاحداث كانت الاقل حوادثا في بغداد وفي بعض المناطق الساخنة وقد استبشر المواطن خيرا في استتباب الامن فيما سحب المراقبون ذلك الى نجاح الخطة الامنية ،ولكن بدل من استثمار هذا النجاح في تطويق الارهاب ،انجر ثانية وبصورة تنذر بمخاطر اكبر ،وكأن انفجار مرآب جريدة الصباح وتفجير حافلة نقل الركاب في شارع السعدون كان جوابا على مؤتمر عشائر العراق للمصالحة ،يتصاعد في اليوم التالي الى هجوم انتحاري بمحاذاة وزارة الداخلية موقعا خسائر فادحة ،ناهيك عن احداث متفرقة في المحافظات تشير الى ان المصالحة ينبغي ان تكون مع اطراف واطراف ابتداء من مجلس النواب ومرورا بالعشائر وبالاحزاب والطوائف والكتل والحكومة ووزاراتها والشعب والقوات المتعددة الجنسيات والعراق والامة العربية والشعب وقاتليه ودمت يرحمك الله ..
https://telegram.me/buratha